قراءة فى كتاب الحب والعفاف
المؤلف هو مرتضى مطهري وهو يدور حول وجهتى نظر بناء الأسرة وهدمها مبينا وجود الزواج كأساس للعلاقة بين الرجل والمرأة وقد استهل حديثه بأن الزواج آية على وجود الله فقال :
"المبحث الأول الأخلاق العاطفية
قد يستغرب بعض الناس ما في اعتقاد المسلمين من أن العلاقة بين الزوجين إحدى الأدلة الواضحة على وجود الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
وتحدث ناقلا عن بعض الغربيين وجود مذاهب قديمة منها ما يعتبر الزواج خبث ويعتبره أهون الشرين ومنها ما ينهى عنه فقال :
"1 ـ العلاقة الزوجية قديما
والأعجب من كل هذا ما ذكره وأكد عليه الفيلسوف الاجتماعي برتراند/ راسل، وهو وجود مذاهب في العصور القديمة خالفت مسألة العلاقة الجنسية بين الزوجين، حيث اعتبرت أن الخبث والضياع ملازمان لكل علاقة زوجية وفي هذا الاطار أيضا ظهرت مذاهب دينية مسيحية كانت تدعو إلى التبتل والعزوبة، ووجدت مذاهب أخرى أكدت على الزهد والتنسك وانتشرت من إيران نحو الشرق عقيدة تعتبر المادة أساس الضياع، وأن العلاقة الجنسية غير طاهرة"
وذكر أن السبب فى وجود تلك الأقوال بخبث الزواج والعزوبية تعود لتصور الكنيسة الخاطىء عن حياة المسيح (ص) فقال:
"2 ـ منشأ فكرة خبث العلاقة
يذكر أن فكرة خبث العلاقة الجنسية قد بدأت بعد الصورة التي قدمتها الكنيسة للحياة التي عاشها النبي عيسى المسيح (ص) فاعتبروا أنه عاش عازبا بسبب الخبث الذاتي الموجود في العلاقة الزوجية ومن هنا أصروا على انتخاب البابا من بين رجال لم يخالطوا النساء مطلقا"
والمسيح(ص) لم يكن أعزبا وإنما تزوج وأنجب كما قال تعالى :
"ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية"
وبعض المذاهب النصرانية تشير إلى زواجه من مريم المجدلية وبنوا عليه فيلم شيفرة دافنشى
وتحدث عن أن الإسلام يعالج من خلال تكوين الأسرة مشاكل الكبت والانحلال معا فيقول:
3 ـ المنطق الإسلامي والعلاقة الزوجية
وبالعكس فقد سعى الإسلام لأجل تنظيم هذه العلاقة فالإسلام يرى أن مصلحة المجتمع المعاصر أو الأجيال القادمة هي وحدها التي تحدد مسألة العلاقات الجنسية وفي هذا المجال عمل على وضع أسس لن تؤدي إلى الشعور بالحرمان أو الاحباط أو كبت الغريزة الجنسية
وعلى كل حال فالإسلام لا يرى أي تناقض بين العلاقة الشريفة والمبادئ المعنوية والروحية، بل يرى هذه العلاقة جزء من طبائع الأنبياء وأخلاقهم
يروى أن أحد أصحاب الرسول الأكرم (ص) واسمه "عثمان بن مظعون" قد وصلت به العبادة إلى درجة أنه كان يصوم كل يوم، ويمضي الليل كله بالصلاة، فنقلت زوجته حالته هذه إلى الرسول الأكرم (ص)الذي خاطبه قائلا: "يا عثمان، لم يرسلني الله بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السمحة أصوم وأصلي وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستسن بسنتي، ومن سنتي النكاح ""
وعاد مرتضى إلى ذكر أن تصور الكنيسة الغربية الخاطىء للزواج هو سبب الثورة على الزواج والمطالبة بالتحلل من المؤسسة الزوجية فقال :
4 - العلاقة الزوجية في الغرب المعاصر
وتجدر الإشارة إلى أن المسائل التي ذكرت حول خبث العلاقة الجنسية والآثار الناجمة عنها تتعلق بماضي الغرب، حيث نشهد في زماننا تحولا كبيرا ومختلفا على مستوى الأخلاق والضوابط الجنسية، فاليوم يتحدث الجميع عن قدسية العلاقة الزوجية، ويرون ضرورة اطلاق الحرية للميول والرغبات ورفع القيود كافة في هذا المجال"
وتحدث عن مصدر الأخلاف العاطفية وفى الحقيقية فتسميتها بالعاطفية هى تسمية مخالفة للشرع فالشرع يطلق عليها الشهوة شهوة الرجل للمرأة والمرأة للرجل فقال:
"المبحث الثاني مصدر الأخلاق العاطفية
مهما كان أصل تلك الأخلاق والعادات ومصدرها، وكيفما كان ماضي البشرية، يبقى السؤال مطروحا وهو: ماذا يجب أن نفعل اليوم؟
1 - أجوبة وآراء
أ ـ ويل ديورانت
ينكر ويل ديورانت رجوع هذه الأخلاق إلى الفطرة البشرية، لأنها تنشأ من حوادث مريرة وقاسية وظالمة للبشر، لكنه يرى أنها لا بد منها لأنها إحدى مظاهر اختيار الأصلح في مسير التكامل الإنساني
ب ـ فرويد
ويعتقد فرويد أنه يجب نبذ الأخلاق القديمة وبالأخص تلك التي تتمحور حول المسائل الجنسية، باعتبار أن ما أصاب البشر من كوارث هو نتيجة تلك الأخلاق
ج ـ راسل
وهكذا فعل راسل الذي بنى نظريته الأخلاقية الجديدة على الأساس نفسه فنراه يدافع عن منطق لا مجال فيه للشعور بالخجل أو العفة أو التقوى والغيرة
والنتيجة المتسالم عليها اليوم هي أن العلوم المعاصرة لم تصل إلى معرفة جذور الضوابط الأخلاقية للعلاقات الجنسية "
إذا العلوم الغربية اختلفت فى مصدر الأخلاق المذكورة ولم تتفق على شىء حسبما نقل المؤلف وتحدث عن رأى العقل والفكر المعاصر فقال :
2 ـ رأي العقل
إن المنطق والعقل يدعوان إلى الاعتدال، فيجب محاربة كل التقاليد والخرافات المبنية على أساس خبث العلاقة الجنسية، وفي الوقت نفسه يجب أن لا نفسح المجال للتحلل ولما يهيج الغريزة ويثيرها ويدفعها إلى التمرد باسم الحرية
3 ـ الفكر المعاصر
لقد وجه أنصار المذهب الأخلاقي الجديد عدة اعتراضات إلى الأخلاق القديمة وهذا بحث ذو أهمية كبيرة، ليس لكونه جذب أفكار الفلاسفة والمفكرين المشهورين، بل لأن هذه الأفكار في حالة تقدم ونمو عند طبقة الشباب وكم من الشباب من لا تسعفه ذخيرته الفكرية لتناول هذه المسائل بالبحث والدراسة"
بالقطع منشأ الشهوات هو الخلقة التى خلق الله الإنسان عليها من قوتين العقل والشهوات تقدم كل منهما للإنسان ما تريد من خير أو شر وتتبقى إرادة الإنسان هى التى تختار أن تسلم قيادتها لأحدهما فإما تؤمن وإما تكفر كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وقام مرتضى بدحض رؤية الفساد الجديدة فقال :
"المبحث الثالث مناقشة الرؤية الجديدة للفساد
1 - مع دعاة الإصلاح: الرؤية الجديدة للفساد
يقول دعاة الإصلاح إن للضوابط والأخلاق الجنسية القديمة عللا وأسبابا غير موجودة في الوقت الحاضر، وبالتالي لا أثر لفاعلية تلك العلل في الوقت الحاضر
فالأخلاق القديمة كانت لوجود تيارات جاهلية ظالمة، قد ناقضت الحرية والعدالة الإنسانية ..
ويوضح أصحاب التجديد أن جذور الأخلاق القديمة تعود إلى نزعة العدوان والظلم عند الرجال، وإلى الخرافات التي كانت تسيطر في تلك الفترة
أما الآن فقد تحررت المرأة من كل القيود التي كانت تشعرها بالدونية، واكتسبت معارف ومعلومات جعلت منها موجودا مدركا لحقيقته، فدخلت ميادين متعددة في الحياة كالطب والعلم ووظائف الدولة، حيث أصبحت المرأة تشعر باستقلاليتها ...والذي يثير الاهتمام في هذه الرؤية التأكيد على حرية الرجال والنساء في الحصول على رغباتهم وإشباع غرائزهم، فهم يقولون إن الرجل والمرأة، بالإضافة إلى ضرورة نيلهما كل المتع والملذات بحرية قبل الزواج، فإن العلاقة الزوجية بينهما يجب أن لا تصبح حائلا دون تحقق هذه الملذات بعد الزواج، لأن فلسفة الزواج هي تأكد الآباء من بنوة الأجنة لهم بعد اختيارهم شريكات الحياة بصورة قانونية وقد ساهمت هذه الرؤية في الترويج لحالات الفساد، باعتبار أن الطب الحديث ساهم في حل مشكلة البنوة من خلال منع الحمل، وبالتالي يبقى الشخص حرا في ممارسة رغباته وإشباعها كما يشاء وقد صرح كبار منظري الغرب بهذه المسألة، فها هو "برتراند راسل" يقول:
"إن الموانع (موانع الحمل) جعلت من عملية الإنجاب شيئا إراديا خارجا عن نتائج العلاقات البيولوجية التي لا يمكن تفادي حصولها (الإنجاب القسري للولد)، وبناء على الأدلة الاقتصادية فإن الأب لم يعد بذي أهمية كبيرة بالنسبة لتربية الأبناء وإعاشتهم، ولهذا فلا ضرورة تقتضي أن تختار المرأة الشخص الذي تحبه كأب لأبنائها"
ويضيف قائلا أيضا:
"إن "أم" المستقبل يمكنها التنصل من هذا الالتزام دون أن يخل ذلك بشيء من سعادتها وحتى الرجال فإنهم سيستطيعون اختيار أم لأبنائهم بطريقة أيسر وأبسط من ذلك"
ثم إنه يصل إلى النتيجة التي أراد تعميمها، فيقول:
"والذين يعتقدون مثلي أن العلاقات الجنسية تكون أمرا اجتماعيا، يجب أن يخرجوا مثلي بهاتين النتيجتين:
أولا: إن ممارسة الحب بدون أطفال مباحة
وثانيا: يجب أن تقيد مسألة الإنجاب بقوانين أكثر صرامة من تلك الموجودة في الوقت الحاضر"
وبالقطع كل هذا الكلام عن العلل والأسباب القديمة والحديثة هو من ضمن الخبل الشائع فكل ما يحدث من خير أو شر ما يحدث هو نتيجة اختيار الإرادة وهى المشيئة الإنسانية لجانب من الاثنين كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وبالقطع جانب الإيمان وهو اتباع وحى الله فيه نتائج حسنة
وتعرض مطهرى لأسس الرؤية الفاسدة عند الغرب للعلاقة الشهوانية فقال :
2 - مبادئ الرؤية الجديدة
يمكن أن نستنتج من الرؤية الجديدة أنها تعتمد على ثلاثة مبادئ أساسية، كل مبدأ منها بحاجة إلى دراسة مستقلة:
أ ـ المبدأ الأول والفهم الصحيح
إن قضية الحرية هي المبدأ الأساس والقضية المحورية التي تدور حولها الرؤى الحديثة للعلاقات الغريزية، وبالأخص في العالم الغربي، حيث يعتبر المجتمع الغربي الحرية هي الأساس لكل الحقوق الفردية، وذلك لأنهم كانوا يظنون أن القضايا الجنسية لا علاقة لها بالمسائل الاجتماعية
يرى أصحاب الرؤى الحديثة أن حرية الفرد الجنسية لا تتعارض مع حرية أي إنسان آخر، إلا إذا طرأت بعض الموانع، ويقصدون منها بالتحديد مسألة الإنجاب وتحديد البنوة
ونستطيع في هذا البحث تسليط الضوء على نقطتين رئيسيتين هما:
النقطة الأولى: حرية الفرد وحقوق الآخرين
فلننظر في النقطة الأولى: لنرى ما الذي يجعل من الحرية ما يسمى بالحق الطبيعي للفرد
1 ـ تعارض مبدأ الحرية مع حقوق الآخرين
على عكس ما يتصوره الكثير من فلاسفة الغرب، فإن ميول الفرد ورغباته وإرادته ليست الأصل في إيجاد حق الحرية له، ولا هي الدافع لاحترام هذا الحق إن الأصل هو استعداد فطري وهبته له الحياة، لكي يتدرج به في مراتب الرقي والكمال ..
