نظرات فى كتاب إرشاد الأنام لما جاء في الإسلام من حقوق ورحمة بالحيوان
المؤلف الحارث بن زيدان المزيدي وقد اختار الحديث عن عظمة الخالق من خلال هذا الكتاب فقال :
"وفيما يأتي ستظهر عظمة الخالق إذ وضع هذه الحقوق رفيعة المستوى وتظهر رحمته إذ جعلها منصبة لتحقيق المصالح ولقد اخترت الكلام (عما وضعه الإسلام من حقوق ورحمة بالحيوان)"
وبين أن هناك من سبق له التأليف فى الموضوع من القدامة فقال :
"ولقد سبق لبعض علماء المسلمين أن تناولوا بعض مباحث هذا الموضوع كالإمام السخاوي المتوفى سنة (902 هجري) حيث كتب (تحرير الجواب في ضرب الدواب) "
واستهل الكتاب بنظرة عامة عن الحيوان فى الإسلام فقال :
"1 - الباب الأول النظرة الإسلامية العامة للحيوان:
لقد بين الله في القرآن كثيرا من الآيات المتعلقة بالحيوان بل إن هناك سورة اسمها سورة الأنعام-وهي في الجزء السابع-ذكر فيها سبحانه بعض الأحكام المتعلقة بالحيوان وأكله وبعض الممارسات الخاطئة نحوه التي كان الناس يفعلها قبل الإسلام وبين سبحانه أن الحيوان أمة من الأمم لها حياتها وخصوصياتها فقال سبحانه " وما من دابة في الأرض لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم""
وفي هذا إشارة إلى رحمة الحيوان وعدم إيذائه أوتعذيبه أوقتله من غير حاجة ولا مصلحة بل إن فيما سيأتي بيان أن هذا الحيوان شيء محترم ومحبوب ولم يعتبره مخلوقا ذليلا مستقذرا
قال الله تعالى"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب"
وظهر ذلك أيضا في بعض الأحاديث التي تشبه الحيوان بالأمور المحبوبة للنفوس مثاله قول النبي (ص)" يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير "
وقال النبي (ص) "إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده يوم القيامة "قال السندي المراد روح المؤمن الشهيد كما جاء في روايات الحديث (وقوله طائر) ظاهره أن الروح تتشكل وتتمثل بأمر الله تعالى طائرا كتمثل الملك بشرا ويحتمل المراد أن الروح تدخل في بدن طائر كما في بعض الروايات (حاشية السندي على سنن النسائي)
فهذا ترغيب في الشهادة ومن ضمنه التشبيه بالطير ولو كان الطير الذي هو من الحيوانات شيئا مكروها لما شبهه به"
والروايات الذى أوردها المزيدى والتى تشبه نفوس الناس بنفوس الطير كاذبة لأن نفوس الناس مخيرة ونفوس الطير مجبرة والخطأ فى الرواية الثانية أن نفس المؤمن تكون طائر فى شجر الجنة يناقض تمتع المسلمين بمتع فى الجنة تحتاج لوجود جسم كالنكاح والأكل والشرب ومن ثم فالنفوس لا تكون طير فى شجر وإنما فى أجساد جديدة غير أجساد الأرض
وتحدث عن القطط فقال :
"وقال النبي (ص) عن الهرة "إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات" أي أن الهرة نظيفة في أصلها وليس شعرها أو لعابها بنجسين ..وصح عن زوجة النبي (ص) السيدة عائشة أنه جيء إليها بهريسة فوضع عندها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت - أي الهرة - أكلت -السيدة عائشة - من حيث أكلت الهرة وذكرت الحديث السابق
وكان النبي (ص) " يصلي على راحلته نحو المشرق " ...فهذه الأحاديث وغيرها تدل أن الحيوان من الأشياء المألوفة لا نجسة ومنبوذة وهذا هو الأصل وهناك بعض التقيدات كالخنزير ولعاب الكلب فإنهما نجسان ومنبوذان"
والخطأ فى حديث المزيدى أن الخنزير ولعاب الكلب نجسان فلا يوجد نص فى نجاسة أيا منهما وإنما النص فى نجاسة الكفار كما قال تعالى:
"غنما المشركون نجس"
ولا أدرى كيف يكون لعاب الكلب نجس وهو يصطاد للناس ما يأكلون ويغرس أسنانه فى جلود ولحوم الصيد وقد أمر الله بالأكل منه وفى هذا قال تعالى :
"قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم"
والخنزير حرم الله لحمه ولم يحرم شىء أخر فيه فقال :
"إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير"
وتحدث عن رحمة الحيوان بالحفاظ على روح الحيوان فقال :
"2 - الباب الثاني الرحمة بالحيوان بالمحافظة على روحه وعدم جواز إزهاقها بلا سبب:
لقد جاءت تعاليم الإسلام بالرفق بالحيوان فلم تجوز قتله لغير سبب أو مصلحة وهذا هو الأصل لما جاء عن النبي (ص) في ذلك صراحة ودلالة
أما التصريح فقول ابن عباس نهى رسول الله (ص) عن قتل كل ذي روح ...إذن لا يجوز قتل الحيوان لمجرد اللهو واللعب والعبث وحتى الصيد بالبندقية إن لم يكن من أجل الأكل فهو محرم وكذلك الصيد بما يسمى [النباطة أو النبلة] فإنه محرم وإن كان ذلك من أجل الصيد لأنه يشترط في أداة الصيد أن تخزق الفريسة وتنفذ فيها دليل ذلك هو قول النبي (ص) حينما سأله عدي بن حاتم الصيد بالمعراض فقال (ص)" إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله " وما يقذف من النباطة لا يخذق فيكون صيدها ميتة إلا إن أدرك الفريسة وبها حياة فذبحها فهي حلال -وتحقق هذا صعب- وإن كانت هناك حاجة للصيد بها غير الأكل-لإطعام سبع مثلا-فهو جائز وأعلم أن فاعل ما سبق سيحاسب عليه يوم القيامة كيف يقتل روحا بلا فائدة وهي مخلوقة تسبح الله عز وجل قال تعالى " ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات " وعليه فلابد أن تكون هناك مصلحة ظاهرة للقتل"
بالقطع لا يجوز قتل أى حيوان إلا لضرورة والضرورة يقصد بها النص المبيح لقتلها فقتل الحيوان يكون لأمرين :
الأول الحفاظ على الحياة بالأكل من الحيوان كالأنعام والطيور والصيد
الثانى اعتداء الحيوان على الإنسان
وتحدث الرجل عن أن بعض الحيوانات محرم قتلها لأى سبب فقال :
"ولم يقتصر الشرع على تحريم قتل الحيوان بلا سبب بل حرم قتل بعض الدواب تحديدا وهي طائر الصرد والهدهد والنحل والنمل والضفدع ودليل ذلك قول ابن عباس نهى النبي (ص) عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد " وفي رواية (الضفدع)
وسبب هذا النهي قد يكون لكونها مسالمة في طبعها فلا تؤذي أحدا أو للمنافع المتحققة من وراء بقائها حية كالعسل من النحل والمحافظة على البيئة بواسطة الضفدع فهو معين" للإنسان من عدة نواح حيث تأكل أعدادا كبيرة من الحشرات التي قد تسبب آفة خطيرة " ولعدم المصلحة الظاهرة في قتلها..وعلى هذا إن أتانا شيء من الشرع كتابا أو سنة صحيحة أخذنا به دون اشتراط معرفة العلة والحكمة بل يجب التسليم أولا والعمل ثانيا ثم إن أردنا معرفة العلة فلنسأل أهل الذكر"
والرواية الخطأ فيها نهى النبى(ص) عن قتل أربع دواب ويخالف هذا أن الله لم يحرم صيد البر أيا كان على غير الحجاج مصداق لقوله تعالى "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرم "والهدهد والصرد إن كانا طيرا من ضمن الصيد وإن كنا لم نسمع أن أحد أكل النمل والنحل
كما أن حيوان كالنمل أو الذباب أو غيرهما مما يدخل المساكن لابد من قتله لأنه يحول المسكن من الراحة إلى القلق والضرر فهو اعتداء يجب رده لأن الله هو من سمى البيت مسكنا أى مكانا للراحة وليس مكان للضرر فقال :
"والله جعل لكم من بيوتكم سكنا"
وتحدث عن الاستفادة من الحيوانات فقال :
"3 - الباب الثالث جواز الانتفاع بالحيوان والتغذي به:
الجبال والبحار وجميع ما في الأرض مذلل ومطوع للإنسان ومصالحه فضلا من الله وإحسانا ولما كانت هذه قيمة الإنسان جعلت له الأولوية في العيش وحقه في ذلك مقدم على غيره من المخلوقات ولما كان الحيوان من مصادر الطاقة والغذاء والنفع للإنسان جاز له ذبحه والتغذي به والتمتع بأكله
قال الله سبحانه " والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون "
