قراءة فى مقال جن وشياطين: الوجود والتجسد والتأثير
صاحب المقال سليمان المدني وموضوعه هو ما يفعله الجن مع الإنس وقد استهله بذكر مصادر المقال وهى الكتب السماوية فقال :
"إن البحث عن حقيقة الجن والشياطين يتطلب منا استحضار بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن الجن والشياطين بطريقة أو بأخرى. لأن الكتب السماوية عموماً هي المصدر الأكثر مصداقية عن تلك الكائنات خاصة وأنه لا يمكن للعلم الحديث حتى الآن وبشتى وسائله العلمية والمخبرية أن يؤكد وجود أو عدم وجود تلك المخلوقات، ولدرجة نفى فيها الكثير من العلماء الماديين إمكانية وجودها، وإن كان ذلك يتعارض مع المعتقدات الإيمانية لشتى الرسالات السماوية."
وتحدث عن كون الجن كالبشر مكلفين فقال :
"كائنات مكلفة
لم يؤكد القرآن الكريم وجود الجن والشياطين فحسب بل أسهب في مواضع كثيرة بوصفها وشرح قدراتها التأثيرية على البشر عموماً، فقد جاء في قوله تعالى:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} (الرحمن - 33)
ليؤكد لنا بأن الجن مخلوقات عاقلة ومكلفة، بل هي أكثر قدرة علمية من البشر لكونه ذكرها قبل الإنس، وأنه سبحانه وتعالى يخاطبها كما يخاطب البشر الند للند، ويتحداها كما يتحدى البشر في القدرة على النفوذ من أقطار السماوات والأرض، مؤكداً لها وللبشر بأن القدرة على النفوذ لا تتم إلا بسلطان، وهو العلم أو ما شابهه من القدرات. مما يعني امتلاكها للعلم والقدرات الخارقة التي تفوق القدرة البشرية. "
والخطأ فى الحديث هو كون الجن أكثر علما من البشر وهو ما يخالف تفضيل الله للبشر على سائر الخلق كما قال تعالى :
" "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"
وتحدث عن تفوق الجن فى العلوم حيث قال :
"معنى أن للجن علومه ومعرفته وتقنيته الإبداعية كما عند البشر تماماً، بل وربما أكثر، وهناك من يرى بأن الأطباق الطائرة وزوار الفضاء المزعومين هم من بعض جماعات الجن الذين يظهرون لنا بهذه الصفات لإيقاعنا بالمزيد من الضلالات والجهالات.
إضافة إلى أن الجن مخلوقات مكلفة كالبشر، ولهم أنبياؤهم وكتبهم السماوية، كما يتضح لنا ذلك من قوله تعالى:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَاتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} (الأنعام - 130).
لاحظوا معنا كلمة رُسل منكم، إنها تؤكد أن هناك رسل من الجن أرسلها الله سبحانه وتعالى للجن، كما أن هناك رسل وأنبياء من الأنس أرسلها سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء إضافة إلى أن الدين الإسلامي الحنيف والقرآن الكريم أرسل للإنس والجن على السواء تأكيداً لقوله تعالى:
{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} (الجن - 1، 2).
ولا يتوقف الأمر الإلهي على تكليف الجن بما كلف به البشر تأكيداً لقوله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات - 56).
بل يتعدى ذلك ليؤكد لهم نفس الوعيد الذي وعد به البشر يوم القيامة والبعث والحساب كما جاء في قوله تعالى:
{فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً} (مريم - 6)
وقوله أيضاً: {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ} (الأنعام - 128)
يستدل مما سبق أن الجن كائنات عاقلة واعية ومكلفة مثلها مثل البشر تماماً، وأنها ستحاسب يوم القيامة عن أفعالها كما يحاسب بني البشر، وأن منها الخَيِّر ومنها الشرير لقوله تعالى:
{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} (الجن - 11)"
وتناول حقيقة التجسد وهو تحول الجن إلى صورة بشر أو حيوانات فقال :
"حقيقة التجسد
وإن كانت الجن غير ظاهرة للعيان بسبب كونها تعيش في مرتبة اهتزاز مختلفة عن مرتبة اهتزاز حياتنا المادية، إلا أنها قادرة على التشكل والتجسد بصور مادية شتى منها الصورة البشرية، إضافة لقدرتها على التشكل بهيئة الحيوانات كالكلاب والحمير والقطط والأفاعي والصراصير والفئران، وقدرتها على التشكل بصور الحشرات والهوام كالبعوض وغيره. ومن جهة أخرى يؤكد القرآن الكريم تجسد الجن والشياطين لسيدنا سليمان عليه السلام:
{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} (النمل - 17).