من الخطأ تفسير أو تصور مسألة خلق الإنسان حرا بمعنى أنه منذ ساعة ولادته يمتلك الإرادة والميل والرغبة الحرة، وأنه يجب احترام هذه الأشياء عند الإنسان إلا إذا تعارضت مع ميول الآخرين ورغباتهم وإرادتهم أو هددتها بالخطر كما أننا نثبت أن مصلحة الفرد العليا هي أيضا من شأنها تحديد حريته بالإضافة إلى حريات الآخرين وحقوقهم"
وحديث مطهرى عن أن الإنسان ليس حرا فى كل أطوار حياته كلام صحيح فالرضيع ليس حرا فهو خاضع لحرية من يربونه والأطفال خاضعون لمن يربونهم فى طفولتهم وفى سن أرذل العمر يعود لنفس الحالة من كونه أسير من يحيطون به
وتحدث عن النتائج الكارثية للرؤية الفاسدة وأن ما قاله راسل عن تلك الحرية هو وهم لأنه يجعل الأقوياء هم من يفرضون أرائهم على بقية المجتمع دون مراعاة لحرية هذا البقية فقال :
"وقد أدى هذا التفسير الخاطئ للحرية إلى انتكاسة كبيرة في الأخلاق وحينما يسأل "راسل" فيما إذا كان يرى نفسه مقيدا بأي من الأنظمة الأخلاقية، يرد بالإيجاب، ولكنه يدعي في الوقت نفسه صعوبة الفصل بين الأخلاق والسياسة
كما أنه يرى أن تعرض الأخلاق بهذه الصورة وهي: أن نفترض أن زيدا أراد إنجاز عمل يحمل النفع له والضرر لجيرانه، فعند ذلك سيجتمع الجيران ويبدون معارضتهم التامة لهذا العمل، كما سيتفقون على منع زيد من القيام بأي عمل يسيء فيه استغلال حريته الفردية ويدعي "راسل" أن هذه القضية تحمل في طياتها حالة جنائية تتطابق بصورة كاملة مع العقل والمنطق ويضيف أن طريقته الأخلاقية من شأنها توفير التناغم والانسجام بين المصالح العامة والخاصة لأفراد المجتمع"
إذا عدنا لمقولة الظلم مرة أخرى وأنه لا مساواة ولا عدالة
وتحدق عن تحرير رغبات الإنسان من خلال فلسفة راسل فقال :
2 ـ مدى تحرر رغبات الإنسان
إذا كان في "المدينة الفاضلة" لأفلاطون جانب عملي فإن طريقة "راسل" الأخلاقية لا تقل عن هذه في المجال العملي نفسه، لأن "راسل" ينكر دور المفاهيم المقدسة في طريقته تلك، كما أنه لا يقر المعاني والمفاهيم التي يقدمها الإنسان على مصلحته الخاصة والتي يقيد ويحدد بواسطتها ميوله ورغباته وإرادته كما أن "راسل" يعزو سبب قيام الأخلاق على تلك المعاني والمفاهيم المقدسة إلى "التابو"
وهو يقدس فقط حرية الإرادة والرغبة عند الإنسان، ويرى أن الشيء الوحيد الذي يحدد هذه الرغبة والإرادة ويقيدهما هو معارضتهما ومضايقتهما رغبة وإرادة الآخرين من الناس ثم يطرح "راسل" هذا السؤال وهو: ما الذي يضمن قبول الفرد بضرورة احترام حريات الآخرين؟ وأية قوة تستطيع أن تحدد حريته تجاه تلك الحريات؟
فيجيب بأنها قوة الآخرين في التصدي والمنع أثناء تعرض مصالحهم للخطر حين قيام الفرد بالاستفادة من حريته الشخصية، عند ذلك لا يرى الفرد بدا من أن يذعن ويستسلم للإرادة العامة،وسيحاول مرغما تنسيق مصالحه الخاصة مع المصلحة العامة ولا يريد "راسل" بكلامه هذا غير الإدعاء بأن الحقوق والمصالح العامة تحفظ عن طريق المصلحة الفردية وبهذا يظهر عقم فلسفته الأخلاقية بجلاء
طبيعي أن من يريد ارتكاب العدوان على الآخرين يجب أن تكون لديه القوة والقدرة الكافيتان للاعتماد عليهما أثناء ممارسة العدوان ذاك
يوحي "راسل" في نظامه الأخلاقي أن على الضعفاء الخوف من سطوة الأقوياء، وعليهم أن يتجنبوا الاعتداء على حقوقهم، ولكن طريقته الأخلاقية المقترحة هذه تعجز عن إعطاء ضمان للضعفاء يردع الأقوياء عن الاتحاد ضدهم أو عن اعتراض سبيلهم بالقسر في الحياة أو منع عدوانهم عليهم بل طريقة "راسل" تبارك في مضمونها عمل الأقوياء وتعتبره لا يتناقض مع الأخلاق أبدا فلا ضرورة بحسب رأي "راسل" ترغم الأقوياء على تنسيق مصالحهم مع المصلحة العامة إن هذه الفلسفة الأخلاقية تعطي التبرير القوي للمتسلطين لفرض آرائهم الباطلة وديكتاتوريتهم على الضعفاء والعجب أن "راسل"
يدعي أنه كرس حياته للدفاع عن حرية الأفراد وحقوقهم، بينما نرى فلسفته الأخلاقية لا تعمل إلا على تثبيت أركان الدكتاتورية "
ومن هنا انتهى مرتضى مطهرى إلى أن فلسفة راسل فلسفة فاسدة لأنها تعود لنفس الفلسفة القديمة والحالية وهى حكم الصفوة التى تقدر على العدوان باستمرار وهو ما سماها بالديكتاتورية
وتعرض مطهرى إلى أن الزواج فى الإسلام ليس مجرد إشباع الشهوة ولكنه مؤسسة كاملة للشهوة والتربية والرحمة فقال :
"النقطة الثانية: القضايا الجنسية والحقوق الإجتماعية
1 - الحرية الفردية والحياة الإجتماعية
لو رغب رجل وامرأة في إقامة علاقة مشتركة تحت عنوان الزواج، فهل الأفضل لهما أن يقيما حياتهما على أساس أن العلاقة الزوجية وسيلة لنيل السعادة والمتع وأن يبذلا أكثر وقتهما لجعل هذه الحياة أكثر سعادة، أم الأفضل نقل هذه العلاقة إلى خارج محيط العائلة، أي إلى المجتمع الكبير، للأزقة والشوارع والنوادي ومراكز التسلية ؟
شدد الإسلام على ضرورة توفير الاستعداد التام في المحيط العائلي لدى الزوج والزوجة لإشباع أحدهما رغبة الآخر، ورفض أي تقصير من أي منهما تجاه الآخر في هذا المجال وقد أكد على أن المجتمع هو محل للعمل والكسب والنشاط، أما العلاقة الغريزية بين الزوجين فلها مكان آخر بعيد عن أجواء المجتمع الخارجية ومن هنا كانت فلسفة حرمة النظر الشهواني إلى غير الزوجة وحرمة تزين الزوجة وتبرجها أمام غير زوجها، وهذا يعني أنه أوصى بالطريقة الأولى
واختار الغرب، الذي يعتبره الكثير قدوة له، الطريقة الثانية، وهو اليوم يدفع ثمن ما اختاره وما ارتضاه من ظلم"
وتحدث عن الأبعاد الاجتماعية للزواج فقال :
2 ـ الأبعاد الاجتماعية للزواج
إن الأبعاد الإجتماعية للزواج هي المسألة الأهم في هذا الشأن، فليس الهدف منه إقامة علاقة خاصة بين الزوج والزوجة، إذ يتضمن الزواج قضية البناء العائلي لإعداد جيل المستقبل، وتوفير الرفاه والسعادة للأجيال القادمة، وكل ذلك له علاقة بالوضع الاجتماعي للعائلة
إن المحيط العائلي هو البيئة التي تنمو فيها المشاعر والعواطف الإنسانية والاجتماعية، ودفء المحيط الفطري والطبيعي الذي يوفره الأبوان يمنح الهدوء والطمأنينة للطفل..