ولما جاز للإنسان ذبح هذا الحيوان من أجل التغذي به والتفكه بأكله جاز قتله لدفع ضرره من باب أولى مهما كان نوعه وحتى المنهي عن قتله من الأصناف الخمسة السابقة
ودفع ضرره يكون بالقدر الذي يندفع به فندفعه بغير القتل أولا فإن لم يتيسر قتلناه بلا إشكال والمؤذي من الحيوان يقتل حين تتحقق أذاه لا كل ما رأيناه وفي كل مكان قتلنا هل أن هذا من التعدي وأذكر هنا قصة ذكرها النبي (ص) قال " قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله" إذن لا يحق لأحد التعدي
ملاحظة لا يؤخذ من الحديث جواز إحراق الحيوان ..وعلى ما سبق من امتلأ موضعا في منزله- كالمطبخ مثلا- بالنمل وآذاه ولا سبيل له لإزالة هذا الأذى إلا بالقتل فيجوز له ذلك
وهكذا في كل مؤذ من الحيوان ولقد أشار الشارع إلى هذا في قول النبي (ص) " خمس فواسق 'يقتلن في الحل والحرم الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا" وفي رواية " العقرب "
ورغب في قتل الأوزاغ فقال (ص) " من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك
فهذه الحيوانات تقتل لأذاها المعروف فالكلب العقور يضر بعدوه على الناس
والفأرة تنقب الأرض وتقرض المتاع وأذكر هنا قصة 'تظهر شيئا من أذاها قال ابن عباس رضي الله عنه " جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فذهبت الجارية تزجرها فقال النبي (ص) " دعيها فجاءت بها [أي جاءت الفأرة بالفتيلة] فألقتها على الخمرة التي كان قاعدا عليها فاحترقت منها مثل موضع درهم فقال رسول الله (ص) " إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على مثل هذا فتحرقكم " ولقد ذكر النبي (ص) " إن إبراهيم لما ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا أطفأت النار غير الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه فأمر رسول الله (ص) بقتله
ملاحظة هناك فرق بين الحيات التي توجد في الصحاري وتلك التي في البيوت فالأولى تقتل والثانية لا تقتل إلا بعد إنذارها وأمرها بالخروج من البيت كأن يقول لهاأ نت في ضيق وحرج إن لبثت عندنا إلا الابتر [حية مقطوعة الذنب] وذو الطفيتين [حية يكون على ظهرها خطان أبيضان] فإنهما تقتلان في البيت بلا إنذار وهذا لما ورد أن أبا لبابة قال لأبن عمر وهو يطارد حية لا تقتلها فقال ابن عمر إن رسول الله (ص) أمر بقتل الحيات فقال أبو لبابة إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت قال ابن حجر في الفتح وفي الحديث النهي عن قتل الحيات التي في البيوت إلا بعد الإنذار إلا أن يكون أبتر أو ذا طفيتين فيجوز قتله بغير إنذار
ثم قال النووي في شرح مسلم عن هذه الأصناف من الدواب فسميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب
قلت وهذا هو العدل والحكمة والتوسط والابتعاد عن الغلو فلا يصح أن يكون الحيوان سببا في إزعاج الإنسان وأذيته وتضجره بل صحته وراحته أولى"
الانتفاع بالحيوان مبنى على نصوص الوحى كأكل لحوم الأنعام والاستفادة من جلودها وأوبارها وأصوافها كملابس أو أثاث وكأكل الأجبان وشرب اللبن وكأكل الصيد عند الجوع واستعمال عسل النحل كدواء
وحديث نزل نبى من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة " والخطأ هو قول القائل "فأمر بجهازه فأخرج من تحتها "أى جهاز هذا الذى كان تحت نملة ؟إن القائل بين وضعه للقول بكلمة من تحتها لأن الجهاز يكون تحت النبى وليس تحت النملة لأن الجهاز يقينا أكبر من النملة مئات المرات إن لم يكن آلاف المرات ولذا فهى فوقه والخطأ الأخر قولهم "ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار "فكيف أحرق بيت النملة إن بيت النملة تحت الأرض والأرض تحميه من الحرق بالنار لأن النار تكون فوقه فكيف تم حرقه؟
وأما حديث الفواسق الخمس فمن الخطأ فيه إباحة دم الغراب والغراب لا يؤذى حتى يتم قتله فى الحرم كما أن الغراب علم الإنسان الدفن مصداق لقوله تعالى "فبعث غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه"
والخطأ فى حديث الوزع اختلاف عدد الحسنات باختلاف مرة ضرب الوزغ وهو ما يخالف أن أى عمل صالح أى حسنة لا يختلف ثوابه بسب اختلاف مراته والسبب هو أن الله حدد الأجر بعشر حسنات لغير الأعمال المالية بقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
والخطأ فى أحاديث الحيات قتل الحيات ككل أو معظمها وهو ما يخالف قوله تعالى "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "فالحية المعتدية هى التى تدخل مساكننا أو مؤسساتنا العامة ومن ثم يجب قتلها أو جرحها أو حبسها وأما التى فى الخلاء والغابات والأحراج وغير هذا من الأماكن التى لا يتواجد فيها الإنسان إلا نادرا فلا قتل فيها إلا للمؤذى والله لا يأمر بقتل نوع ما لأنه طلب من نوح(ص)حفظ الأنواع فقال بسورة هود "قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين "كما أن الحيات لها فوائد عدة توجب عدم قتلها منها استعمالها كأدوية .
وتحدث فى الباب الرابع عن ذبح الحيوان فقال :
"4 - الباب الرابع الرحمة في الذبح:
سبق أن بينا أن الشرع أباح للإنسان ذبح الحيوان للتغذي به والتمتع بأكله والذبح وإن كان مؤلما للحيوان فإنه أبيح لما يترتب عليه من مصالح أعظم
ومن رحمة الشرع ورأفته أنه قيد هذا الذبح وضبطه بضوابط تجعله أخف ألما للحيوان بقدر الإمكان وأكد الإسلام هذا بأصل عام وهو قوله تعالى " وأحسنوا إن الله 'يحب المحسنين " وأكده بأصل خاص وهو قول النبي (ص) " والشاة إن رحمتها رحمك الله " مرتين
وقال هذا حينما قال رجل يا رسول الله أني لأذبح الشاة فأرحمها فذكره
وقوله (ص) " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإن قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح " وقال أيضا " من رحم- ولو ذبيحة عصفور - رحمه الله يوم القيامة "
قال البغوي الإحسان في القتل والذبح مكتوب على الإنسان كما نطق به الحديث وعليه ينبغي أن يكون الذابح عالما بطريقة الذبح الشرعية وإلا لن يتحقق الإحسان في الذبح
وبعد ذكر هذا الأصل العام بين النبي (ص) بعض التفاصيل المبينة والموضحة لهذا الأصل
1 - إحداد الأداة التي سيذبح بها لحديث " وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته "
وهذا لتخف اليد في الذبح ويسرع إمرار الأداة على الحلق من غير أن تختنق الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط
2 - وعلى الذابح أن يسحب الذبيحة للذبح برفق من غير أن يؤذيها وهذا داخل في الإحسان في الحديث السابق ولاحظ ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لما " رأى رجلا يجر شاة ليذبحها فضربه بالدرة وقال سقها - لا أم لك - إلى الموت سوقا جميلا "
3 - وأن لا يحد الشفرة أمامها ولقد رأى رسول الله (ص) " رجلا واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال (ص) " أفلا قبل هذا أتريد أن تميتها موتات
وفي هذا مراعاة الحيوان وعدم تعذيبه ولو تعذيبا معنويا ذلك لما رأى النبي (ص) حالها وهي تنظر للسكين وهي 'تحد وعلم أنها تعلم ما سيأتيها من وراء ذلك وهذا وحده مؤلم للنفس كالقتل فلذلك قال (ص) (موتات) وفي رواية (موتين)
وعلى هذا لا ينبغي أن تذبح البهائم في مكان واحد ينظر بعضها إلى بعض حين الذبح فهذا أشد ألما لها من رؤيتها للشفرة وهي تحد وبالتجربة إنها تنفر من هذا وتضطرب خوفا
ولقد امتدت هذه الرحمة إلى أصحاب رسول الله (ص) الذين اقتدوا به وتمسكوا بشرعه فهذا الخليفة عمر بن الخطاب رأى رجلا حد شفرته وأخذ شاة ليذبحها فضربه عمر بالدرة وقال أتعذب الروح ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها"