نلاحظ هنا أن جنود سليمان كانوا من الجن أولاً والإنس ثانياً، وبعدها من الطير، إلا أن ما يسترعي الانتباه كون الجن والإنس كانوا يعملون في جيش سليمان متساوين ومتعاونين ويرى بعضهم بعضاً، ولو لم يكن جنوده من الإنس قادرين على رؤية أندادهم من الجن لما تمكنوا من العمل معاً.
ورب قائل يقول أن هذه الحالة كانت استثنائية لنبي الله سليمان عليه السلام، وأن لا أحد يرى الجن غيره، إلا أن الآية الكريمة توضح لنا ضرورة أن يرى الإنس الجن طالما يعملون معاً وفي مهمة مشتركة، وتؤكد الآيات التالية ضرورة ذلك. قال تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (النمل - 39، 40)
حيث نرى أن العفريت والذي عنده علم الكتاب وهو من البشر يحضرون مجلس نقاش مع سليمان عليه السلام، وهذا يتطلب أن يرى بعضهم بعضاً، ومع ذلك يمكن أن يكون تجسد الجن المادي في هذه الحالة على غير صورته الأصلية والله أعلم.
ويؤكد سيادة سيدنا سليمان عليه السلام على الجن قوله تعالى:
{وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} (الأنبياء - 82) وكذلك قوله تعالى:
{وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} (سبأ - 12)
يتضح هنا أن عمل الجن بإمرة نبي الله سليمان كان بإذن من الله سبحانه وتعالى وأمره، لأنه كان يهدد من لم يمتثل منهم لإرادة سليمان بعذاب السعير.
أما قوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ} فتؤكد القدرة العاملة للجن والتي لا تتم إلا بتجسد حقيقي وربما يرجح تفسير هذه الآية الآراء التي تقول بأن عمل الجن مع سليمان وتجسدهم آنذاك هو حالة استثنائية لإرادة إلهية والله أعلم."
وحقيقة التجسد أنه أعطى للرسل(ص) منهم كجبريل (ص) الذى ظهر لمريم فى صورة بشر كما قال تعالى :
"واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا"
ولم يعطى لأحد أخر غير الملائكة الرسل(ص)
وأما ظهور الجن فى حياة الناس فقد كان مقصورا على الفترة السلمانية لأن سليمان(ص) طلب ألا يعطى أحد ذلك بعده فقال :
" رب اغفر وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى "
والعفريت الذى تكلم عنه والذى عنده علم من الكتاب وهو جبريل(ص) رسولان من رسل الله والعفريت قد يكون ميكال (ص)فالمعجزات وهى ألايات الخارقات لا تعطى إلا للرسل(ص) كما قال تعالى :
" وما كان لرسول أن يـأتى بأية إلا بإذن الله"
وحكى الرجل روايات حديثية فقال :
"وقد روى البخاري ومسلم أن عِفْريتًا من الجن تفلَّت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريد أن يقطع عليه صلاته، فأمسَك به وخَنَقَه، وأراد أن يربِطه في سارية من سواري المسجد، لكنه تذكَّر دعوةَ أخيه سليمان، فأطلقه. وجاء في رواية مسلم قوله: والله لولا دعوةُ أخي سُليمان لأصبح مُوثقًا يلعب به وِلْدانُ أهل المدينة، وفي رواية النسائي بإسناد جيد أنه خنقه حتى وجد بَردَ لسانه على يده. وتوضح هذه الحادثة إمكانية تجسد الجن لغير سليمان عليه السلام، ولكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتأدباً منه، لم يشأ منافسة نبي الله سليمان عليه السلام فيما اختصه الله سبحانه وتعالى، وكان نبي الله سليمان قد خاطب ربه بقوله:
{وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}
وقد حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أن تجسد الشيطان في أكثر من موضع وبصور لأشخاص معروفين وأشخاص غير معروفين.
وقد حدث أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فيدخل عليهم رجل غريب، نتن الرائحة، قبيح المنظر، مقطع الثياب فيخبرهم النبي صلى الله عليه و سلم أنه الشيطان جاء يشككهم في أمر دينهم.