يقال إن العدالة تنتشر في أوروبا بصورة واسعة، بينما لا أثر للعواطف الإنسانية النبيلة لدى المجتمعات هناك إلا القليل النادر جدا ولا تلاحظ مثل هذه العواطف إلا نادرا بين الإخوة والأبناء والآباء، على عكس ما هو موجود عند الشرقيين، فلماذا؟
السبب هو لأن العواطف هذه لا تنمو إلا في جو عائلي مفعم بالصفاء والإخلاص والمحبة بين جميع أفراد العائلة"
وما قاله مطهرى عن العواطف هو كلام خاطىء فاسمها الأعمال الصالحة فى مجال الرحمة والتعاون
وتحدث عن أن المجتمع السعيد يخرج أجيالا سعيدة والمجتمع التعيس أة الشقى يخرج أشقياء فقال :
"المبدأ الثاني: مبدأ تربية الاستعدادات الفردية
نبدأ الحديث حول مبدأ ضرورة تربية الاستعدادات الفطرية عند الإنسان والذي يعتبر الركيزة التربوية لهذا النظام الأخلاقي
يقال، بناء على هذا المبدأ، إن الإنسان إذا تربى في بيئة تملأها السعادة فسيخرج فردا نافعا للمجتمع، وإن هذه البيئة ستساعد استعداداته الفطرية والطبيعية على الظهور والنمو والازدهار وكما يساهم نمو الاستعدادات في بهجة النفس ومنحها النشاط الكامل فإنه يحفظ التوازن الروحي للفرد فيبقى في حالة من الهدوء والطمأنينة، وينعكس هذا راحة تامة في المجتمع.. وبالعكس فإن كبت الاستعدادات عند الفرد سيولد ما لا حصر له من حالات القلق والاضطراب والإنحراف والجريمة في المجتمع"
والحقيقة أنه ليس بالضرورة أن ينتج المجتمع السعيد سعداء فأحيانا ما ينتج المجتمع الكافر مسلمين وهو ما نلاحظه من خروج معظم الرسل(ص) من المجتمعات الكافرة وأحيانا يخرج المجتمع المسلم كفار كما قال تعالى :
والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين "
وتحدث عن أهمية التربية السليمة وعدم الكبت أو الانحلال فقال :
1 ـ أهمية تنمية الاستعدادات الفطرية
نعتقد، في خصوص تنمية الاستعددات الفطرية للإنسان، أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق أي عضو من أعضاء جسم الإنسان عبثا، ولم يوجد الاستعدادات الروحية عند الإنسان بدون فائدة فكما يجب على الإنسان المحافظة على أعضاء جسمه وتغذيتها بالغذاء المناسب كذلك فإن الاستعدادات الروحية يجب ضبطها وإعطاؤها الغذاء الكافي الذي يساعد على نموها ونحن لم نفترض، عن طريق الآثار والنتائج ضرورة تربية الاستعدادات الفطرية وعدم كبتها، بل معرفتنا بالله هي التي أرشدتنا لذلك الاستعدادات المذكورة والأضرار الناجمة عن كبتها، أوصى مفكرون- بالاعتماد على الدليل نفسه-، بحفظ أعضاء الجسم وصيانتها، وعدم إهمال القدرات النفسية المودعة عند الإنسان، فلا يوجد- بناء على ذلك- أي ترديد في ضرورة تربية الاستعدادات بصورة عامة، بل إن مفهوم كلمة "التربية" التي اختيرت منذ القدم لإيصال هذا القصد تعطي المعنى نفسه، فليس للتربية معنى غير المساعدة على النمو والنضج، ولذلك ليس بحثنا في هل نربي الاستعدادات أم نهملها
2 ـ الوسيلة الصحيحة لتربية الاستعدادات الفطرية
أ ـ الأخلاق الإسلامية وتطهير الوجدان
يعتقد بعض أصحاب النظرة الضيقة أن الأخلاق والتربية الإسلامية تقف في طريق النمو الطبيعي للاستعدادات الفطرية عند الإنسان، ويزعمون أنها مبنية على أساس منع هذه الاستعدادات وكبتها، ويجعلون من التعابير الإسلامية في مجال تهذيب النفس وإصلاحها ذريعة ودليلا لشن هجومهم هذا وقد جاء هذا التأكيد في القرآن الكريم بعد تكرار عبارة القسم، قال الله تعالى:"قد أفلح من زكاها"، أي أن الفلاح يكون من نصيب الذين يطهرون أنفسهم من كل دنس
ويفهم من هذه العبارة القرآنية:
أولا: احتمال تلوث وجدان الإنسان
لا يمكن إنكار أي واحد من هذه الأمور الثلاثة، كما لا توجد عقيدة أو طريقة لا ترى احتمال تلوث الوجدان عند الإنسان، أو لا توصي بضرورة تطهير النفس من ذلك التلوث ..
ب ـ القرآن الكريم والنفس البشرية
وصف القرآن الكريم النفس البشرية بأنها "لأمارة بالسوء"، بمعنى أنها تأمر صاحبها بالشر ..ولكن القرآن الكريم لا ينظر إلى طبيعة النفس الإنسانية من الأساس نظرة نرى أنها شريرة بالذات، بل يرى أن هذه الطبيعة تتمرد في ظروف خاصة ولأسباب وأعراض معينة ويصدر عنها الشر
ج ـ علل تمرد القوى النفسية
أثناء البحث عن علل تمرد القوى النفسية ينشأ السؤالان التاليان:
السؤال الأول: ما الدافع إلى التمرد؟
وثانيا: أن تطهير الوجدان من هذا التلوث يكون في يد الشخص نفسه
وثالثا: أن القرآن يوجب تطهير الوجدان من التلوث الحاصل فيه، ويرى أن سعادة الإنسان وفلاحه متوقفان على هذا التطهير
ما الذي يدفع القوى النفسية عند الإنسان إلى التمرد والفوران؟
اكتفى أصحاب النظرة الضيقة، وبمقدار ما عرفوا أن الإسلام قد ذكر النفس البشرية بأنها"أمارة بالسوء"، بهذا القدر دليلا لاتهامهم الأخلاق والتربية الإسلامية بأنها تسيئ الظن بالاستعدادات الفطرية والمصادر الطبيعية للوجود البشري..
من الواضح خطأ هذا التصور وإن كان الإسلام قد ذكر حقيقة أن النفس البشرية "أمارة بالسوء" ولكنه سماها في مكان آخر بـ "النفس اللوامة" أي أنها تلوم صاحبها عند ارتكابه الشر، كما وصفها في مكان ثالث بأنها"النفس المطمئنة" أي التي وصلت إلى مرحلة الهدوء والكمال
وعلى هذا الأساس فالإسلام لا يرى شرا ذاتيا في طبيعة النفس الإنسانية، وفلسفته العملية لا تتبع طريقة القضاء على القوى النفسية أو على الأقل كبتها أو حبسها، كبقية الأنظمة الفلسفية أو التربوية
..اللافت للانتباه أن القرآن الكريم عند وصفه للنفس الإنسانية لم يطلق عليها "داعية السوء" بل قال عنها إنها"أمارة بالسوء"، وهو يريد بهذا التعبير أن يبين أن العواطف والمشاعر النفسية عند الإنسان إذا تمردت لا تدفعه إلى الجريمة والأعمال الانحرافية بل تتحكم فيه كسلطة ديكتاتورية مستبدة .."
والرجل هنا يقرر أن الإنسان قد تتبدل أحواله ما بين أمر بالسوء إلى لوم إلى طمأنينة وهو كلام صحيح فالمرجع فى المبدأ والمنتهى إلى مشيئته كما قال :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وتحدث عن كيفية إعادة التوازن للنفس فقال :
"السؤال الثاني: كيف نعود إلى التوازن؟
ما هو السبيل إلى إعادة الهدوء لهذه القوى وإرجاعها إلى التوازن؟
يمكن أن يطرح سؤال نابع من طريقة خاصة في فهم الدين، وهو: لو كانت الأخلاق الإسلامية ترى أن الاستعدادات الطبيعية للإنسان يجب أن لا تمس بسوء، فما هو معنى قتل النفس، أو إماتتها، هذا التعبير الذي يرد أحيانا في المحافل الدينية أو على الأقل على لسان معلمي الأخلاق الإسلامية؟ ماذا يعني هذا التعبير وأي مفهوم فيه؟
والجواب على هذا السؤال هو أن الإسلام لا يدعو إلى إبادة الطبيعة النفسية أو الاستعداد الفطري، بل يأمر بالقضاء على النفس الأمارة بالسوء وكما أسلفنا فإن النفس الأمارة بالسوء تمثل الاضطراب والفوضى ونوعا من التمرد والعدوان اللذين يظهران على وجدان الإنسان لأسباب معينة، فقتل النفس الأمارة بالسوء ليس معناه إلا إطفاء نار الفتنة والتمرد في القوى والاستعدادات النفسية .."
بالقطع المطلوب هو ما سماه الله نهى النفس عن الهوى فالله لا يطالب بإماتة النفس بمعنى قتلها أو القضاء عليها وإنما أن تتبع أحكام الله المنظمة لكل العلاقات بما يضمن طمأنينة الإنسان
وتحدث عن أضرار الكبت فقال :
"المبدأ الثالث: مبدأ أضرار الكبت
1 ـ الشعور بالحرمان أسهل الطرق للأمراض النفسية
يعتقد الكثير من علماء النفس أن جذور الأمراض النفسية والعصبية والاجتماعية تعود إلى الشعور بالحرمان وبالأخص في دائرة الأمور الغرائزية والجنسية ..والسؤال المطروح: إذا كان الفضل يعود إلى علماء النفس في الكشف عن هذه الأضرار فلماذا لم تتم الاستفادة من هذا المبدأ وبالتالي العمل على اجتثاث العديد من الأمراض التي تعاني منها البشرية؟
الجواب: إن تعقيدات المسائل النفسية وتعدد جوانبها من جهة، وعلاقة الموضوع بميول الإنسان التي تتدخل بصورة أو بأخرى في إعماء البصيرة من جهة أخرى، لم تترك مع الأسف مجالا للاستفادة التامة من هذا المبدأ، بل ساهمت طريقتهم في التعامل معه في ظهور الخلافات بينهم وزيادة ما يكبت الغرائز وإيجاد الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة الناجمة عن هذا الكبت
...والغريب أن عبادة الشهوة التي كانت تعتبر منافية للأخلاق وعنصرا للإخلال في الهدوء الروحي، أصبحت ذات معنى آخر مع تبدل القيم، وأضحت مخالفة الشهوة والتزام العفة والتقوى وقبول الحدود والقيود الاجتماعية عوامل من شأنها إفساد الهدوء الروحي والإخلال بالنظام الاجتماعي وعلى وقع هذه الأمور أخذت تتعالى الصيحات لرفع القيود والحدود باعتبار أن ذلك يساعد في قلع جذور العدوان، وارتفعت نداءات نبذ العفة، بدعوى أن نبذ العفة يؤدي إلى استقرار النظام في المجتمع
..هل زالت الأمراض النفسية؟ وهل حل الهدوء الروحي مكان الاضطراب والرعب؟
في الواقع كانت النتيجة عكسية، حيث أضيف شقاء جديد إلى شقاء الإنسانية، فأدى ذلك إلى تخلي بعض دعاة الحرية الجنسية عن أقواله متذرعا بالتفسير والتأويل والإدعاء بأن لا مفر من قبول الحدود الاجتماعية والإذعان بعدم إمكانية إشباع الغريزة بصورة كاملة، وأنه لا مناص من صرف الذهن إلى قضايا الفن والفكر وترويض الغريزة حتى تهتدي إلى هذه الأمور"
إذا الكبت والانحلال كلاهما ضاران بالنفس والجسد فالكبت هو فى الغالب نتاج الفقر وأما الانحلال فهو نتاج الغنى فى الغالب فالغنى الذى يعيش على أخذ أموال الآخرين بأى صورة من الصورة نتيجة فراغه الوقتى يقضى وقته فى التحلل سواء جنسيا أو فى احتساء الأطعمة والمشروبات المحرمة أو فى ممارسة أفعال أخرى كالقمار ونتيجة إدمانه لتلك الأمور يصاب بما يجعله فى كثير من الأحيان عاجز جنسيا أو عاجز عن تناول أطعمة معينة ... وهو ما حكاه دى ساد فى رواياته عن انحلال الطبقة الغنية ومن أجل هذا وصفوه بأنه شاذ مع أنهم كانوا هم الشاذين وهو يصف من عجزوا جنسيا بسبب إدمانهم للانحلال بانهم وجدوا لذاتهم فى تعذيب الأخرين والأخريات بالجلد والربط فى الأسرة وأحيانا بممارسة الجنس مع بناتهم وقريباتهم أو إرادتهم تقطيع أجسامهم بحجة العلم ..