وهذه الرحمة المادية والمعنوية أفضل من الطرق المستخدمة في البلاد الأجنبية التي يمهد لها قبل الذبح بوسائل يظنونها رحمة وتخفيف وهي تعذيب مريب كالصدمات الكهربائية أو إستخدام الغاز المخدر أو المسدس ذو الطلقة المسترجعة (المرشد العملي لسلامة الأغذية الباب الثاني الفصل التاسع)"
ورحمة الحيوان كما قال المزيدى من خلال الذبح السريع ومن خلال عدم رؤية الحيوان لأداة الذبح ومن خلال جودة أداة الذبح بحيث تذبح بسرعة ومن خلال عدم سوقها بالقوة أو جرها بالقوة هى أمور مطلوبة
وفى الباب الخامس تحدث عن حسن معاملة الحيوان من خلال لطعامه وعلاجه وغير هذا فقال :
"5 - الباب الخامس الرحمة في المعاملة:
رحم الإسلام الحيوان رحمة مادية ومعنوية وحرص على عدم إيذائه خاصة عند انتفاء المصلحة وكانت هذه الرحمة نابعة من سيرة النبي (ص) وأقواله
أما السيرة فقول الصحابي الجليل ابن مسعود كنا في سفر مع النبي (ص) " فأنطلق لحاجة فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي (ص) فقال " من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها "
...لذلك أمروا استحبابا بإرجاع أولادها لها وعليه فيستحب أن لا يفرق بين الأم وأولادها الصغار إن كان هذا حالهم إلا إن كبروا أو كان أخذهم صغارا لمصلحة راجحة
ومن سيرته أيضا أنه (ص) " دخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي (ص) حن وذرفت عيناه فأتاه النبي (ص) فمسح ذفراه فسكت (فقال لصاحب الجمل)
" أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي انك تجيعه وتدئبه " وفي هذا الحديث دلالة على عدم جواز تجويع الحيوان وأيضا لا يحق لصاحبه التأخر عن إطعامه لأنه من جنس تعذيبه
وينبغي عليه أيضا أن لا 'يحمله من الأعمال [ما لو رآها كل عاقل علم أنها متعبة له] ...وهذه الأحكام كغيرها من أحكام الشرع يحاسب عليها المرء إن فرط بها ويؤجر إن تعهدها ولم يتعداها من هذه الأحكام
1 - عدم تحميل الحيوان ما لا يطيق للحديثين السابقين وعدم إتعابه بلا حاجة لقوله (ص) " إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغية إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم "
..وشبه الدابة به لكي لا تتخذ هي منبرا فيقف عليها الإنسان ويتكلم فيؤذها إلا أن تكون هناك حاجة لذلك فلا بأس وأيضا لا يتخذها كرسيا فيجلس عليها من غير حاجة قال النبي (ص) " اركبوا هذه الدواب سالمة ولا تتخذوها كراسي" وهذه صورة من صور إتعابه
ومن صورها أيضا إتعاب الرجل لفرسه حين التسابق عليه بالزجر والصياح وهذا منعه النبي (ص) بقوله " لا جلب ولا جنب في الرهان "
قلت وقوله (ص) " في الرهان" ليس تقيدا بل خرج مخرج الغالب بمعنى أن الرجل في السباق عند وجود الرهن يكون أحرص على الفوز فيكون أشد على دابته وهذا لا ينفي وجود الجلب حين عدم وجود الرهن وعليه فالجلب ممنوع في السباق سواء كان برهن أو بغيره لأن العلة واحدة وهي إتعاب الدابة والله أعلم
وقد صح عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز أن غلاما عمل على بغل له ويأتيه بدرهم كل يوم فجاء يوما بدرهم ونصف فقال( عمر بن عبدالعزيز) ما بدا لك؟[أيمن أين هذه الزيادة] قال نفقت السوق قال (عمر) لا لكنك أتعبت البغل إجمه ثلاثة أيام
2- أن يغذيه بما هو متعارف عليه فإن لم يستطع وخاف عليه من الموت فليتركه يرعى في أرض الله الواسعة فذلك خير من أن يلقى حتفه في بيته فقد ذكر الله سبحانه حق الحيوان في التعايش والتغذي فقال"والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم" ومن رحمة الله أن جعل لصاحب البهيمة أجرا في إطعامها - وإن كان ماء - قال رسول الله (ص) " في كل كبد رطبة أجر" قال ابن حجر العسقلاني أي الأجر ثابت في إرواء كل كبد حية فهذا حث على إطعام الحيوان وعدم استصغار ذلك وعدم الأسف على المال المدفوع فيه ولقد قص النبي (ص) لأصحابه قصة واعظا لهم وحاثا على العمل بمعناها فقال " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به "
ملاحظة هذا في شرع من قبلنا فلا يقال كيف غفر لها وهي من بني إسرائيل ليست مسلمة (كما سأل بعضهم عن ذلك )
وبلغت رحمة الله بالخلق بأن جعل الأجر في الزرع الذي يزرعه المسلم إذا أكل منه الحيوان وهذا فضل عظيم وباب من الأجر كبير وحث على عدم البخل وتغطية كل المزروعات ما لم تكن للتجارة كما يفعله الكثير اليوم مع النخل وغيره فيقومون بتغطية جميع الثمار لكي لا يأكله الطير وغيره فهؤلاء قد فاتهم أجر كثير لبخلهم هذا فالنبي (ص) يقول " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع نخلا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " و من حسن إطعام الدواب أن الرجل إذا خرج على دابته مسافرا-وهو نادر اليوم- أو قاطعا لمسافة طويلة ورأى في طريقه عشبا أو غذاء لها فليقف وليدعها تأكل أما إن كان الطريق صحراويا لا غذاء لها فيه فليسرع ليبلغ غايته ويطعمها قبل أن تضعف في الطريق هذا ما أرشد إليه الشرع قال رسول الله (ص) "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الأبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير
3- متابعة الحيوان وعدم إهماله فلقد صح عن النبي (ص) أنه خرج يوما " لحاجته فمر ببعير مناخ على باب المسجد في أول النهار ثم مر به في آخر النهار وهو في مكانه فقال "أين صاحب هذا البعير" ؟ فأبتغي فلم يوجد فقال " اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صالحة وكلوها سمانا "
وعليه فلا ينبغي إهمال الحيوان وتركه بلا عناية ومتابعة فقد يجوع ويعطش وقد يتأذى فلا يجد منقذا ولقد وقع لأحد جيراننا أنه أحضر أضحية وأوثقها بحبل في رقبتها وغاب عنها فتحركت وضاق عليها الحبل ثم أتى فوجدها قد ماتت مختنقة وسبب ذلك
1 - الأهمال وطول الغياب
2 - ربط الحبل في الرقبة والأحوط جعله في الرجل والأفضل من هذا كله أن نجعل لها مكانا يسرح فيه
قال الشيخ ابن باز أن الحيوان عرضة لأنواع كثيرة من المتاعب عند شحنه ونقله بكميات كبيرة خلال مسافات طويلة ربما ينتج عنها تزاحم مهلك لضعيفها وجوع وعطش وتفشي الأمراض فيها وحالات أخرى مضرة تستوجب النظر السريع والدراسة الجادة من أولياء الأمور بوضع ترتيبات مريحة شاملة لوسائل النقل والترحيل والإغاثة من إطعام وسقي وغير ذلك من تهوية وعلاج وفصل الضعيف عن القوي الخطر وهذا اليوم شيء ممكن للمؤسسات المستثمرة والأفراد والشركات المصدرة والمستوردة وهو من واجب نفقتها على ملاكها ومن هي تحت يده بالمعروف"
مما سبق نجد وجوب حسن معاملة الحيوان فى كل شىء من طعام وشراب ومسكن وركوب وحمل ولكن الأحاديث المستشهد بها بعضها باطلة المعنى فحديث شكوى الجمل للنبى(ص) الخطأ فيه معجزة كلام الجمل للنبى (ص)وهو ما يخالف قوله تعالى "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "فالآيات وهى المعجزات ممنوعة
وحديث دخول البغية الجنة مخالف لوجوب توبة أى إنسان وهى استغفاره حتى يغفر الله له كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
وحجة المزيدى عن أن هذا شرع خاص بموسى(ص)لابد بناء على هذا الشرع الذى ليس شرعا إلهيا أن يدخل فرعون الجنة لأنه من ربى موسى(ص) ففعل خير من كافر لا يعنى دخوله الجنة
وفى الباب ألأخير استعرض جوانب حرمة تعذيب الحيوان فقال :
"6 - الباب السادس الرحمة بتحريم التعذيب