وهنالك قصة أبو هريرة رضي الله عنه، وقصة الرجل النجدي، وقصة تجسد الشيطان في صورة سراقة بن مالك، وكذلك قصة عمار بن ياسر، وغيرها الكثير من القصص التي يزخر بها التراث الإسلامي الذي يؤكد بمجمله إمكانية تجسد الجن والشياطين بهيئة بشرية أو بغيرها"
وكل الروايات لم يحدث منها شىء ولا قالها الرسول (ص) فلا يمكن لجنى أن يؤذى الرسول(ص) ولا يقرر فى نفسه ذلك لعلمه بقوله تعالى :
"والله يعصمك من الناس"
وهو ما عبر عنه بقوله :
"إنا كفيناك المستهزئين"
وتحدث عن رؤية البشر للجن واتصالهم ببعض فى عصرنا فقال :
"أما في عصرنا الراهن فكثيرة هي مشاهداتنا للجن، وإن كنا لا ندري حقيقتها أثناء لقاءنا معها، فهي قد تتجسد لنا بصورة بشرية أو على هيئة حيوان أو غيره. كما تتجسد للبعض بشكل مرعب ومخيف كالأشباح التي يزداد الحديث عنها على مر العصور، والبيوت التي يقال أنها مسكونة من قبل الجن والتي تحدث فيها أعمال تخريب وضوضاء وإيذاء وإحراق لأدوات المنازل وصفق لأبوابها وغير ذلك الكثير من الأمثلة التي لا يمكن حصرها."
وهو خطأ فادح فالجن لم يتصلوا بالبشر إلا فى عهد سليمان(ص) فقط كجماعة وأما بقية الاتصال فكان عبر الملائكة وهم فصيل من الجن اصطفاه الله وانتهى بانقطاع الوحى وختم النبوة والرسالة
صاحب المقال سليمان المدني وموضوعه هو ما يفعله الجن مع الإنس وقد استهله بذكر مصادر المقال وهى الكتب السماوية فقال :
"إن البحث عن حقيقة الجن والشياطين يتطلب منا استحضار بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن الجن والشياطين بطريقة أو بأخرى. لأن الكتب السماوية عموماً هي المصدر الأكثر مصداقية عن تلك الكائنات خاصة وأنه لا يمكن للعلم الحديث حتى الآن وبشتى وسائله العلمية والمخبرية أن يؤكد وجود أو عدم وجود تلك المخلوقات، ولدرجة نفى فيها الكثير من العلماء الماديين إمكانية وجودها، وإن كان ذلك يتعارض مع المعتقدات الإيمانية لشتى الرسالات السماوية."
وتحدث عن كون الجن كالبشر مكلفين فقال :
"كائنات مكلفة
لم يؤكد القرآن الكريم وجود الجن والشياطين فحسب بل أسهب في مواضع كثيرة بوصفها وشرح قدراتها التأثيرية على البشر عموماً، فقد جاء في قوله تعالى:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} (الرحمن - 33)
ليؤكد لنا بأن الجن مخلوقات عاقلة ومكلفة، بل هي أكثر قدرة علمية من البشر لكونه ذكرها قبل الإنس، وأنه سبحانه وتعالى يخاطبها كما يخاطب البشر الند للند، ويتحداها كما يتحدى البشر في القدرة على النفوذ من أقطار السماوات والأرض، مؤكداً لها وللبشر بأن القدرة على النفوذ لا تتم إلا بسلطان، وهو العلم أو ما شابهه من القدرات. مما يعني امتلاكها للعلم والقدرات الخارقة التي تفوق القدرة البشرية. "
والخطأ فى الحديث هو كون الجن أكثر علما من البشر وهو ما يخالف تفضيل الله للبشر على سائر الخلق كما قال تعالى :
" "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"
وتحدث عن تفوق الجن فى العلوم حيث قال :
"معنى أن للجن علومه ومعرفته وتقنيته الإبداعية كما عند البشر تماماً، بل وربما أكثر، وهناك من يرى بأن الأطباق الطائرة وزوار الفضاء المزعومين هم من بعض جماعات الجن الذين يظهرون لنا بهذه الصفات لإيقاعنا بالمزيد من الضلالات والجهالات.