وتحدث عن أضرار الرؤية الفاسدة فى المجتمعات المعاصرة فقال :
2 ـ الثورة الفكرية والغريزة البشرية
أدت الأخلاق التي دعا إليها الكثير من مفكري الغرب إلى اضطراب الغرائز والميول، فبرزت ظواهر اجتماعية خاصة نحن نشاهد بأم العين أن شباب اليوم يتهربون من الزواج بشكل ظاهر، كما أن قضايا الحمل والإنجاب بدأت تثير اشمئزاز المرأة، وأصبحت النساء لا تعير اهتماما كبيرا لإدارة شؤون البيت، حتى أضحت حالات الزواج التي يتوفر فيها الاندماج الروحي بين الزوجين نادرة وقليلة إن ظهور هذه الحالات نابع مما يطلق عليه اليوم "الثورة الفكرية"، وهناك أشخاص معدودون يتحملون وزر هذا الشقاء الذي تعاني منه البشرية
إن ما يميز الإنسان عن الحيوانات صنفين من الميول والأماني التي تكون عند البشر فقط وهما الأماني الصادقة والأماني الكاذبة والأماني الصادقة تعبر عن الطبيعة الفطرية للفرد، فهو يمتلك ميولا طبيعية تدفعه نحو حماية ذاته وميولا لكسب القوة والسيطرة وتنمية الأمور الجنسية والأكل وما شابه ذلك ولكل واحد من هذه الميول حكمة خاصة به
إن هذه الأمور كلها محدودة ولكنها تصلح لأن تكون أرضية لأمنية كاذبة فالميل والرغبة إلى أنواع الطعام عند الإنسان مشهودة ومعروفة للجميع
وتظهر الأمنية الكاذبة في بعض الميول والغرائز ومنها الغريزة الجنسية على شكل عطش أو نهم روحي فلا تعرف طريقا للقناعة والانتهاء وفي حين يمكن اشباع الغريزة الطبيعية يستحيل ذلك في الأمنية الكاذبة وبالأخص إذا كانت على صورة عطش أو نهم روحي"
وهناك نكتة تسخر من الشذوذ لأن المدمنين عليها جربوا فيه كل شىء ولم يتبق لهم سوى ما قالته النكتة وهو أن شاذين ملوا من ركوب أحدهما الأخر فقال أحدهم للأخر أريدك أن تنكحنى فى خرم قضيبى
إذا الانحلال يفضى فى النهاية إما إلى العجز أو الملل ومن ثم ينتحر بعضهم نتيجة عدم وجود شىء جديد فى العلاقة المحرمة
وتحدث مطهرى عن الفرق بين شهوة الحيوان والإنسان فقال :
3 ـ الفارق بين الإنسان والموجودات الأخرى
إن الخطأ الذي ارتكبه أصحاب الأخلاق الحرة بهدف الحد من كبت الغرائز وتنمية الاستعدادات أنهم تجاهلوا الفرق بين الإنسان والحيوان، ولم يلتفتوا إلى أن الميل اللامتناهي متأصل في طبع الإنسان،
إذا قلنا أن الإنسان محدود في حاجته إلى الغرائز والتسلط والتملك والجنس أو إنه قابل للاشباع، فنكون بذلك قد نفينا الحاجة إلى كل هذه القوانين الموضوعة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، لأن محدودية الغرائز وإمكان اشباعها لا تخلق دافعا لتجاوز الحد والذهاب إلى ما بعد حالة الاشباع"
إذا عيشة الإنسان عيشة الحيوانات تؤدى به إلى مضار جسدية أو مضار نفسية تجعله يدرك وجود حد لكل شىء وأنه لابد من العودة للحق إن كان يريد إيقاف الأضرار
وتحدث عن الحب والعفاف فقال :
المبحث الرابع: الحب والعفاف
1 ـ واقعية الميول والرغبات
ويتبين من خلال دراسة أنواع الأخلاق وجود علاقة بين الأخلاق الجنسية والغريزة الجنسية وأن جميع أنواع الأخلاق تتفق في الحاجة إلى الحرية من جهة والانضباط الصارم من جهة أخرى
2 ـ ظاهرة الحب عند المفكرين
تحدث "ابن سينا" عن "الحب" في أطروحة خاصة ورأى الحكماء أن "الحب" يجري في كل شيء وقالوا إن حب الإنسان للإنسان ظاهرة تتجلى فيها تلك الحقيقة الكلية
وذكر الشعراء والأدباء "الحب" بألفاظ التمجيد والمديح وذهبوا أبعد من ذلك بترجيح الحب على العقل عند المقارنة بينهما ويشهد بذلك قسم كبير من أدبنا بصورة عامة
إن "الحب" الذي أصبح موضع التمجيد ووصف بأنه خارج عن مقولة "الشهوة" ليس هو "الحب" الإلهي فقط، بل اعتبر حب الإنسان للإنسان في بعض أشكاله شيئا ساميا لا يمت إلى مقولة "الشهوة" بصلة أيضا
وهناك من يعتقد بالإضافة إلى ما ذكر أن "الحب" ما هو إلا نوع من الغليان الجنسي فلا يؤمن هؤلاء بقداسة الحب ولا يحبذون استخدامه فيما يخص علاقة الفرد بالله تعالى
يعتقد بعض المفكرين المعاصرين أن منشأ كل حب يكمن في أمر جنسي إلا أنه يتلبس بقالب روحي معنوي ويدعي هؤلاء أن "الحب" ثنائي الجانب من حيث الحالة والشكل والهدف والنتائج، ولا يرون أي غرابة في أن يأخذ أمر مادي قالبا وشكلا معنويا، حيث لا جدار يفصل بين الماديات والمعنويات
والواقع أنه سواء كانت للحب جذور غير جنسية أم لم تكن، وسواء كان باستطاعته التلبس بلباس معنوي وروحي، أم لم يكن، فإنه لا يمكن الترديد بأن الحب من حيث نتائجه النفسية والاجتماعية وما يحدثه من تغييرات عند الإنسان أو في مجال تأثيره في خلق الابداعات، يختلف كثيرا عن تلك الغريزة الشهوانية الحيوانية البسيطة التي لا هدف لها سوى أن تجد من يشبعها ويرضيها
3 ـ حقيقة الحب
إن "الحب" عبارة عن زوال الأنانية، ..ولهذا السبب أطلقوا على الحب أسماء "المربي" و"المعلم" و"الملهم" و"الكيمياء"
وجد "الحب" الكثير من التمجيد والمديح في الغرب والشرق، ولكن الفرق هو في أن الغربيين مجدوه لما فيه من حلاوة ولذة أثناء الوصال، أو ربما لأنه يقضي على الأنانية الفردية التي طالما عكرت صفو الحياة، وسببت العزلة الروحية لصاحبها
أما الشرقيون فكان تمجيدهم للحب بسبب ما يتصف به من مرغوبية وقدسية تفيض منها الروح الشخصية والعظمة، كما أنه الملهم والكيمياء، وهو عنصر يكمل الشخصية ويهبها النقاء والصفاء ولم يمجد الروح الإنسانية بالرقة واللطافة يعتقد الشرقيون أن: لو كان حب الإنسان للإنسان مقدمة لشيء، فهو مقدمة لمحبوب أسمى وأرفع من الإنسان ولو كان مقدمة لإتحاد روحين، فمقدمة الإتحاد توصل إلى حقيقة أسمى مما يسعه الأفق الإنساني
والخلاصة أن الشرقيين والغربيين اختلفوا في نظرتهم إلى "الحب"
4 ـ العلاقة بين الحب والدين
جرت العادة على القول إن ثمة عداء بين الدين"والحب" ويتجلى هذا العداء عند القول إنه: طالما ينظر الدين إلى "الحب" على أنه والشهوة شيء واحد، وينظر إلى الشهوة على أنها شيء خبيث ذاتيا، فالدين بالنتيجة يرى "الحب" شيئا خبيثا أيضا
..يحترم الإسلام ويقدر "الحب الصادق" القائم بين زوجين، بل يؤكد على ضرورته في المحيط العائلي كما أنه يوصي بتدابير في سبيل تحقيق الاندماج الروحي وتقويته وتعزيزه ووحدة المشاعر بين الزوجين بشكل كبير
والنقطة التي لم نغفلها هنا هي أن سبب إبداء بعض معلمي الأخلاق معارضتهم للحب عبر نظرتهم للأخلاق، أو اعتبارهم إياه أمرا غير أخلاقي، السبب هو ذلك التنافر الموجود بين الحب والعقل، فالحب يحوي قوة ونفوذا عظيمين بحيث يشل حال سيطرته على شخص معين سلطة العقل لديه والعقل قوة مطيعة للقانون والنظام
5 ـ العلاقة بين الحب والعفاف
إن الحب الذي يبعث النشاط في ذهن صاحبه ويركز قواه النفسية في شيء واحد هو المحبوب فقط، وتتفتح لديه آفاق الخيال فيصور المحبوب في ذهنه بصورة هو يرغبها ويريدها ولا تمت إلى الصورة الحقيقة للمحبوب بصلة، هذا الحب هو الذي يهب الفرد القدرة على الإبداع والتفنن والابتكار وخلق الأفكار السامية
6 ـ عوامل إضفاء الصفاء على الحياة الزوجية
أما العوامل الرئيسية التي توفر الصفاء والنقاء والوفاء في الحياة الزوجية فتبدأ من تحمل الرجل نفقات المرأة وإشراكها بصورة عملية في أمواله والأهم من ذلك تأمين غريزة الاستمتاع في محيط الزوجية، وتميز المحيط الكبير للمجتمع بالعمل والنشاط وإن التدابير التي أوصى بها الإسلام في شأن الحياة الزوجية وفي كل علاقة بين زوجين، كانت السبب في انتشار مثل هذه العلاقات الصادقة من الحب والصفاء والود بصورة كبيرة في المجتمع الإسلامي، وعلى عكس ما هي عليه البيئة الأوروبية اليوم
يذكر القرآن الكريم لنا في إحدى آياته أن العلاقة الزوجية علامة من العلامات الدالة على وجود الله، ويقرن هذا الذكر بعبارتي المودة والرحمة، وكما نعرف فإن: "المودة والرحمة" تختلفان عن الشهوة والميل الطبيعي، فتقول الآية الكريمة:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
ويصف "ويل ديورانت" هذا الصفاء والإخلاص اللذين يدومان حتى بعد خمود الشهوة فيقول "إن الحب لا يصل إلى مرتبة الكمال إلا عندما يعمل بحرارته وتأثيره المرغوب على تخفيف المعاناة من حالة العزلة والشيخوخة والاقتراب من ساعة الموت والذين يصفون الحب بالميول والرغبة إنما ينظرون إلى منشأ الحب وشكله فقط إن روح الحب ستبقى مع المحبين حتى بعد زوال الجسد المادي، وفي الأيام الأخيرة للعمر إذ تتعلق القلوب الشائخة بعضها ببعض ويصل الجسم الجائع إلى كماله بصورة معنوية يرة للدهشة"
ومع الفارق الموجود بين رأي الإسلام في الحب والعفاف ورأي "ويل ديورانت" إلا أن الحب عند "ديورانت" يتميز بالهجران وفي الإسلام بالوصال"
وهذا المبحث فيه تلخيص جميل لنظريات الحب والحب فى حقيقته يختلف فى كل حالة فمثلا الحب بين المرأة والرجل قبل الزواج لا يعدو أن يكون انشغالا نفسيا نتيجة الاعجاب المتبادل حيث يتخيل كل طرف أن الطرف ألأخر مثالى يتصف بكل الصفات الحسنة عنده والتى قد تختلف من فرد إلى أخر فمثلا المسلم والمسلمة يتصفان بالأخلاق الحميدة وأما الفاجران فيحبان صفات الفجر فيهما وأما الحب بعد الزواج فهو ما يسمح بقضاء الشهوة وعمل كل طرف على راحة الأخر
وأما حب الله أو حب الأخ أو الأحت أو الأب أو الأم فكل منهم حب مختلف يتفقون فى طاعة المحبوب ومساعدته عدل الحب الإلهى فهو طاعة الله فقط
المؤلف هو مرتضى مطهري وهو يدور حول وجهتى نظر بناء الأسرة وهدمها مبينا وجود الزواج كأساس للعلاقة بين الرجل والمرأة وقد استهل حديثه بأن الزواج آية على وجود الله فقال :
"المبحث الأول الأخلاق العاطفية