إن تحريم تعذيب الحيوان يفهم من تعاليم الإسلام بوضوح وصراحة ويؤخذ ذلك من الأمر برحمة هذا الحيوان وعدم تجويعه وإتعابه كما سبق والأمر بالشيء نهي عند ضده فهو لما أمرنا برحمته فهو ينهانا عن تعذيبه كما أن الأمر بالإيمان يتضمن النهي عن الكفر ويؤخذ أيضا - تحريم التعذيب- من أحاديث صرحت بتحريم صور من التعذيب وهذه الصور التي سنذكرها يقاس علها غيرها من مثلها في المعنى
الصورة الأولى
1 - صبر الحيوان أي أن يحبس وهو حي ويتخذ هدفا يرمى وفي تحريم هذا نصوص عدة منها نص عام وهو قوله تعالى " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ونص خاص وهو أن ابن عمر مر " بنفر نصبوا دجاجة يرمونها فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها وقال ابن عمر من فعل هذا؟ أن النبي " لعن من فعل هذا " واللعن يدل على التحريم بل يدل على أنها كبيرة وقال (ص) " لا تتخذوا شيئا فيه روح غرضا "
وهذا التحريم سببه بين وهو
1 - قتل نفس بلا سبب 2 - تعذيب هذه النفس
3 - تضييع لماليته أي أن لهذا للحيوان قيمة فقد 'ينتفع به بالبيع أو الاستخدام
ملاحظة المحظور هنا هو الحبس مع التعذيب وعدم الإطعام وأما الحبس مع الإطعام وعدم التعذيب والإيذاء فجائز يفهم ذلك من مفهوم الأحاديث السابقة وصراحة من حديث أنس لما قال كان النبي (ص) أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير وكان إذا جاء قال (ص) " يا أبا عمير ما فعل النغير " نغر كان يلعب به قال ابن حجر في الحديث " جواز لعب الصغير بالطير وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه انتهى شرط أن لا يعذبه الطفل فعلى الأبوين أن ينبهانه إلى هذا ونقل ابن حجر عن القرطبي قوله أما تمكينه من تعذيبه ولا سيما حتى يموت فلم يبح قط
الصورة الثانية"
والأحاديث فى لعب الأطفال بالطيور والحيوانات الحية باطلة فلا يجوز أن يلعب الأطفال بها لعدم عقلهم فهم لا يعرفون أنهم يؤلمونها يجوز مثلا أن يلمسوها ويتركوها ويتفرجون عليها وأما ربطها وجرها أو حبسها أو ما شابه ذلك فمحرم
ثم قال :
"2 - التمثيل بالحيوان هو ما يفعل بالحيوان الحي من تشويه كقطع بعض أطرافه وغير ذلك
وهذا محرم نهى النبي (ص) عنه بل ولعن صاحبه قال ابن عمر " لعن النبي (ص) من مثل بالحيوان " وأتى النبي (ص) رجلا يشق آذان بعض الابل بالموسى ويحرمها على نفسه -وهذه عبادة جاهلية - فقال له النبي (ص) " فكل ما آتاك الله لك حل ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أشد من موساك " وهذا تحذير من النبي (ص) من أن يمثل بالحيوان و عليه من كان عنده حيوان بري أو بحري صغير أم كبير (كالحوت) فلا يجوز له قطع أطرافه وتشويهه لأن في ذلك من التعذيب ما لا يخفى
الصورة الثالثة
3 - الخصاء أي إخصاء الحيوان برض خصيته أو قطع ذكره أو بإعطائه من الأدوية ما يجعله خصي لا يمكنه التناسل
قال ابن عمر " نهى رسول الله (ص) عن خصاء الخيل والبهائم " وسبب ذلك لما يفوت عليه من مصلحة التناسل إتلاف فطرة وضعها الله فيه و ما يحصل للحيوان من ألم حين خصائه -إن كان بغير دواء-
ولعدم مصلحة في ذلك إلا قولهم إنه بذلك يسمن ويكبر ويطيب لحمه
ومن الممكن أن نستغني عن الخصاء وأن نحصل اللحم الطيب السمين بالغذاء والعناية السليمة والقاعدة تقول " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " ولكن إن انتفت هذه المفاسد فوجدت طريقة لا يتألم معها الحيوان-الدواء-ووجدت المصلحة والحاجة لهذا الفعل جاز
الصورة الرابعة
4 - وسم الوجه أو ضربه الوسم أصله من السمة وهي العلامة والمراد هنا جعل علامة في الوجه بالكي أو الجرح وما أشبه ذلك
وهذا محرم بدليل " أن النبي (ص) مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال " لعن الله الذي وسمه "
وفي رواية " لعن الله من فعل هذا لا يسمن أحد الوجه ولا يضربنه "
فالنبي (ص) نهى عنه لمنع تعذيبه وتشويه وجهه ولكن إن كانت هناك مصلحة تستدعي الوسم للتمييز بين الدواب فيجوز ولكن في غير الوجه
ودليل ذلك قول أنس رضي الله عنه " غدوت إلى رسول الله (ص) فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة "
قال ابن حجر الحكمة فيه تميزها وليردها من أخذها ومن ألتقطها وليعرفها صاحبها فلا يشتريها إذا تصدق بها مثلا لئلا يعود في صدقته
وذهب إلى هذا جمهور العلماء والعلة كما قلنا جواز إيلام الحيوان للحاجة والمصلحة الراجحة قال النووي إذا وسم فيستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره ويظهر الوسم " فإن قيل لم لا تستبدلون الوسم باللون يوضع على جلده أو شعره فهذا لا يؤذيه وتتحقق به المصلحة؟
الجواب / اللون يزول بالغسل والشعر قد يتغير فلا تحصل المصلحة به أما الوسم فلا يزول ولكن إن وجدنا شيئا لا يزول ولا يؤلم صرنا إليه
الصورة الخامسة
5 - لعن الحيوان والدعاء عليه فالدعاء عليه طلب للضر له وقد يستجيب الله هذا الدعاء فيتأذى الحيوان بذلك وهذا منهي عنه لما جاء عن النبي (ص) أنه كان " في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فتضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله (ص) فقال " خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة " وفي رواية " لا أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله " قال النووي إنما قال هذا زجرا لها ولغيرها فعوقبت بإرسال الناقة ومما يدل على أن الحيوان قد يتأذى بالدعاء عليه قول النبي (ص) " لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم " قاله (ص) لرجل لعن دابته ومن الصور السابقة نأخذ تحريم بعض الصور التي لم يرد فيها نص صحيح فمن ذلك
6 - التحريش بين البهائم وهو أن يجعل حيوانين في حلبة ليتقاتلا كالكلاب والديكة فهذا محرم ولا ريب في ذلك لأن النبي (ص) نهى عن تعذيب الدابة وقتلها بلا سبب وهنا ستعذب إحدى الدابتين الأخرى وتقتلها في النهاية غالبا ولأن النبي (ص) نهى عن إتعاب الحيوان وهنا سوف يتعب بلا فائدة بل لمجرد اللهو والعبث وفيه أيضا إضاعة للمال - أي البهيمة- المقتولة وما يصحب ذلك من مراهنات وضياع للأموال
وللتنبيه ورد في التحريش بين البهائم حديث ضعيف قال ابن عباس " نهى رسول الله (ص) عن التحريش بين البهائم " ويكفينا ما سبق لتحريمه
7 - ما يسمى اليوم (مصارعة الثيران) وفيه يدخل ثور قوي ورجل فاسق في حلبة كبيرة ومع هذا الرجل رماح وسكاكين ويقوم هذا الرجل على استثارة هذا الثور بالركض والمراوغة وتحريك ثوب أحمر وبينما الثور يهاجمه يقوم الفاسق بطعنه وهكذا حتى ينهك هذا الثور ويتصبب دما فيعطيه هذا الظالم الضربة القاضية بسكين في رأسه فيسقط
وأي رياضة هذه يرضاها عاقل رزين ولكنه الهوى واتباعه من غير معيار وحدود وقسوة القلب ولا حاجة في التكلم في تحريم هذا التعذيب فهو ظاهر و ذكر الشيخ ابن باز بعض صور التعذيب التي تستخدم في هذه الأيام منها نتف ريش الدجاج والطيور هي حية أو تغطيسها في الماء شديد الحرارة وهي حية أو تسليط البخار عليها لإزالة الريش زاعمين أنه أرفق بما يراد ذبحه من الحيوان وهذا فيه من التعذيب ما لا يخفى مخالفته لنصوص الأمر بالإحسان إليه "
ومل ما ذكره المزيدى من صور إضرار الحيوان بتغيير خلقته هو استجابة لقول الشيطان :
" ولآمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
المؤلف الحارث بن زيدان المزيدي وقد اختار الحديث عن عظمة الخالق من خلال هذا الكتاب فقال :
"وفيما يأتي ستظهر عظمة الخالق إذ وضع هذه الحقوق رفيعة المستوى وتظهر رحمته إذ جعلها منصبة لتحقيق المصالح ولقد اخترت الكلام (عما وضعه الإسلام من حقوق ورحمة بالحيوان)"
وبين أن هناك من سبق له التأليف فى الموضوع من القدامة فقال :