إضافة إلى أن الجن مخلوقات مكلفة كالبشر، ولهم أنبياؤهم وكتبهم السماوية، كما يتضح لنا ذلك من قوله تعالى:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَاتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} (الأنعام - 130).
لاحظوا معنا كلمة رُسل منكم، إنها تؤكد أن هناك رسل من الجن أرسلها الله سبحانه وتعالى للجن، كما أن هناك رسل وأنبياء من الأنس أرسلها سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء إضافة إلى أن الدين الإسلامي الحنيف والقرآن الكريم أرسل للإنس والجن على السواء تأكيداً لقوله تعالى:
{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} (الجن - 1، 2).
ولا يتوقف الأمر الإلهي على تكليف الجن بما كلف به البشر تأكيداً لقوله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات - 56).
بل يتعدى ذلك ليؤكد لهم نفس الوعيد الذي وعد به البشر يوم القيامة والبعث والحساب كما جاء في قوله تعالى:
{فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً} (مريم - 6)
وقوله أيضاً: {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ} (الأنعام - 128)
يستدل مما سبق أن الجن كائنات عاقلة واعية ومكلفة مثلها مثل البشر تماماً، وأنها ستحاسب يوم القيامة عن أفعالها كما يحاسب بني البشر، وأن منها الخَيِّر ومنها الشرير لقوله تعالى:
{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} (الجن - 11)"
وتناول حقيقة التجسد وهو تحول الجن إلى صورة بشر أو حيوانات فقال :
"حقيقة التجسد
وإن كانت الجن غير ظاهرة للعيان بسبب كونها تعيش في مرتبة اهتزاز مختلفة عن مرتبة اهتزاز حياتنا المادية، إلا أنها قادرة على التشكل والتجسد بصور مادية شتى منها الصورة البشرية، إضافة لقدرتها على التشكل بهيئة الحيوانات كالكلاب والحمير والقطط والأفاعي والصراصير والفئران، وقدرتها على التشكل بصور الحشرات والهوام كالبعوض وغيره. ومن جهة أخرى يؤكد القرآن الكريم تجسد الجن والشياطين لسيدنا سليمان عليه السلام:
{وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} (النمل - 17).
نلاحظ هنا أن جنود سليمان كانوا من الجن أولاً والإنس ثانياً، وبعدها من الطير، إلا أن ما يسترعي الانتباه كون الجن والإنس كانوا يعملون في جيش سليمان متساوين ومتعاونين ويرى بعضهم بعضاً، ولو لم يكن جنوده من الإنس قادرين على رؤية أندادهم من الجن لما تمكنوا من العمل معاً.
ورب قائل يقول أن هذه الحالة كانت استثنائية لنبي الله سليمان عليه السلام، وأن لا أحد يرى الجن غيره، إلا أن الآية الكريمة توضح لنا ضرورة أن يرى الإنس الجن طالما يعملون معاً وفي مهمة مشتركة، وتؤكد الآيات التالية ضرورة ذلك. قال تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} (النمل - 39، 40)
حيث نرى أن العفريت والذي عنده علم الكتاب وهو من البشر يحضرون مجلس نقاش مع سليمان عليه السلام، وهذا يتطلب أن يرى بعضهم بعضاً، ومع ذلك يمكن أن يكون تجسد الجن المادي في هذه الحالة على غير صورته الأصلية والله أعلم.
ويؤكد سيادة سيدنا سليمان عليه السلام على الجن قوله تعالى:
{وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} (الأنبياء - 82) وكذلك قوله تعالى:
{وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} (سبأ - 12)
يتضح هنا أن عمل الجن بإمرة نبي الله سليمان كان بإذن من الله سبحانه وتعالى وأمره، لأنه كان يهدد من لم يمتثل منهم لإرادة سليمان بعذاب السعير.
أما قوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ} فتؤكد القدرة العاملة للجن والتي لا تتم إلا بتجسد حقيقي وربما يرجح تفسير هذه الآية الآراء التي تقول بأن عمل الجن مع سليمان وتجسدهم آنذاك هو حالة استثنائية لإرادة إلهية والله أعلم."