قد يستغرب بعض الناس ما في اعتقاد المسلمين من أن العلاقة بين الزوجين إحدى الأدلة الواضحة على وجود الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
وتحدث ناقلا عن بعض الغربيين وجود مذاهب قديمة منها ما يعتبر الزواج خبث ويعتبره أهون الشرين ومنها ما ينهى عنه فقال :
"1 ـ العلاقة الزوجية قديما
والأعجب من كل هذا ما ذكره وأكد عليه الفيلسوف الاجتماعي برتراند/ راسل، وهو وجود مذاهب في العصور القديمة خالفت مسألة العلاقة الجنسية بين الزوجين، حيث اعتبرت أن الخبث والضياع ملازمان لكل علاقة زوجية وفي هذا الاطار أيضا ظهرت مذاهب دينية مسيحية كانت تدعو إلى التبتل والعزوبة، ووجدت مذاهب أخرى أكدت على الزهد والتنسك وانتشرت من إيران نحو الشرق عقيدة تعتبر المادة أساس الضياع، وأن العلاقة الجنسية غير طاهرة"
وذكر أن السبب فى وجود تلك الأقوال بخبث الزواج والعزوبية تعود لتصور الكنيسة الخاطىء عن حياة المسيح (ص) فقال:
"2 ـ منشأ فكرة خبث العلاقة
يذكر أن فكرة خبث العلاقة الجنسية قد بدأت بعد الصورة التي قدمتها الكنيسة للحياة التي عاشها النبي عيسى المسيح (ص) فاعتبروا أنه عاش عازبا بسبب الخبث الذاتي الموجود في العلاقة الزوجية ومن هنا أصروا على انتخاب البابا من بين رجال لم يخالطوا النساء مطلقا"
والمسيح(ص) لم يكن أعزبا وإنما تزوج وأنجب كما قال تعالى :
"ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية"
وبعض المذاهب النصرانية تشير إلى زواجه من مريم المجدلية وبنوا عليه فيلم شيفرة دافنشى
وتحدث عن أن الإسلام يعالج من خلال تكوين الأسرة مشاكل الكبت والانحلال معا فيقول:
3 ـ المنطق الإسلامي والعلاقة الزوجية
وبالعكس فقد سعى الإسلام لأجل تنظيم هذه العلاقة فالإسلام يرى أن مصلحة المجتمع المعاصر أو الأجيال القادمة هي وحدها التي تحدد مسألة العلاقات الجنسية وفي هذا المجال عمل على وضع أسس لن تؤدي إلى الشعور بالحرمان أو الاحباط أو كبت الغريزة الجنسية
وعلى كل حال فالإسلام لا يرى أي تناقض بين العلاقة الشريفة والمبادئ المعنوية والروحية، بل يرى هذه العلاقة جزء من طبائع الأنبياء وأخلاقهم
يروى أن أحد أصحاب الرسول الأكرم (ص) واسمه "عثمان بن مظعون" قد وصلت به العبادة إلى درجة أنه كان يصوم كل يوم، ويمضي الليل كله بالصلاة، فنقلت زوجته حالته هذه إلى الرسول الأكرم (ص)الذي خاطبه قائلا: "يا عثمان، لم يرسلني الله بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السمحة أصوم وأصلي وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستسن بسنتي، ومن سنتي النكاح ""
وعاد مرتضى إلى ذكر أن تصور الكنيسة الغربية الخاطىء للزواج هو سبب الثورة على الزواج والمطالبة بالتحلل من المؤسسة الزوجية فقال :
4 - العلاقة الزوجية في الغرب المعاصر
وتجدر الإشارة إلى أن المسائل التي ذكرت حول خبث العلاقة الجنسية والآثار الناجمة عنها تتعلق بماضي الغرب، حيث نشهد في زماننا تحولا كبيرا ومختلفا على مستوى الأخلاق والضوابط الجنسية، فاليوم يتحدث الجميع عن قدسية العلاقة الزوجية، ويرون ضرورة اطلاق الحرية للميول والرغبات ورفع القيود كافة في هذا المجال"
وتحدث عن مصدر الأخلاف العاطفية وفى الحقيقية فتسميتها بالعاطفية هى تسمية مخالفة للشرع فالشرع يطلق عليها الشهوة شهوة الرجل للمرأة والمرأة للرجل فقال:
"المبحث الثاني مصدر الأخلاق العاطفية
مهما كان أصل تلك الأخلاق والعادات ومصدرها، وكيفما كان ماضي البشرية، يبقى السؤال مطروحا وهو: ماذا يجب أن نفعل اليوم؟
1 - أجوبة وآراء
أ ـ ويل ديورانت
ينكر ويل ديورانت رجوع هذه الأخلاق إلى الفطرة البشرية، لأنها تنشأ من حوادث مريرة وقاسية وظالمة للبشر، لكنه يرى أنها لا بد منها لأنها إحدى مظاهر اختيار الأصلح في مسير التكامل الإنساني
ب ـ فرويد
ويعتقد فرويد أنه يجب نبذ الأخلاق القديمة وبالأخص تلك التي تتمحور حول المسائل الجنسية، باعتبار أن ما أصاب البشر من كوارث هو نتيجة تلك الأخلاق
ج ـ راسل
وهكذا فعل راسل الذي بنى نظريته الأخلاقية الجديدة على الأساس نفسه فنراه يدافع عن منطق لا مجال فيه للشعور بالخجل أو العفة أو التقوى والغيرة
والنتيجة المتسالم عليها اليوم هي أن العلوم المعاصرة لم تصل إلى معرفة جذور الضوابط الأخلاقية للعلاقات الجنسية "
إذا العلوم الغربية اختلفت فى مصدر الأخلاق المذكورة ولم تتفق على شىء حسبما نقل المؤلف وتحدث عن رأى العقل والفكر المعاصر فقال :
2 ـ رأي العقل
إن المنطق والعقل يدعوان إلى الاعتدال، فيجب محاربة كل التقاليد والخرافات المبنية على أساس خبث العلاقة الجنسية، وفي الوقت نفسه يجب أن لا نفسح المجال للتحلل ولما يهيج الغريزة ويثيرها ويدفعها إلى التمرد باسم الحرية
3 ـ الفكر المعاصر
لقد وجه أنصار المذهب الأخلاقي الجديد عدة اعتراضات إلى الأخلاق القديمة وهذا بحث ذو أهمية كبيرة، ليس لكونه جذب أفكار الفلاسفة والمفكرين المشهورين، بل لأن هذه الأفكار في حالة تقدم ونمو عند طبقة الشباب وكم من الشباب من لا تسعفه ذخيرته الفكرية لتناول هذه المسائل بالبحث والدراسة"
بالقطع منشأ الشهوات هو الخلقة التى خلق الله الإنسان عليها من قوتين العقل والشهوات تقدم كل منهما للإنسان ما تريد من خير أو شر وتتبقى إرادة الإنسان هى التى تختار أن تسلم قيادتها لأحدهما فإما تؤمن وإما تكفر كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وقام مرتضى بدحض رؤية الفساد الجديدة فقال :
"المبحث الثالث مناقشة الرؤية الجديدة للفساد
1 - مع دعاة الإصلاح: الرؤية الجديدة للفساد
يقول دعاة الإصلاح إن للضوابط والأخلاق الجنسية القديمة عللا وأسبابا غير موجودة في الوقت الحاضر، وبالتالي لا أثر لفاعلية تلك العلل في الوقت الحاضر
فالأخلاق القديمة كانت لوجود تيارات جاهلية ظالمة، قد ناقضت الحرية والعدالة الإنسانية ..
ويوضح أصحاب التجديد أن جذور الأخلاق القديمة تعود إلى نزعة العدوان والظلم عند الرجال، وإلى الخرافات التي كانت تسيطر في تلك الفترة
أما الآن فقد تحررت المرأة من كل القيود التي كانت تشعرها بالدونية، واكتسبت معارف ومعلومات جعلت منها موجودا مدركا لحقيقته، فدخلت ميادين متعددة في الحياة كالطب والعلم ووظائف الدولة، حيث أصبحت المرأة تشعر باستقلاليتها ...والذي يثير الاهتمام في هذه الرؤية التأكيد على حرية الرجال والنساء في الحصول على رغباتهم وإشباع غرائزهم، فهم يقولون إن الرجل والمرأة، بالإضافة إلى ضرورة نيلهما كل المتع والملذات بحرية قبل الزواج، فإن العلاقة الزوجية بينهما يجب أن لا تصبح حائلا دون تحقق هذه الملذات بعد الزواج، لأن فلسفة الزواج هي تأكد الآباء من بنوة الأجنة لهم بعد اختيارهم شريكات الحياة بصورة قانونية وقد ساهمت هذه الرؤية في الترويج لحالات الفساد، باعتبار أن الطب الحديث ساهم في حل مشكلة البنوة من خلال منع الحمل، وبالتالي يبقى الشخص حرا في ممارسة رغباته وإشباعها كما يشاء وقد صرح كبار منظري الغرب بهذه المسألة، فها هو "برتراند راسل" يقول:
"إن الموانع (موانع الحمل) جعلت من عملية الإنجاب شيئا إراديا خارجا عن نتائج العلاقات البيولوجية التي لا يمكن تفادي حصولها (الإنجاب القسري للولد)، وبناء على الأدلة الاقتصادية فإن الأب لم يعد بذي أهمية كبيرة بالنسبة لتربية الأبناء وإعاشتهم، ولهذا فلا ضرورة تقتضي أن تختار المرأة الشخص الذي تحبه كأب لأبنائها"
ويضيف قائلا أيضا:
"إن "أم" المستقبل يمكنها التنصل من هذا الالتزام دون أن يخل ذلك بشيء من سعادتها وحتى الرجال فإنهم سيستطيعون اختيار أم لأبنائهم بطريقة أيسر وأبسط من ذلك"
ثم إنه يصل إلى النتيجة التي أراد تعميمها، فيقول:
"والذين يعتقدون مثلي أن العلاقات الجنسية تكون أمرا اجتماعيا، يجب أن يخرجوا مثلي بهاتين النتيجتين:
أولا: إن ممارسة الحب بدون أطفال مباحة
وثانيا: يجب أن تقيد مسألة الإنجاب بقوانين أكثر صرامة من تلك الموجودة في الوقت الحاضر"
وبالقطع كل هذا الكلام عن العلل والأسباب القديمة والحديثة هو من ضمن الخبل الشائع فكل ما يحدث من خير أو شر ما يحدث هو نتيجة اختيار الإرادة وهى المشيئة الإنسانية لجانب من الاثنين كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وبالقطع جانب الإيمان وهو اتباع وحى الله فيه نتائج حسنة
وتعرض مطهرى لأسس الرؤية الفاسدة عند الغرب للعلاقة الشهوانية فقال :
2 - مبادئ الرؤية الجديدة
يمكن أن نستنتج من الرؤية الجديدة أنها تعتمد على ثلاثة مبادئ أساسية، كل مبدأ منها بحاجة إلى دراسة مستقلة:
أ ـ المبدأ الأول والفهم الصحيح
إن قضية الحرية هي المبدأ الأساس والقضية المحورية التي تدور حولها الرؤى الحديثة للعلاقات الغريزية، وبالأخص في العالم الغربي، حيث يعتبر المجتمع الغربي الحرية هي الأساس لكل الحقوق الفردية، وذلك لأنهم كانوا يظنون أن القضايا الجنسية لا علاقة لها بالمسائل الاجتماعية
يرى أصحاب الرؤى الحديثة أن حرية الفرد الجنسية لا تتعارض مع حرية أي إنسان آخر، إلا إذا طرأت بعض الموانع، ويقصدون منها بالتحديد مسألة الإنجاب وتحديد البنوة
ونستطيع في هذا البحث تسليط الضوء على نقطتين رئيسيتين هما:
النقطة الأولى: حرية الفرد وحقوق الآخرين
فلننظر في النقطة الأولى: لنرى ما الذي يجعل من الحرية ما يسمى بالحق الطبيعي للفرد
1 ـ تعارض مبدأ الحرية مع حقوق الآخرين
على عكس ما يتصوره الكثير من فلاسفة الغرب، فإن ميول الفرد ورغباته وإرادته ليست الأصل في إيجاد حق الحرية له، ولا هي الدافع لاحترام هذا الحق إن الأصل هو استعداد فطري وهبته له الحياة، لكي يتدرج به في مراتب الرقي والكمال ..