"ولقد سبق لبعض علماء المسلمين أن تناولوا بعض مباحث هذا الموضوع كالإمام السخاوي المتوفى سنة (902 هجري) حيث كتب (تحرير الجواب في ضرب الدواب) "
واستهل الكتاب بنظرة عامة عن الحيوان فى الإسلام فقال :
"1 - الباب الأول النظرة الإسلامية العامة للحيوان:
لقد بين الله في القرآن كثيرا من الآيات المتعلقة بالحيوان بل إن هناك سورة اسمها سورة الأنعام-وهي في الجزء السابع-ذكر فيها سبحانه بعض الأحكام المتعلقة بالحيوان وأكله وبعض الممارسات الخاطئة نحوه التي كان الناس يفعلها قبل الإسلام وبين سبحانه أن الحيوان أمة من الأمم لها حياتها وخصوصياتها فقال سبحانه " وما من دابة في الأرض لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم""
وفي هذا إشارة إلى رحمة الحيوان وعدم إيذائه أوتعذيبه أوقتله من غير حاجة ولا مصلحة بل إن فيما سيأتي بيان أن هذا الحيوان شيء محترم ومحبوب ولم يعتبره مخلوقا ذليلا مستقذرا
قال الله تعالى"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب"
وظهر ذلك أيضا في بعض الأحاديث التي تشبه الحيوان بالأمور المحبوبة للنفوس مثاله قول النبي (ص)" يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير "
وقال النبي (ص) "إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده يوم القيامة "قال السندي المراد روح المؤمن الشهيد كما جاء في روايات الحديث (وقوله طائر) ظاهره أن الروح تتشكل وتتمثل بأمر الله تعالى طائرا كتمثل الملك بشرا ويحتمل المراد أن الروح تدخل في بدن طائر كما في بعض الروايات (حاشية السندي على سنن النسائي)
فهذا ترغيب في الشهادة ومن ضمنه التشبيه بالطير ولو كان الطير الذي هو من الحيوانات شيئا مكروها لما شبهه به"
والروايات الذى أوردها المزيدى والتى تشبه نفوس الناس بنفوس الطير كاذبة لأن نفوس الناس مخيرة ونفوس الطير مجبرة والخطأ فى الرواية الثانية أن نفس المؤمن تكون طائر فى شجر الجنة يناقض تمتع المسلمين بمتع فى الجنة تحتاج لوجود جسم كالنكاح والأكل والشرب ومن ثم فالنفوس لا تكون طير فى شجر وإنما فى أجساد جديدة غير أجساد الأرض
وتحدث عن القطط فقال :
"وقال النبي (ص) عن الهرة "إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات" أي أن الهرة نظيفة في أصلها وليس شعرها أو لعابها بنجسين ..وصح عن زوجة النبي (ص) السيدة عائشة أنه جيء إليها بهريسة فوضع عندها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت - أي الهرة - أكلت -السيدة عائشة - من حيث أكلت الهرة وذكرت الحديث السابق
وكان النبي (ص) " يصلي على راحلته نحو المشرق " ...فهذه الأحاديث وغيرها تدل أن الحيوان من الأشياء المألوفة لا نجسة ومنبوذة وهذا هو الأصل وهناك بعض التقيدات كالخنزير ولعاب الكلب فإنهما نجسان ومنبوذان"
والخطأ فى حديث المزيدى أن الخنزير ولعاب الكلب نجسان فلا يوجد نص فى نجاسة أيا منهما وإنما النص فى نجاسة الكفار كما قال تعالى:
"غنما المشركون نجس"
ولا أدرى كيف يكون لعاب الكلب نجس وهو يصطاد للناس ما يأكلون ويغرس أسنانه فى جلود ولحوم الصيد وقد أمر الله بالأكل منه وفى هذا قال تعالى :
"قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم"
والخنزير حرم الله لحمه ولم يحرم شىء أخر فيه فقال :
"إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير"
وتحدث عن رحمة الحيوان بالحفاظ على روح الحيوان فقال :
"2 - الباب الثاني الرحمة بالحيوان بالمحافظة على روحه وعدم جواز إزهاقها بلا سبب:
لقد جاءت تعاليم الإسلام بالرفق بالحيوان فلم تجوز قتله لغير سبب أو مصلحة وهذا هو الأصل لما جاء عن النبي (ص) في ذلك صراحة ودلالة
أما التصريح فقول ابن عباس نهى رسول الله (ص) عن قتل كل ذي روح ...إذن لا يجوز قتل الحيوان لمجرد اللهو واللعب والعبث وحتى الصيد بالبندقية إن لم يكن من أجل الأكل فهو محرم وكذلك الصيد بما يسمى [النباطة أو النبلة] فإنه محرم وإن كان ذلك من أجل الصيد لأنه يشترط في أداة الصيد أن تخزق الفريسة وتنفذ فيها دليل ذلك هو قول النبي (ص) حينما سأله عدي بن حاتم الصيد بالمعراض فقال (ص)" إذا رميت بالمعراض فخزق فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله " وما يقذف من النباطة لا يخذق فيكون صيدها ميتة إلا إن أدرك الفريسة وبها حياة فذبحها فهي حلال -وتحقق هذا صعب- وإن كانت هناك حاجة للصيد بها غير الأكل-لإطعام سبع مثلا-فهو جائز وأعلم أن فاعل ما سبق سيحاسب عليه يوم القيامة كيف يقتل روحا بلا فائدة وهي مخلوقة تسبح الله عز وجل قال تعالى " ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات " وعليه فلابد أن تكون هناك مصلحة ظاهرة للقتل"
بالقطع لا يجوز قتل أى حيوان إلا لضرورة والضرورة يقصد بها النص المبيح لقتلها فقتل الحيوان يكون لأمرين :
الأول الحفاظ على الحياة بالأكل من الحيوان كالأنعام والطيور والصيد
الثانى اعتداء الحيوان على الإنسان
وتحدث الرجل عن أن بعض الحيوانات محرم قتلها لأى سبب فقال :
"ولم يقتصر الشرع على تحريم قتل الحيوان بلا سبب بل حرم قتل بعض الدواب تحديدا وهي طائر الصرد والهدهد والنحل والنمل والضفدع ودليل ذلك قول ابن عباس نهى النبي (ص) عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد " وفي رواية (الضفدع)
وسبب هذا النهي قد يكون لكونها مسالمة في طبعها فلا تؤذي أحدا أو للمنافع المتحققة من وراء بقائها حية كالعسل من النحل والمحافظة على البيئة بواسطة الضفدع فهو معين" للإنسان من عدة نواح حيث تأكل أعدادا كبيرة من الحشرات التي قد تسبب آفة خطيرة " ولعدم المصلحة الظاهرة في قتلها..وعلى هذا إن أتانا شيء من الشرع كتابا أو سنة صحيحة أخذنا به دون اشتراط معرفة العلة والحكمة بل يجب التسليم أولا والعمل ثانيا ثم إن أردنا معرفة العلة فلنسأل أهل الذكر"
والرواية الخطأ فيها نهى النبى(ص) عن قتل أربع دواب ويخالف هذا أن الله لم يحرم صيد البر أيا كان على غير الحجاج مصداق لقوله تعالى "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرم "والهدهد والصرد إن كانا طيرا من ضمن الصيد وإن كنا لم نسمع أن أحد أكل النمل والنحل
كما أن حيوان كالنمل أو الذباب أو غيرهما مما يدخل المساكن لابد من قتله لأنه يحول المسكن من الراحة إلى القلق والضرر فهو اعتداء يجب رده لأن الله هو من سمى البيت مسكنا أى مكانا للراحة وليس مكان للضرر فقال :
"والله جعل لكم من بيوتكم سكنا"
وتحدث عن الاستفادة من الحيوانات فقال :
"3 - الباب الثالث جواز الانتفاع بالحيوان والتغذي به:
الجبال والبحار وجميع ما في الأرض مذلل ومطوع للإنسان ومصالحه فضلا من الله وإحسانا ولما كانت هذه قيمة الإنسان جعلت له الأولوية في العيش وحقه في ذلك مقدم على غيره من المخلوقات ولما كان الحيوان من مصادر الطاقة والغذاء والنفع للإنسان جاز له ذبحه والتغذي به والتمتع بأكله
قال الله سبحانه " والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون "
ولما جاز للإنسان ذبح هذا الحيوان من أجل التغذي به والتفكه بأكله جاز قتله لدفع ضرره من باب أولى مهما كان نوعه وحتى المنهي عن قتله من الأصناف الخمسة السابقة
ودفع ضرره يكون بالقدر الذي يندفع به فندفعه بغير القتل أولا فإن لم يتيسر قتلناه بلا إشكال والمؤذي من الحيوان يقتل حين تتحقق أذاه لا كل ما رأيناه وفي كل مكان قتلنا هل أن هذا من التعدي وأذكر هنا قصة ذكرها النبي (ص) قال " قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله" إذن لا يحق لأحد التعدي