وحقيقة التجسد أنه أعطى للرسل(ص) منهم كجبريل (ص) الذى ظهر لمريم فى صورة بشر كما قال تعالى :
"واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا"
ولم يعطى لأحد أخر غير الملائكة الرسل(ص)
وأما ظهور الجن فى حياة الناس فقد كان مقصورا على الفترة السلمانية لأن سليمان(ص) طلب ألا يعطى أحد ذلك بعده فقال :
" رب اغفر وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى "
والعفريت الذى تكلم عنه والذى عنده علم من الكتاب وهو جبريل(ص) رسولان من رسل الله والعفريت قد يكون ميكال (ص)فالمعجزات وهى ألايات الخارقات لا تعطى إلا للرسل(ص) كما قال تعالى :
" وما كان لرسول أن يـأتى بأية إلا بإذن الله"
وحكى الرجل روايات حديثية فقال :
"وقد روى البخاري ومسلم أن عِفْريتًا من الجن تفلَّت عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريد أن يقطع عليه صلاته، فأمسَك به وخَنَقَه، وأراد أن يربِطه في سارية من سواري المسجد، لكنه تذكَّر دعوةَ أخيه سليمان، فأطلقه. وجاء في رواية مسلم قوله: والله لولا دعوةُ أخي سُليمان لأصبح مُوثقًا يلعب به وِلْدانُ أهل المدينة، وفي رواية النسائي بإسناد جيد أنه خنقه حتى وجد بَردَ لسانه على يده. وتوضح هذه الحادثة إمكانية تجسد الجن لغير سليمان عليه السلام، ولكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتأدباً منه، لم يشأ منافسة نبي الله سليمان عليه السلام فيما اختصه الله سبحانه وتعالى، وكان نبي الله سليمان قد خاطب ربه بقوله:
{وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}
وقد حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أن تجسد الشيطان في أكثر من موضع وبصور لأشخاص معروفين وأشخاص غير معروفين.
وقد حدث أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فيدخل عليهم رجل غريب، نتن الرائحة، قبيح المنظر، مقطع الثياب فيخبرهم النبي صلى الله عليه و سلم أنه الشيطان جاء يشككهم في أمر دينهم.
وهنالك قصة أبو هريرة رضي الله عنه، وقصة الرجل النجدي، وقصة تجسد الشيطان في صورة سراقة بن مالك، وكذلك قصة عمار بن ياسر، وغيرها الكثير من القصص التي يزخر بها التراث الإسلامي الذي يؤكد بمجمله إمكانية تجسد الجن والشياطين بهيئة بشرية أو بغيرها"
وكل الروايات لم يحدث منها شىء ولا قالها الرسول (ص) فلا يمكن لجنى أن يؤذى الرسول(ص) ولا يقرر فى نفسه ذلك لعلمه بقوله تعالى :
"والله يعصمك من الناس"
وهو ما عبر عنه بقوله :
"إنا كفيناك المستهزئين"
وتحدث عن رؤية البشر للجن واتصالهم ببعض فى عصرنا فقال :
"أما في عصرنا الراهن فكثيرة هي مشاهداتنا للجن، وإن كنا لا ندري حقيقتها أثناء لقاءنا معها، فهي قد تتجسد لنا بصورة بشرية أو على هيئة حيوان أو غيره. كما تتجسد للبعض بشكل مرعب ومخيف كالأشباح التي يزداد الحديث عنها على مر العصور، والبيوت التي يقال أنها مسكونة من قبل الجن والتي تحدث فيها أعمال تخريب وضوضاء وإيذاء وإحراق لأدوات المنازل وصفق لأبوابها وغير ذلك الكثير من الأمثلة التي لا يمكن حصرها."
وهو خطأ فادح فالجن لم يتصلوا بالبشر إلا فى عهد سليمان(ص) فقط كجماعة وأما بقية الاتصال فكان عبر الملائكة وهم فصيل من الجن اصطفاه الله وانتهى بانقطاع الوحى وختم النبوة والرسالة
أمس في 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى مقال محاربات الأمازون
الأحد نوفمبر 24, 2024 9:52 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى كتاب قانون تفسير القرآن للنجم الطوفي
السبت نوفمبر 23, 2024 9:44 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب موقف علي في الحديبية
الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:34 pm من طرف رضا البطاوى
» عمر الرسول (ص)
الخميس نوفمبر 21, 2024 9:43 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:11 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 9:36 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الإثنين نوفمبر 18, 2024 9:33 pm من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:39 pm من طرف رضا البطاوى