من الخطأ تفسير أو تصور مسألة خلق الإنسان حرا بمعنى أنه منذ ساعة ولادته يمتلك الإرادة والميل والرغبة الحرة، وأنه يجب احترام هذه الأشياء عند الإنسان إلا إذا تعارضت مع ميول الآخرين ورغباتهم وإرادتهم أو هددتها بالخطر كما أننا نثبت أن مصلحة الفرد العليا هي أيضا من شأنها تحديد حريته بالإضافة إلى حريات الآخرين وحقوقهم"
وحديث مطهرى عن أن الإنسان ليس حرا فى كل أطوار حياته كلام صحيح فالرضيع ليس حرا فهو خاضع لحرية من يربونه والأطفال خاضعون لمن يربونهم فى طفولتهم وفى سن أرذل العمر يعود لنفس الحالة من كونه أسير من يحيطون به
وتحدث عن النتائج الكارثية للرؤية الفاسدة وأن ما قاله راسل عن تلك الحرية هو وهم لأنه يجعل الأقوياء هم من يفرضون أرائهم على بقية المجتمع دون مراعاة لحرية هذا البقية فقال :
"وقد أدى هذا التفسير الخاطئ للحرية إلى انتكاسة كبيرة في الأخلاق وحينما يسأل "راسل" فيما إذا كان يرى نفسه مقيدا بأي من الأنظمة الأخلاقية، يرد بالإيجاب، ولكنه يدعي في الوقت نفسه صعوبة الفصل بين الأخلاق والسياسة
كما أنه يرى أن تعرض الأخلاق بهذه الصورة وهي: أن نفترض أن زيدا أراد إنجاز عمل يحمل النفع له والضرر لجيرانه، فعند ذلك سيجتمع الجيران ويبدون معارضتهم التامة لهذا العمل، كما سيتفقون على منع زيد من القيام بأي عمل يسيء فيه استغلال حريته الفردية ويدعي "راسل" أن هذه القضية تحمل في طياتها حالة جنائية تتطابق بصورة كاملة مع العقل والمنطق ويضيف أن طريقته الأخلاقية من شأنها توفير التناغم والانسجام بين المصالح العامة والخاصة لأفراد المجتمع"
إذا عدنا لمقولة الظلم مرة أخرى وأنه لا مساواة ولا عدالة
وتحدق عن تحرير رغبات الإنسان من خلال فلسفة راسل فقال :
2 ـ مدى تحرر رغبات الإنسان
إذا كان في "المدينة الفاضلة" لأفلاطون جانب عملي فإن طريقة "راسل" الأخلاقية لا تقل عن هذه في المجال العملي نفسه، لأن "راسل" ينكر دور المفاهيم المقدسة في طريقته تلك، كما أنه لا يقر المعاني والمفاهيم التي يقدمها الإنسان على مصلحته الخاصة والتي يقيد ويحدد بواسطتها ميوله ورغباته وإرادته كما أن "راسل" يعزو سبب قيام الأخلاق على تلك المعاني والمفاهيم المقدسة إلى "التابو"
وهو يقدس فقط حرية الإرادة والرغبة عند الإنسان، ويرى أن الشيء الوحيد الذي يحدد هذه الرغبة والإرادة ويقيدهما هو معارضتهما ومضايقتهما رغبة وإرادة الآخرين من الناس ثم يطرح "راسل" هذا السؤال وهو: ما الذي يضمن قبول الفرد بضرورة احترام حريات الآخرين؟ وأية قوة تستطيع أن تحدد حريته تجاه تلك الحريات؟
فيجيب بأنها قوة الآخرين في التصدي والمنع أثناء تعرض مصالحهم للخطر حين قيام الفرد بالاستفادة من حريته الشخصية، عند ذلك لا يرى الفرد بدا من أن يذعن ويستسلم للإرادة العامة،وسيحاول مرغما تنسيق مصالحه الخاصة مع المصلحة العامة ولا يريد "راسل" بكلامه هذا غير الإدعاء بأن الحقوق والمصالح العامة تحفظ عن طريق المصلحة الفردية وبهذا يظهر عقم فلسفته الأخلاقية بجلاء
طبيعي أن من يريد ارتكاب العدوان على الآخرين يجب أن تكون لديه القوة والقدرة الكافيتان للاعتماد عليهما أثناء ممارسة العدوان ذاك
يوحي "راسل" في نظامه الأخلاقي أن على الضعفاء الخوف من سطوة الأقوياء، وعليهم أن يتجنبوا الاعتداء على حقوقهم، ولكن طريقته الأخلاقية المقترحة هذه تعجز عن إعطاء ضمان للضعفاء يردع الأقوياء عن الاتحاد ضدهم أو عن اعتراض سبيلهم بالقسر في الحياة أو منع عدوانهم عليهم بل طريقة "راسل" تبارك في مضمونها عمل الأقوياء وتعتبره لا يتناقض مع الأخلاق أبدا فلا ضرورة بحسب رأي "راسل" ترغم الأقوياء على تنسيق مصالحهم مع المصلحة العامة إن هذه الفلسفة الأخلاقية تعطي التبرير القوي للمتسلطين لفرض آرائهم الباطلة وديكتاتوريتهم على الضعفاء والعجب أن "راسل"
يدعي أنه كرس حياته للدفاع عن حرية الأفراد وحقوقهم، بينما نرى فلسفته الأخلاقية لا تعمل إلا على تثبيت أركان الدكتاتورية "
ومن هنا انتهى مرتضى مطهرى إلى أن فلسفة راسل فلسفة فاسدة لأنها تعود لنفس الفلسفة القديمة والحالية وهى حكم الصفوة التى تقدر على العدوان باستمرار وهو ما سماها بالديكتاتورية
وتعرض مطهرى إلى أن الزواج فى الإسلام ليس مجرد إشباع الشهوة ولكنه مؤسسة كاملة للشهوة والتربية والرحمة فقال :
"النقطة الثانية: القضايا الجنسية والحقوق الإجتماعية
1 - الحرية الفردية والحياة الإجتماعية
لو رغب رجل وامرأة في إقامة علاقة مشتركة تحت عنوان الزواج، فهل الأفضل لهما أن يقيما حياتهما على أساس أن العلاقة الزوجية وسيلة لنيل السعادة والمتع وأن يبذلا أكثر وقتهما لجعل هذه الحياة أكثر سعادة، أم الأفضل نقل هذه العلاقة إلى خارج محيط العائلة، أي إلى المجتمع الكبير، للأزقة والشوارع والنوادي ومراكز التسلية ؟
شدد الإسلام على ضرورة توفير الاستعداد التام في المحيط العائلي لدى الزوج والزوجة لإشباع أحدهما رغبة الآخر، ورفض أي تقصير من أي منهما تجاه الآخر في هذا المجال وقد أكد على أن المجتمع هو محل للعمل والكسب والنشاط، أما العلاقة الغريزية بين الزوجين فلها مكان آخر بعيد عن أجواء المجتمع الخارجية ومن هنا كانت فلسفة حرمة النظر الشهواني إلى غير الزوجة وحرمة تزين الزوجة وتبرجها أمام غير زوجها، وهذا يعني أنه أوصى بالطريقة الأولى
واختار الغرب، الذي يعتبره الكثير قدوة له، الطريقة الثانية، وهو اليوم يدفع ثمن ما اختاره وما ارتضاه من ظلم"
وتحدث عن الأبعاد الاجتماعية للزواج فقال :
2 ـ الأبعاد الاجتماعية للزواج
إن الأبعاد الإجتماعية للزواج هي المسألة الأهم في هذا الشأن، فليس الهدف منه إقامة علاقة خاصة بين الزوج والزوجة، إذ يتضمن الزواج قضية البناء العائلي لإعداد جيل المستقبل، وتوفير الرفاه والسعادة للأجيال القادمة، وكل ذلك له علاقة بالوضع الاجتماعي للعائلة
إن المحيط العائلي هو البيئة التي تنمو فيها المشاعر والعواطف الإنسانية والاجتماعية، ودفء المحيط الفطري والطبيعي الذي يوفره الأبوان يمنح الهدوء والطمأنينة للطفل..
يقال إن العدالة تنتشر في أوروبا بصورة واسعة، بينما لا أثر للعواطف الإنسانية النبيلة لدى المجتمعات هناك إلا القليل النادر جدا ولا تلاحظ مثل هذه العواطف إلا نادرا بين الإخوة والأبناء والآباء، على عكس ما هو موجود عند الشرقيين، فلماذا؟
السبب هو لأن العواطف هذه لا تنمو إلا في جو عائلي مفعم بالصفاء والإخلاص والمحبة بين جميع أفراد العائلة"
وما قاله مطهرى عن العواطف هو كلام خاطىء فاسمها الأعمال الصالحة فى مجال الرحمة والتعاون
وتحدث عن أن المجتمع السعيد يخرج أجيالا سعيدة والمجتمع التعيس أة الشقى يخرج أشقياء فقال :
"المبدأ الثاني: مبدأ تربية الاستعدادات الفردية
نبدأ الحديث حول مبدأ ضرورة تربية الاستعدادات الفطرية عند الإنسان والذي يعتبر الركيزة التربوية لهذا النظام الأخلاقي
يقال، بناء على هذا المبدأ، إن الإنسان إذا تربى في بيئة تملأها السعادة فسيخرج فردا نافعا للمجتمع، وإن هذه البيئة ستساعد استعداداته الفطرية والطبيعية على الظهور والنمو والازدهار وكما يساهم نمو الاستعدادات في بهجة النفس ومنحها النشاط الكامل فإنه يحفظ التوازن الروحي للفرد فيبقى في حالة من الهدوء والطمأنينة، وينعكس هذا راحة تامة في المجتمع.. وبالعكس فإن كبت الاستعدادات عند الفرد سيولد ما لا حصر له من حالات القلق والاضطراب والإنحراف والجريمة في المجتمع"
والحقيقة أنه ليس بالضرورة أن ينتج المجتمع السعيد سعداء فأحيانا ما ينتج المجتمع الكافر مسلمين وهو ما نلاحظه من خروج معظم الرسل(ص) من المجتمعات الكافرة وأحيانا يخرج المجتمع المسلم كفار كما قال تعالى :
والذى قال لوالديه أف لكما أتعداننى أن أخرج وقد خلت القرون من قبلى وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين "
وتحدث عن أهمية التربية السليمة وعدم الكبت أو الانحلال فقال :
1 ـ أهمية تنمية الاستعدادات الفطرية
نعتقد، في خصوص تنمية الاستعددات الفطرية للإنسان، أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق أي عضو من أعضاء جسم الإنسان عبثا، ولم يوجد الاستعدادات الروحية عند الإنسان بدون فائدة فكما يجب على الإنسان المحافظة على أعضاء جسمه وتغذيتها بالغذاء المناسب كذلك فإن الاستعدادات الروحية يجب ضبطها وإعطاؤها الغذاء الكافي الذي يساعد على نموها ونحن لم نفترض، عن طريق الآثار والنتائج ضرورة تربية الاستعدادات الفطرية وعدم كبتها، بل معرفتنا بالله هي التي أرشدتنا لذلك الاستعدادات المذكورة والأضرار الناجمة عن كبتها، أوصى مفكرون- بالاعتماد على الدليل نفسه-، بحفظ أعضاء الجسم وصيانتها، وعدم إهمال القدرات النفسية المودعة عند الإنسان، فلا يوجد- بناء على ذلك- أي ترديد في ضرورة تربية الاستعدادات بصورة عامة، بل إن مفهوم كلمة "التربية" التي اختيرت منذ القدم لإيصال هذا القصد تعطي المعنى نفسه، فليس للتربية معنى غير المساعدة على النمو والنضج، ولذلك ليس بحثنا في هل نربي الاستعدادات أم نهملها
2 ـ الوسيلة الصحيحة لتربية الاستعدادات الفطرية
أ ـ الأخلاق الإسلامية وتطهير الوجدان
يعتقد بعض أصحاب النظرة الضيقة أن الأخلاق والتربية الإسلامية تقف في طريق النمو الطبيعي للاستعدادات الفطرية عند الإنسان، ويزعمون أنها مبنية على أساس منع هذه الاستعدادات وكبتها، ويجعلون من التعابير الإسلامية في مجال تهذيب النفس وإصلاحها ذريعة ودليلا لشن هجومهم هذا وقد جاء هذا التأكيد في القرآن الكريم بعد تكرار عبارة القسم، قال الله تعالى:"قد أفلح من زكاها"، أي أن الفلاح يكون من نصيب الذين يطهرون أنفسهم من كل دنس
ويفهم من هذه العبارة القرآنية:
أولا: احتمال تلوث وجدان الإنسان
لا يمكن إنكار أي واحد من هذه الأمور الثلاثة، كما لا توجد عقيدة أو طريقة لا ترى احتمال تلوث الوجدان عند الإنسان، أو لا توصي بضرورة تطهير النفس من ذلك التلوث ..