ملاحظة لا يؤخذ من الحديث جواز إحراق الحيوان ..وعلى ما سبق من امتلأ موضعا في منزله- كالمطبخ مثلا- بالنمل وآذاه ولا سبيل له لإزالة هذا الأذى إلا بالقتل فيجوز له ذلك
وهكذا في كل مؤذ من الحيوان ولقد أشار الشارع إلى هذا في قول النبي (ص) " خمس فواسق 'يقتلن في الحل والحرم الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا" وفي رواية " العقرب "
ورغب في قتل الأوزاغ فقال (ص) " من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك
فهذه الحيوانات تقتل لأذاها المعروف فالكلب العقور يضر بعدوه على الناس
والفأرة تنقب الأرض وتقرض المتاع وأذكر هنا قصة 'تظهر شيئا من أذاها قال ابن عباس رضي الله عنه " جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فذهبت الجارية تزجرها فقال النبي (ص) " دعيها فجاءت بها [أي جاءت الفأرة بالفتيلة] فألقتها على الخمرة التي كان قاعدا عليها فاحترقت منها مثل موضع درهم فقال رسول الله (ص) " إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على مثل هذا فتحرقكم " ولقد ذكر النبي (ص) " إن إبراهيم لما ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا أطفأت النار غير الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه فأمر رسول الله (ص) بقتله
ملاحظة هناك فرق بين الحيات التي توجد في الصحاري وتلك التي في البيوت فالأولى تقتل والثانية لا تقتل إلا بعد إنذارها وأمرها بالخروج من البيت كأن يقول لهاأ نت في ضيق وحرج إن لبثت عندنا إلا الابتر [حية مقطوعة الذنب] وذو الطفيتين [حية يكون على ظهرها خطان أبيضان] فإنهما تقتلان في البيت بلا إنذار وهذا لما ورد أن أبا لبابة قال لأبن عمر وهو يطارد حية لا تقتلها فقال ابن عمر إن رسول الله (ص) أمر بقتل الحيات فقال أبو لبابة إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت قال ابن حجر في الفتح وفي الحديث النهي عن قتل الحيات التي في البيوت إلا بعد الإنذار إلا أن يكون أبتر أو ذا طفيتين فيجوز قتله بغير إنذار
ثم قال النووي في شرح مسلم عن هذه الأصناف من الدواب فسميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب
قلت وهذا هو العدل والحكمة والتوسط والابتعاد عن الغلو فلا يصح أن يكون الحيوان سببا في إزعاج الإنسان وأذيته وتضجره بل صحته وراحته أولى"
الانتفاع بالحيوان مبنى على نصوص الوحى كأكل لحوم الأنعام والاستفادة من جلودها وأوبارها وأصوافها كملابس أو أثاث وكأكل الأجبان وشرب اللبن وكأكل الصيد عند الجوع واستعمال عسل النحل كدواء
وحديث نزل نبى من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة " والخطأ هو قول القائل "فأمر بجهازه فأخرج من تحتها "أى جهاز هذا الذى كان تحت نملة ؟إن القائل بين وضعه للقول بكلمة من تحتها لأن الجهاز يكون تحت النبى وليس تحت النملة لأن الجهاز يقينا أكبر من النملة مئات المرات إن لم يكن آلاف المرات ولذا فهى فوقه والخطأ الأخر قولهم "ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار "فكيف أحرق بيت النملة إن بيت النملة تحت الأرض والأرض تحميه من الحرق بالنار لأن النار تكون فوقه فكيف تم حرقه؟
وأما حديث الفواسق الخمس فمن الخطأ فيه إباحة دم الغراب والغراب لا يؤذى حتى يتم قتله فى الحرم كما أن الغراب علم الإنسان الدفن مصداق لقوله تعالى "فبعث غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه"
والخطأ فى حديث الوزع اختلاف عدد الحسنات باختلاف مرة ضرب الوزغ وهو ما يخالف أن أى عمل صالح أى حسنة لا يختلف ثوابه بسب اختلاف مراته والسبب هو أن الله حدد الأجر بعشر حسنات لغير الأعمال المالية بقوله "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
والخطأ فى أحاديث الحيات قتل الحيات ككل أو معظمها وهو ما يخالف قوله تعالى "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "فالحية المعتدية هى التى تدخل مساكننا أو مؤسساتنا العامة ومن ثم يجب قتلها أو جرحها أو حبسها وأما التى فى الخلاء والغابات والأحراج وغير هذا من الأماكن التى لا يتواجد فيها الإنسان إلا نادرا فلا قتل فيها إلا للمؤذى والله لا يأمر بقتل نوع ما لأنه طلب من نوح(ص)حفظ الأنواع فقال بسورة هود "قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين "كما أن الحيات لها فوائد عدة توجب عدم قتلها منها استعمالها كأدوية .
وتحدث فى الباب الرابع عن ذبح الحيوان فقال :
"4 - الباب الرابع الرحمة في الذبح:
سبق أن بينا أن الشرع أباح للإنسان ذبح الحيوان للتغذي به والتمتع بأكله والذبح وإن كان مؤلما للحيوان فإنه أبيح لما يترتب عليه من مصالح أعظم
ومن رحمة الشرع ورأفته أنه قيد هذا الذبح وضبطه بضوابط تجعله أخف ألما للحيوان بقدر الإمكان وأكد الإسلام هذا بأصل عام وهو قوله تعالى " وأحسنوا إن الله 'يحب المحسنين " وأكده بأصل خاص وهو قول النبي (ص) " والشاة إن رحمتها رحمك الله " مرتين
وقال هذا حينما قال رجل يا رسول الله أني لأذبح الشاة فأرحمها فذكره
وقوله (ص) " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإن قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح " وقال أيضا " من رحم- ولو ذبيحة عصفور - رحمه الله يوم القيامة "
قال البغوي الإحسان في القتل والذبح مكتوب على الإنسان كما نطق به الحديث وعليه ينبغي أن يكون الذابح عالما بطريقة الذبح الشرعية وإلا لن يتحقق الإحسان في الذبح
وبعد ذكر هذا الأصل العام بين النبي (ص) بعض التفاصيل المبينة والموضحة لهذا الأصل
1 - إحداد الأداة التي سيذبح بها لحديث " وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته "
وهذا لتخف اليد في الذبح ويسرع إمرار الأداة على الحلق من غير أن تختنق الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط
2 - وعلى الذابح أن يسحب الذبيحة للذبح برفق من غير أن يؤذيها وهذا داخل في الإحسان في الحديث السابق ولاحظ ذلك الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لما " رأى رجلا يجر شاة ليذبحها فضربه بالدرة وقال سقها - لا أم لك - إلى الموت سوقا جميلا "
3 - وأن لا يحد الشفرة أمامها ولقد رأى رسول الله (ص) " رجلا واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال (ص) " أفلا قبل هذا أتريد أن تميتها موتات
وفي هذا مراعاة الحيوان وعدم تعذيبه ولو تعذيبا معنويا ذلك لما رأى النبي (ص) حالها وهي تنظر للسكين وهي 'تحد وعلم أنها تعلم ما سيأتيها من وراء ذلك وهذا وحده مؤلم للنفس كالقتل فلذلك قال (ص) (موتات) وفي رواية (موتين)
وعلى هذا لا ينبغي أن تذبح البهائم في مكان واحد ينظر بعضها إلى بعض حين الذبح فهذا أشد ألما لها من رؤيتها للشفرة وهي تحد وبالتجربة إنها تنفر من هذا وتضطرب خوفا
ولقد امتدت هذه الرحمة إلى أصحاب رسول الله (ص) الذين اقتدوا به وتمسكوا بشرعه فهذا الخليفة عمر بن الخطاب رأى رجلا حد شفرته وأخذ شاة ليذبحها فضربه عمر بالدرة وقال أتعذب الروح ألا فعلت هذا قبل أن تأخذها"
وهذه الرحمة المادية والمعنوية أفضل من الطرق المستخدمة في البلاد الأجنبية التي يمهد لها قبل الذبح بوسائل يظنونها رحمة وتخفيف وهي تعذيب مريب كالصدمات الكهربائية أو إستخدام الغاز المخدر أو المسدس ذو الطلقة المسترجعة (المرشد العملي لسلامة الأغذية الباب الثاني الفصل التاسع)"
ورحمة الحيوان كما قال المزيدى من خلال الذبح السريع ومن خلال عدم رؤية الحيوان لأداة الذبح ومن خلال جودة أداة الذبح بحيث تذبح بسرعة ومن خلال عدم سوقها بالقوة أو جرها بالقوة هى أمور مطلوبة