ب ـ القرآن الكريم والنفس البشرية
وصف القرآن الكريم النفس البشرية بأنها "لأمارة بالسوء"، بمعنى أنها تأمر صاحبها بالشر ..ولكن القرآن الكريم لا ينظر إلى طبيعة النفس الإنسانية من الأساس نظرة نرى أنها شريرة بالذات، بل يرى أن هذه الطبيعة تتمرد في ظروف خاصة ولأسباب وأعراض معينة ويصدر عنها الشر
ج ـ علل تمرد القوى النفسية
أثناء البحث عن علل تمرد القوى النفسية ينشأ السؤالان التاليان:
السؤال الأول: ما الدافع إلى التمرد؟
وثانيا: أن تطهير الوجدان من هذا التلوث يكون في يد الشخص نفسه
وثالثا: أن القرآن يوجب تطهير الوجدان من التلوث الحاصل فيه، ويرى أن سعادة الإنسان وفلاحه متوقفان على هذا التطهير
ما الذي يدفع القوى النفسية عند الإنسان إلى التمرد والفوران؟
اكتفى أصحاب النظرة الضيقة، وبمقدار ما عرفوا أن الإسلام قد ذكر النفس البشرية بأنها"أمارة بالسوء"، بهذا القدر دليلا لاتهامهم الأخلاق والتربية الإسلامية بأنها تسيئ الظن بالاستعدادات الفطرية والمصادر الطبيعية للوجود البشري..
من الواضح خطأ هذا التصور وإن كان الإسلام قد ذكر حقيقة أن النفس البشرية "أمارة بالسوء" ولكنه سماها في مكان آخر بـ "النفس اللوامة" أي أنها تلوم صاحبها عند ارتكابه الشر، كما وصفها في مكان ثالث بأنها"النفس المطمئنة" أي التي وصلت إلى مرحلة الهدوء والكمال
وعلى هذا الأساس فالإسلام لا يرى شرا ذاتيا في طبيعة النفس الإنسانية، وفلسفته العملية لا تتبع طريقة القضاء على القوى النفسية أو على الأقل كبتها أو حبسها، كبقية الأنظمة الفلسفية أو التربوية
..اللافت للانتباه أن القرآن الكريم عند وصفه للنفس الإنسانية لم يطلق عليها "داعية السوء" بل قال عنها إنها"أمارة بالسوء"، وهو يريد بهذا التعبير أن يبين أن العواطف والمشاعر النفسية عند الإنسان إذا تمردت لا تدفعه إلى الجريمة والأعمال الانحرافية بل تتحكم فيه كسلطة ديكتاتورية مستبدة .."
والرجل هنا يقرر أن الإنسان قد تتبدل أحواله ما بين أمر بالسوء إلى لوم إلى طمأنينة وهو كلام صحيح فالمرجع فى المبدأ والمنتهى إلى مشيئته كما قال :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وتحدث عن كيفية إعادة التوازن للنفس فقال :
"السؤال الثاني: كيف نعود إلى التوازن؟
ما هو السبيل إلى إعادة الهدوء لهذه القوى وإرجاعها إلى التوازن؟
يمكن أن يطرح سؤال نابع من طريقة خاصة في فهم الدين، وهو: لو كانت الأخلاق الإسلامية ترى أن الاستعدادات الطبيعية للإنسان يجب أن لا تمس بسوء، فما هو معنى قتل النفس، أو إماتتها، هذا التعبير الذي يرد أحيانا في المحافل الدينية أو على الأقل على لسان معلمي الأخلاق الإسلامية؟ ماذا يعني هذا التعبير وأي مفهوم فيه؟
والجواب على هذا السؤال هو أن الإسلام لا يدعو إلى إبادة الطبيعة النفسية أو الاستعداد الفطري، بل يأمر بالقضاء على النفس الأمارة بالسوء وكما أسلفنا فإن النفس الأمارة بالسوء تمثل الاضطراب والفوضى ونوعا من التمرد والعدوان اللذين يظهران على وجدان الإنسان لأسباب معينة، فقتل النفس الأمارة بالسوء ليس معناه إلا إطفاء نار الفتنة والتمرد في القوى والاستعدادات النفسية .."
بالقطع المطلوب هو ما سماه الله نهى النفس عن الهوى فالله لا يطالب بإماتة النفس بمعنى قتلها أو القضاء عليها وإنما أن تتبع أحكام الله المنظمة لكل العلاقات بما يضمن طمأنينة الإنسان
وتحدث عن أضرار الكبت فقال :
"المبدأ الثالث: مبدأ أضرار الكبت
1 ـ الشعور بالحرمان أسهل الطرق للأمراض النفسية
يعتقد الكثير من علماء النفس أن جذور الأمراض النفسية والعصبية والاجتماعية تعود إلى الشعور بالحرمان وبالأخص في دائرة الأمور الغرائزية والجنسية ..والسؤال المطروح: إذا كان الفضل يعود إلى علماء النفس في الكشف عن هذه الأضرار فلماذا لم تتم الاستفادة من هذا المبدأ وبالتالي العمل على اجتثاث العديد من الأمراض التي تعاني منها البشرية؟
الجواب: إن تعقيدات المسائل النفسية وتعدد جوانبها من جهة، وعلاقة الموضوع بميول الإنسان التي تتدخل بصورة أو بأخرى في إعماء البصيرة من جهة أخرى، لم تترك مع الأسف مجالا للاستفادة التامة من هذا المبدأ، بل ساهمت طريقتهم في التعامل معه في ظهور الخلافات بينهم وزيادة ما يكبت الغرائز وإيجاد الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة الناجمة عن هذا الكبت
...والغريب أن عبادة الشهوة التي كانت تعتبر منافية للأخلاق وعنصرا للإخلال في الهدوء الروحي، أصبحت ذات معنى آخر مع تبدل القيم، وأضحت مخالفة الشهوة والتزام العفة والتقوى وقبول الحدود والقيود الاجتماعية عوامل من شأنها إفساد الهدوء الروحي والإخلال بالنظام الاجتماعي وعلى وقع هذه الأمور أخذت تتعالى الصيحات لرفع القيود والحدود باعتبار أن ذلك يساعد في قلع جذور العدوان، وارتفعت نداءات نبذ العفة، بدعوى أن نبذ العفة يؤدي إلى استقرار النظام في المجتمع
..هل زالت الأمراض النفسية؟ وهل حل الهدوء الروحي مكان الاضطراب والرعب؟
في الواقع كانت النتيجة عكسية، حيث أضيف شقاء جديد إلى شقاء الإنسانية، فأدى ذلك إلى تخلي بعض دعاة الحرية الجنسية عن أقواله متذرعا بالتفسير والتأويل والإدعاء بأن لا مفر من قبول الحدود الاجتماعية والإذعان بعدم إمكانية إشباع الغريزة بصورة كاملة، وأنه لا مناص من صرف الذهن إلى قضايا الفن والفكر وترويض الغريزة حتى تهتدي إلى هذه الأمور"
إذا الكبت والانحلال كلاهما ضاران بالنفس والجسد فالكبت هو فى الغالب نتاج الفقر وأما الانحلال فهو نتاج الغنى فى الغالب فالغنى الذى يعيش على أخذ أموال الآخرين بأى صورة من الصورة نتيجة فراغه الوقتى يقضى وقته فى التحلل سواء جنسيا أو فى احتساء الأطعمة والمشروبات المحرمة أو فى ممارسة أفعال أخرى كالقمار ونتيجة إدمانه لتلك الأمور يصاب بما يجعله فى كثير من الأحيان عاجز جنسيا أو عاجز عن تناول أطعمة معينة ... وهو ما حكاه دى ساد فى رواياته عن انحلال الطبقة الغنية ومن أجل هذا وصفوه بأنه شاذ مع أنهم كانوا هم الشاذين وهو يصف من عجزوا جنسيا بسبب إدمانهم للانحلال بانهم وجدوا لذاتهم فى تعذيب الأخرين والأخريات بالجلد والربط فى الأسرة وأحيانا بممارسة الجنس مع بناتهم وقريباتهم أو إرادتهم تقطيع أجسامهم بحجة العلم ..
وتحدث عن أضرار الرؤية الفاسدة فى المجتمعات المعاصرة فقال :
2 ـ الثورة الفكرية والغريزة البشرية
أدت الأخلاق التي دعا إليها الكثير من مفكري الغرب إلى اضطراب الغرائز والميول، فبرزت ظواهر اجتماعية خاصة نحن نشاهد بأم العين أن شباب اليوم يتهربون من الزواج بشكل ظاهر، كما أن قضايا الحمل والإنجاب بدأت تثير اشمئزاز المرأة، وأصبحت النساء لا تعير اهتماما كبيرا لإدارة شؤون البيت، حتى أضحت حالات الزواج التي يتوفر فيها الاندماج الروحي بين الزوجين نادرة وقليلة إن ظهور هذه الحالات نابع مما يطلق عليه اليوم "الثورة الفكرية"، وهناك أشخاص معدودون يتحملون وزر هذا الشقاء الذي تعاني منه البشرية
إن ما يميز الإنسان عن الحيوانات صنفين من الميول والأماني التي تكون عند البشر فقط وهما الأماني الصادقة والأماني الكاذبة والأماني الصادقة تعبر عن الطبيعة الفطرية للفرد، فهو يمتلك ميولا طبيعية تدفعه نحو حماية ذاته وميولا لكسب القوة والسيطرة وتنمية الأمور الجنسية والأكل وما شابه ذلك ولكل واحد من هذه الميول حكمة خاصة به
إن هذه الأمور كلها محدودة ولكنها تصلح لأن تكون أرضية لأمنية كاذبة فالميل والرغبة إلى أنواع الطعام عند الإنسان مشهودة ومعروفة للجميع
وتظهر الأمنية الكاذبة في بعض الميول والغرائز ومنها الغريزة الجنسية على شكل عطش أو نهم روحي فلا تعرف طريقا للقناعة والانتهاء وفي حين يمكن اشباع الغريزة الطبيعية يستحيل ذلك في الأمنية الكاذبة وبالأخص إذا كانت على صورة عطش أو نهم روحي"
وهناك نكتة تسخر من الشذوذ لأن المدمنين عليها جربوا فيه كل شىء ولم يتبق لهم سوى ما قالته النكتة وهو أن شاذين ملوا من ركوب أحدهما الأخر فقال أحدهم للأخر أريدك أن تنكحنى فى خرم قضيبى
إذا الانحلال يفضى فى النهاية إما إلى العجز أو الملل ومن ثم ينتحر بعضهم نتيجة عدم وجود شىء جديد فى العلاقة المحرمة
وتحدث مطهرى عن الفرق بين شهوة الحيوان والإنسان فقال :
3 ـ الفارق بين الإنسان والموجودات الأخرى
إن الخطأ الذي ارتكبه أصحاب الأخلاق الحرة بهدف الحد من كبت الغرائز وتنمية الاستعدادات أنهم تجاهلوا الفرق بين الإنسان والحيوان، ولم يلتفتوا إلى أن الميل اللامتناهي متأصل في طبع الإنسان،
إذا قلنا أن الإنسان محدود في حاجته إلى الغرائز والتسلط والتملك والجنس أو إنه قابل للاشباع، فنكون بذلك قد نفينا الحاجة إلى كل هذه القوانين الموضوعة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، لأن محدودية الغرائز وإمكان اشباعها لا تخلق دافعا لتجاوز الحد والذهاب إلى ما بعد حالة الاشباع"
إذا عيشة الإنسان عيشة الحيوانات تؤدى به إلى مضار جسدية أو مضار نفسية تجعله يدرك وجود حد لكل شىء وأنه لابد من العودة للحق إن كان يريد إيقاف الأضرار
وتحدث عن الحب والعفاف فقال :
المبحث الرابع: الحب والعفاف
1 ـ واقعية الميول والرغبات
ويتبين من خلال دراسة أنواع الأخلاق وجود علاقة بين الأخلاق الجنسية والغريزة الجنسية وأن جميع أنواع الأخلاق تتفق في الحاجة إلى الحرية من جهة والانضباط الصارم من جهة أخرى
2 ـ ظاهرة الحب عند المفكرين
تحدث "ابن سينا" عن "الحب" في أطروحة خاصة ورأى الحكماء أن "الحب" يجري في كل شيء وقالوا إن حب الإنسان للإنسان ظاهرة تتجلى فيها تلك الحقيقة الكلية
وذكر الشعراء والأدباء "الحب" بألفاظ التمجيد والمديح وذهبوا أبعد من ذلك بترجيح الحب على العقل عند المقارنة بينهما ويشهد بذلك قسم كبير من أدبنا بصورة عامة
إن "الحب" الذي أصبح موضع التمجيد ووصف بأنه خارج عن مقولة "الشهوة" ليس هو "الحب" الإلهي فقط، بل اعتبر حب الإنسان للإنسان في بعض أشكاله شيئا ساميا لا يمت إلى مقولة "الشهوة" بصلة أيضا
وهناك من يعتقد بالإضافة إلى ما ذكر أن "الحب" ما هو إلا نوع من الغليان الجنسي فلا يؤمن هؤلاء بقداسة الحب ولا يحبذون استخدامه فيما يخص علاقة الفرد بالله تعالى
يعتقد بعض المفكرين المعاصرين أن منشأ كل حب يكمن في أمر جنسي إلا أنه يتلبس بقالب روحي معنوي ويدعي هؤلاء أن "الحب" ثنائي الجانب من حيث الحالة والشكل والهدف والنتائج، ولا يرون أي غرابة في أن يأخذ أمر مادي قالبا وشكلا معنويا، حيث لا جدار يفصل بين الماديات والمعنويات
والواقع أنه سواء كانت للحب جذور غير جنسية أم لم تكن، وسواء كان باستطاعته التلبس بلباس معنوي وروحي، أم لم يكن، فإنه لا يمكن الترديد بأن الحب من حيث نتائجه النفسية والاجتماعية وما يحدثه من تغييرات عند الإنسان أو في مجال تأثيره في خلق الابداعات، يختلف كثيرا عن تلك الغريزة الشهوانية الحيوانية البسيطة التي لا هدف لها سوى أن تجد من يشبعها ويرضيها
3 ـ حقيقة الحب
إن "الحب" عبارة عن زوال الأنانية، ..ولهذا السبب أطلقوا على الحب أسماء "المربي" و"المعلم" و"الملهم" و"الكيمياء"
وجد "الحب" الكثير من التمجيد والمديح في الغرب والشرق، ولكن الفرق هو في أن الغربيين مجدوه لما فيه من حلاوة ولذة أثناء الوصال، أو ربما لأنه يقضي على الأنانية الفردية التي طالما عكرت صفو الحياة، وسببت العزلة الروحية لصاحبها
أما الشرقيون فكان تمجيدهم للحب بسبب ما يتصف به من مرغوبية وقدسية تفيض منها الروح الشخصية والعظمة، كما أنه الملهم والكيمياء، وهو عنصر يكمل الشخصية ويهبها النقاء والصفاء ولم يمجد الروح الإنسانية بالرقة واللطافة يعتقد الشرقيون أن: لو كان حب الإنسان للإنسان مقدمة لشيء، فهو مقدمة لمحبوب أسمى وأرفع من الإنسان ولو كان مقدمة لإتحاد روحين، فمقدمة الإتحاد توصل إلى حقيقة أسمى مما يسعه الأفق الإنساني
والخلاصة أن الشرقيين والغربيين اختلفوا في نظرتهم إلى "الحب"
4 ـ العلاقة بين الحب والدين
جرت العادة على القول إن ثمة عداء بين الدين"والحب" ويتجلى هذا العداء عند القول إنه: طالما ينظر الدين إلى "الحب" على أنه والشهوة شيء واحد، وينظر إلى الشهوة على أنها شيء خبيث ذاتيا، فالدين بالنتيجة يرى "الحب" شيئا خبيثا أيضا
..يحترم الإسلام ويقدر "الحب الصادق" القائم بين زوجين، بل يؤكد على ضرورته في المحيط العائلي كما أنه يوصي بتدابير في سبيل تحقيق الاندماج الروحي وتقويته وتعزيزه ووحدة المشاعر بين الزوجين بشكل كبير
والنقطة التي لم نغفلها هنا هي أن سبب إبداء بعض معلمي الأخلاق معارضتهم للحب عبر نظرتهم للأخلاق، أو اعتبارهم إياه أمرا غير أخلاقي، السبب هو ذلك التنافر الموجود بين الحب والعقل، فالحب يحوي قوة ونفوذا عظيمين بحيث يشل حال سيطرته على شخص معين سلطة العقل لديه والعقل قوة مطيعة للقانون والنظام
5 ـ العلاقة بين الحب والعفاف
إن الحب الذي يبعث النشاط في ذهن صاحبه ويركز قواه النفسية في شيء واحد هو المحبوب فقط، وتتفتح لديه آفاق الخيال فيصور المحبوب في ذهنه بصورة هو يرغبها ويريدها ولا تمت إلى الصورة الحقيقة للمحبوب بصلة، هذا الحب هو الذي يهب الفرد القدرة على الإبداع والتفنن والابتكار وخلق الأفكار السامية
6 ـ عوامل إضفاء الصفاء على الحياة الزوجية
أما العوامل الرئيسية التي توفر الصفاء والنقاء والوفاء في الحياة الزوجية فتبدأ من تحمل الرجل نفقات المرأة وإشراكها بصورة عملية في أمواله والأهم من ذلك تأمين غريزة الاستمتاع في محيط الزوجية، وتميز المحيط الكبير للمجتمع بالعمل والنشاط وإن التدابير التي أوصى بها الإسلام في شأن الحياة الزوجية وفي كل علاقة بين زوجين، كانت السبب في انتشار مثل هذه العلاقات الصادقة من الحب والصفاء والود بصورة كبيرة في المجتمع الإسلامي، وعلى عكس ما هي عليه البيئة الأوروبية اليوم
يذكر القرآن الكريم لنا في إحدى آياته أن العلاقة الزوجية علامة من العلامات الدالة على وجود الله، ويقرن هذا الذكر بعبارتي المودة والرحمة، وكما نعرف فإن: "المودة والرحمة" تختلفان عن الشهوة والميل الطبيعي، فتقول الآية الكريمة:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"
ويصف "ويل ديورانت" هذا الصفاء والإخلاص اللذين يدومان حتى بعد خمود الشهوة فيقول "إن الحب لا يصل إلى مرتبة الكمال إلا عندما يعمل بحرارته وتأثيره المرغوب على تخفيف المعاناة من حالة العزلة والشيخوخة والاقتراب من ساعة الموت والذين يصفون الحب بالميول والرغبة إنما ينظرون إلى منشأ الحب وشكله فقط إن روح الحب ستبقى مع المحبين حتى بعد زوال الجسد المادي، وفي الأيام الأخيرة للعمر إذ تتعلق القلوب الشائخة بعضها ببعض ويصل الجسم الجائع إلى كماله بصورة معنوية يرة للدهشة"
ومع الفارق الموجود بين رأي الإسلام في الحب والعفاف ورأي "ويل ديورانت" إلا أن الحب عند "ديورانت" يتميز بالهجران وفي الإسلام بالوصال"
وهذا المبحث فيه تلخيص جميل لنظريات الحب والحب فى حقيقته يختلف فى كل حالة فمثلا الحب بين المرأة والرجل قبل الزواج لا يعدو أن يكون انشغالا نفسيا نتيجة الاعجاب المتبادل حيث يتخيل كل طرف أن الطرف ألأخر مثالى يتصف بكل الصفات الحسنة عنده والتى قد تختلف من فرد إلى أخر فمثلا المسلم والمسلمة يتصفان بالأخلاق الحميدة وأما الفاجران فيحبان صفات الفجر فيهما وأما الحب بعد الزواج فهو ما يسمح بقضاء الشهوة وعمل كل طرف على راحة الأخر
وأما حب الله أو حب الأخ أو الأحت أو الأب أو الأم فكل منهم حب مختلف يتفقون فى طاعة المحبوب ومساعدته عدل الحب الإلهى فهو طاعة الله فقط
أمس في 9:43 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:11 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 9:36 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الإثنين نوفمبر 18, 2024 9:33 pm من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:39 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
السبت نوفمبر 16, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب زواج موسى ولماذا تزوج داود وسليمان كل هؤلاء النسوة؟
الجمعة نوفمبر 15, 2024 9:18 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟
الخميس نوفمبر 14, 2024 9:31 pm من طرف رضا البطاوى
» نقد كتاب إبطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 8:56 pm من طرف رضا البطاوى