وفى الباب الخامس تحدث عن حسن معاملة الحيوان من خلال لطعامه وعلاجه وغير هذا فقال :
"5 - الباب الخامس الرحمة في المعاملة:
رحم الإسلام الحيوان رحمة مادية ومعنوية وحرص على عدم إيذائه خاصة عند انتفاء المصلحة وكانت هذه الرحمة نابعة من سيرة النبي (ص) وأقواله
أما السيرة فقول الصحابي الجليل ابن مسعود كنا في سفر مع النبي (ص) " فأنطلق لحاجة فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فجاء النبي (ص) فقال " من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها "
...لذلك أمروا استحبابا بإرجاع أولادها لها وعليه فيستحب أن لا يفرق بين الأم وأولادها الصغار إن كان هذا حالهم إلا إن كبروا أو كان أخذهم صغارا لمصلحة راجحة
ومن سيرته أيضا أنه (ص) " دخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي (ص) حن وذرفت عيناه فأتاه النبي (ص) فمسح ذفراه فسكت (فقال لصاحب الجمل)
" أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي انك تجيعه وتدئبه " وفي هذا الحديث دلالة على عدم جواز تجويع الحيوان وأيضا لا يحق لصاحبه التأخر عن إطعامه لأنه من جنس تعذيبه
وينبغي عليه أيضا أن لا 'يحمله من الأعمال [ما لو رآها كل عاقل علم أنها متعبة له] ...وهذه الأحكام كغيرها من أحكام الشرع يحاسب عليها المرء إن فرط بها ويؤجر إن تعهدها ولم يتعداها من هذه الأحكام
1 - عدم تحميل الحيوان ما لا يطيق للحديثين السابقين وعدم إتعابه بلا حاجة لقوله (ص) " إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغية إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم "
..وشبه الدابة به لكي لا تتخذ هي منبرا فيقف عليها الإنسان ويتكلم فيؤذها إلا أن تكون هناك حاجة لذلك فلا بأس وأيضا لا يتخذها كرسيا فيجلس عليها من غير حاجة قال النبي (ص) " اركبوا هذه الدواب سالمة ولا تتخذوها كراسي" وهذه صورة من صور إتعابه
ومن صورها أيضا إتعاب الرجل لفرسه حين التسابق عليه بالزجر والصياح وهذا منعه النبي (ص) بقوله " لا جلب ولا جنب في الرهان "
قلت وقوله (ص) " في الرهان" ليس تقيدا بل خرج مخرج الغالب بمعنى أن الرجل في السباق عند وجود الرهن يكون أحرص على الفوز فيكون أشد على دابته وهذا لا ينفي وجود الجلب حين عدم وجود الرهن وعليه فالجلب ممنوع في السباق سواء كان برهن أو بغيره لأن العلة واحدة وهي إتعاب الدابة والله أعلم
وقد صح عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز أن غلاما عمل على بغل له ويأتيه بدرهم كل يوم فجاء يوما بدرهم ونصف فقال( عمر بن عبدالعزيز) ما بدا لك؟[أيمن أين هذه الزيادة] قال نفقت السوق قال (عمر) لا لكنك أتعبت البغل إجمه ثلاثة أيام
2- أن يغذيه بما هو متعارف عليه فإن لم يستطع وخاف عليه من الموت فليتركه يرعى في أرض الله الواسعة فذلك خير من أن يلقى حتفه في بيته فقد ذكر الله سبحانه حق الحيوان في التعايش والتغذي فقال"والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم" ومن رحمة الله أن جعل لصاحب البهيمة أجرا في إطعامها - وإن كان ماء - قال رسول الله (ص) " في كل كبد رطبة أجر" قال ابن حجر العسقلاني أي الأجر ثابت في إرواء كل كبد حية فهذا حث على إطعام الحيوان وعدم استصغار ذلك وعدم الأسف على المال المدفوع فيه ولقد قص النبي (ص) لأصحابه قصة واعظا لهم وحاثا على العمل بمعناها فقال " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به "
ملاحظة هذا في شرع من قبلنا فلا يقال كيف غفر لها وهي من بني إسرائيل ليست مسلمة (كما سأل بعضهم عن ذلك )
وبلغت رحمة الله بالخلق بأن جعل الأجر في الزرع الذي يزرعه المسلم إذا أكل منه الحيوان وهذا فضل عظيم وباب من الأجر كبير وحث على عدم البخل وتغطية كل المزروعات ما لم تكن للتجارة كما يفعله الكثير اليوم مع النخل وغيره فيقومون بتغطية جميع الثمار لكي لا يأكله الطير وغيره فهؤلاء قد فاتهم أجر كثير لبخلهم هذا فالنبي (ص) يقول " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع نخلا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " و من حسن إطعام الدواب أن الرجل إذا خرج على دابته مسافرا-وهو نادر اليوم- أو قاطعا لمسافة طويلة ورأى في طريقه عشبا أو غذاء لها فليقف وليدعها تأكل أما إن كان الطريق صحراويا لا غذاء لها فيه فليسرع ليبلغ غايته ويطعمها قبل أن تضعف في الطريق هذا ما أرشد إليه الشرع قال رسول الله (ص) "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الأبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير
3- متابعة الحيوان وعدم إهماله فلقد صح عن النبي (ص) أنه خرج يوما " لحاجته فمر ببعير مناخ على باب المسجد في أول النهار ثم مر به في آخر النهار وهو في مكانه فقال "أين صاحب هذا البعير" ؟ فأبتغي فلم يوجد فقال " اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صالحة وكلوها سمانا "
وعليه فلا ينبغي إهمال الحيوان وتركه بلا عناية ومتابعة فقد يجوع ويعطش وقد يتأذى فلا يجد منقذا ولقد وقع لأحد جيراننا أنه أحضر أضحية وأوثقها بحبل في رقبتها وغاب عنها فتحركت وضاق عليها الحبل ثم أتى فوجدها قد ماتت مختنقة وسبب ذلك
1 - الأهمال وطول الغياب
2 - ربط الحبل في الرقبة والأحوط جعله في الرجل والأفضل من هذا كله أن نجعل لها مكانا يسرح فيه
قال الشيخ ابن باز أن الحيوان عرضة لأنواع كثيرة من المتاعب عند شحنه ونقله بكميات كبيرة خلال مسافات طويلة ربما ينتج عنها تزاحم مهلك لضعيفها وجوع وعطش وتفشي الأمراض فيها وحالات أخرى مضرة تستوجب النظر السريع والدراسة الجادة من أولياء الأمور بوضع ترتيبات مريحة شاملة لوسائل النقل والترحيل والإغاثة من إطعام وسقي وغير ذلك من تهوية وعلاج وفصل الضعيف عن القوي الخطر وهذا اليوم شيء ممكن للمؤسسات المستثمرة والأفراد والشركات المصدرة والمستوردة وهو من واجب نفقتها على ملاكها ومن هي تحت يده بالمعروف"
مما سبق نجد وجوب حسن معاملة الحيوان فى كل شىء من طعام وشراب ومسكن وركوب وحمل ولكن الأحاديث المستشهد بها بعضها باطلة المعنى فحديث شكوى الجمل للنبى(ص) الخطأ فيه معجزة كلام الجمل للنبى (ص)وهو ما يخالف قوله تعالى "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "فالآيات وهى المعجزات ممنوعة
وحديث دخول البغية الجنة مخالف لوجوب توبة أى إنسان وهى استغفاره حتى يغفر الله له كما قال تعالى :
" ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"
وحجة المزيدى عن أن هذا شرع خاص بموسى(ص)لابد بناء على هذا الشرع الذى ليس شرعا إلهيا أن يدخل فرعون الجنة لأنه من ربى موسى(ص) ففعل خير من كافر لا يعنى دخوله الجنة
وفى الباب ألأخير استعرض جوانب حرمة تعذيب الحيوان فقال :
"6 - الباب السادس الرحمة بتحريم التعذيب
إن تحريم تعذيب الحيوان يفهم من تعاليم الإسلام بوضوح وصراحة ويؤخذ ذلك من الأمر برحمة هذا الحيوان وعدم تجويعه وإتعابه كما سبق والأمر بالشيء نهي عند ضده فهو لما أمرنا برحمته فهو ينهانا عن تعذيبه كما أن الأمر بالإيمان يتضمن النهي عن الكفر ويؤخذ أيضا - تحريم التعذيب- من أحاديث صرحت بتحريم صور من التعذيب وهذه الصور التي سنذكرها يقاس علها غيرها من مثلها في المعنى
الصورة الأولى
1 - صبر الحيوان أي أن يحبس وهو حي ويتخذ هدفا يرمى وفي تحريم هذا نصوص عدة منها نص عام وهو قوله تعالى " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ونص خاص وهو أن ابن عمر مر " بنفر نصبوا دجاجة يرمونها فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها وقال ابن عمر من فعل هذا؟ أن النبي " لعن من فعل هذا " واللعن يدل على التحريم بل يدل على أنها كبيرة وقال (ص) " لا تتخذوا شيئا فيه روح غرضا "
وهذا التحريم سببه بين وهو
1 - قتل نفس بلا سبب 2 - تعذيب هذه النفس
3 - تضييع لماليته أي أن لهذا للحيوان قيمة فقد 'ينتفع به بالبيع أو الاستخدام
ملاحظة المحظور هنا هو الحبس مع التعذيب وعدم الإطعام وأما الحبس مع الإطعام وعدم التعذيب والإيذاء فجائز يفهم ذلك من مفهوم الأحاديث السابقة وصراحة من حديث أنس لما قال كان النبي (ص) أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير وكان إذا جاء قال (ص) " يا أبا عمير ما فعل النغير " نغر كان يلعب به قال ابن حجر في الحديث " جواز لعب الصغير بالطير وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه انتهى شرط أن لا يعذبه الطفل فعلى الأبوين أن ينبهانه إلى هذا ونقل ابن حجر عن القرطبي قوله أما تمكينه من تعذيبه ولا سيما حتى يموت فلم يبح قط
الصورة الثانية"
والأحاديث فى لعب الأطفال بالطيور والحيوانات الحية باطلة فلا يجوز أن يلعب الأطفال بها لعدم عقلهم فهم لا يعرفون أنهم يؤلمونها يجوز مثلا أن يلمسوها ويتركوها ويتفرجون عليها وأما ربطها وجرها أو حبسها أو ما شابه ذلك فمحرم
ثم قال :
"2 - التمثيل بالحيوان هو ما يفعل بالحيوان الحي من تشويه كقطع بعض أطرافه وغير ذلك
وهذا محرم نهى النبي (ص) عنه بل ولعن صاحبه قال ابن عمر " لعن النبي (ص) من مثل بالحيوان " وأتى النبي (ص) رجلا يشق آذان بعض الابل بالموسى ويحرمها على نفسه -وهذه عبادة جاهلية - فقال له النبي (ص) " فكل ما آتاك الله لك حل ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أشد من موساك " وهذا تحذير من النبي (ص) من أن يمثل بالحيوان و عليه من كان عنده حيوان بري أو بحري صغير أم كبير (كالحوت) فلا يجوز له قطع أطرافه وتشويهه لأن في ذلك من التعذيب ما لا يخفى
الصورة الثالثة
3 - الخصاء أي إخصاء الحيوان برض خصيته أو قطع ذكره أو بإعطائه من الأدوية ما يجعله خصي لا يمكنه التناسل
قال ابن عمر " نهى رسول الله (ص) عن خصاء الخيل والبهائم " وسبب ذلك لما يفوت عليه من مصلحة التناسل إتلاف فطرة وضعها الله فيه و ما يحصل للحيوان من ألم حين خصائه -إن كان بغير دواء-
ولعدم مصلحة في ذلك إلا قولهم إنه بذلك يسمن ويكبر ويطيب لحمه
ومن الممكن أن نستغني عن الخصاء وأن نحصل اللحم الطيب السمين بالغذاء والعناية السليمة والقاعدة تقول " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " ولكن إن انتفت هذه المفاسد فوجدت طريقة لا يتألم معها الحيوان-الدواء-ووجدت المصلحة والحاجة لهذا الفعل جاز
الصورة الرابعة
4 - وسم الوجه أو ضربه الوسم أصله من السمة وهي العلامة والمراد هنا جعل علامة في الوجه بالكي أو الجرح وما أشبه ذلك
وهذا محرم بدليل " أن النبي (ص) مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال " لعن الله الذي وسمه "
وفي رواية " لعن الله من فعل هذا لا يسمن أحد الوجه ولا يضربنه "
فالنبي (ص) نهى عنه لمنع تعذيبه وتشويه وجهه ولكن إن كانت هناك مصلحة تستدعي الوسم للتمييز بين الدواب فيجوز ولكن في غير الوجه
ودليل ذلك قول أنس رضي الله عنه " غدوت إلى رسول الله (ص) فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة "
قال ابن حجر الحكمة فيه تميزها وليردها من أخذها ومن ألتقطها وليعرفها صاحبها فلا يشتريها إذا تصدق بها مثلا لئلا يعود في صدقته
وذهب إلى هذا جمهور العلماء والعلة كما قلنا جواز إيلام الحيوان للحاجة والمصلحة الراجحة قال النووي إذا وسم فيستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره ويظهر الوسم " فإن قيل لم لا تستبدلون الوسم باللون يوضع على جلده أو شعره فهذا لا يؤذيه وتتحقق به المصلحة؟
الجواب / اللون يزول بالغسل والشعر قد يتغير فلا تحصل المصلحة به أما الوسم فلا يزول ولكن إن وجدنا شيئا لا يزول ولا يؤلم صرنا إليه
الصورة الخامسة
5 - لعن الحيوان والدعاء عليه فالدعاء عليه طلب للضر له وقد يستجيب الله هذا الدعاء فيتأذى الحيوان بذلك وهذا منهي عنه لما جاء عن النبي (ص) أنه كان " في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فتضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله (ص) فقال " خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة " وفي رواية " لا أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله " قال النووي إنما قال هذا زجرا لها ولغيرها فعوقبت بإرسال الناقة ومما يدل على أن الحيوان قد يتأذى بالدعاء عليه قول النبي (ص) " لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم " قاله (ص) لرجل لعن دابته ومن الصور السابقة نأخذ تحريم بعض الصور التي لم يرد فيها نص صحيح فمن ذلك
6 - التحريش بين البهائم وهو أن يجعل حيوانين في حلبة ليتقاتلا كالكلاب والديكة فهذا محرم ولا ريب في ذلك لأن النبي (ص) نهى عن تعذيب الدابة وقتلها بلا سبب وهنا ستعذب إحدى الدابتين الأخرى وتقتلها في النهاية غالبا ولأن النبي (ص) نهى عن إتعاب الحيوان وهنا سوف يتعب بلا فائدة بل لمجرد اللهو والعبث وفيه أيضا إضاعة للمال - أي البهيمة- المقتولة وما يصحب ذلك من مراهنات وضياع للأموال
وللتنبيه ورد في التحريش بين البهائم حديث ضعيف قال ابن عباس " نهى رسول الله (ص) عن التحريش بين البهائم " ويكفينا ما سبق لتحريمه
7 - ما يسمى اليوم (مصارعة الثيران) وفيه يدخل ثور قوي ورجل فاسق في حلبة كبيرة ومع هذا الرجل رماح وسكاكين ويقوم هذا الرجل على استثارة هذا الثور بالركض والمراوغة وتحريك ثوب أحمر وبينما الثور يهاجمه يقوم الفاسق بطعنه وهكذا حتى ينهك هذا الثور ويتصبب دما فيعطيه هذا الظالم الضربة القاضية بسكين في رأسه فيسقط
وأي رياضة هذه يرضاها عاقل رزين ولكنه الهوى واتباعه من غير معيار وحدود وقسوة القلب ولا حاجة في التكلم في تحريم هذا التعذيب فهو ظاهر و ذكر الشيخ ابن باز بعض صور التعذيب التي تستخدم في هذه الأيام منها نتف ريش الدجاج والطيور هي حية أو تغطيسها في الماء شديد الحرارة وهي حية أو تسليط البخار عليها لإزالة الريش زاعمين أنه أرفق بما يراد ذبحه من الحيوان وهذا فيه من التعذيب ما لا يخفى مخالفته لنصوص الأمر بالإحسان إليه "
ومل ما ذكره المزيدى من صور إضرار الحيوان بتغيير خلقته هو استجابة لقول الشيطان :
" ولآمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله "
أمس في 9:43 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:11 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 9:36 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الإثنين نوفمبر 18, 2024 9:33 pm من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:39 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
السبت نوفمبر 16, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب زواج موسى ولماذا تزوج داود وسليمان كل هؤلاء النسوة؟
الجمعة نوفمبر 15, 2024 9:18 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟
الخميس نوفمبر 14, 2024 9:31 pm من طرف رضا البطاوى
» نقد كتاب إبطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 8:56 pm من طرف رضا البطاوى