قراءة في كتيب اليهود والعجل
المؤلف سعيد فودة وهو يدور حول محاولة تفسير اشراب اليهود العجل في قلوبهم وسبب ذلك وقد دخل سعيد إلى الموضوع على الفور من خلال ذكر آيات القرآن التى ذكر فيها الكلام عن العجل فقال :
"أما بعد،
فقد قال الله تعالى
{واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين} الأعراف148
{فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي} طه88
{وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} البقرة51
{وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} البقرة54
{ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} البقرة92
{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} البقرة93
{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا} النساء153
{إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} الأعراف152"
وبعد أن نقل تلم الآيات تعرض لمعنى وأشربوا في قلوبهم فنقل من بطون الكتب التالى:
"شيء من أقوال المفسرين:
نقل الطبري:"عن قتادة: (وأشربوا في قلوبهم العجل)، قال: أشربوا حبه، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم.
وعن الربيع، وعن أبي العالية قال: أشربوا حب العجل في قلوبهم."
وقال النسفي:" واشربوا فى قلوبهم العجل أى تداخلهم حبه والحرص على عبادته كما يتداخل الصبغ الثوب وقوله فى قلوبهم بيان لمكان الإشراب والمضاف وهو الحب محذوف بكفرهم سبب كفرهم واعتقادهم التشبيه قل بئسما يأمركم به إيمانكم بالتوراة لأنه ليس فى التوراة عبادة العجل وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم وكذا إضافة الايمان اليهم إن كنتم مؤمنين تشكيك في إيمانهم وقدح في صحة دعواهم له"اهـ.
وقال البيضاوي:" {وأشربوا في قلوبهم العجل} تداخلهم حبه ورسخ في قلوبهم صورته، لفرط شغفهم به، كما يتداخل الصبغ الثوب، والشراب أعماق البدن. وفي قلوبهم: بيان لمكان الإشراب كقوله تعالى: {إنما يأكلون في بطونهم نارا} {بكفرهم} بسبب كفرهم وذلك لأنهم كانوا مجسمة، أو حلولية ولم يروا جسما أعجب منه، فتمكن في قلوبهم ما سول لهم السامري {قل بئسما يأمركم به إيمانكم} أي بالتوراة، والمخصوص بالذم محذوف نحو هذا الأمر، أو ما يعمه وغيره من قبائحهم المعدودة في الآيات الثلاث إلزاما عليهم {إن كنتم مؤمنين} تقرير للقدح. في دعواهم الإيمان بالتوراة، وتقديره إن كنتم مؤمنين بها لم يأمركم بهذه القبائح ولا يرخص لكم فيها إيمانكم بها، أو إن كنتم مؤمنين بها فبئسما يأمركم به إيمانكم بها، لأن المؤمن ينبغي أن لا يتعاطى إلا ما يقتضيه إيمانه، لكن الإيمان بها لا يأمر به، فإذا لستم بمؤمنين."اهـ"
وما ذكر هنا في تعريف الاشراب هو تعريف للجملة بألفاظها نفسها وهو ليس شرح أو أو تفسير والجملة "وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم"تعنى وأحبوا فى أنفسهم العجل بظلمهم وهذا يبين لنا أن القوم قد أحبوا فى نفوسهم عبادة العجل نتيجة كفرهم أى تكذيبهم بميثاق الله
وحاول سعيد أن يعلل أى يفسر سبب تعلق اليهود بالعجل فقال :
"محاولة تعليل ذلك التعلق بين اليهود والعجل
سنحاول هنا أن نعرف لم خصص الله تعالى ذكر العجل وعلاقة اليهود به، هل لهذه العلاقة أصول تاريخية، ودلائل عقيدية، تمكننا من أن نفهم حقيقة اليهود، وتبين لنا كيف نتعامل معهم في هذا الزمان بناء على إرشاد القرآن والتأمل في آياته غير مغفلين للوقائع التاريخية وسواها.
قال إمام عبد الفتاح إمام في كتابه "معجم ديانات وأساطير العالم" (2/ 46) تحت عنوان العجل الذهبي:"عجل من ذهب عبده اليهود عند سفح جبل سيناء، بعد خروجهم من مصر، ورد في سفر الخروج ثاني أسفار التوراة، أن اليهود لما رأوا موسى قد أبطأ في النزول من الجبل، اجتمعوا على هارون وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا الرجل موسى الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه" [خروج 32:1 - 2]. ولم يتخل اليهود قط عن عبادة العجل الذهبي، لأن عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر، وظلوا زمنا طويلا يتخذون هذا الحيوان آكل العشب رمزا لآلهتهم.
أما هارون فقد قال لهم:"انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبناتكم وآتوني بها، فنزع الشعب كل أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا. [خروج 32: 3 - 4].
وعندما هبط موسى من الجبل ورأى العجل غضب غضبا شديدا، وأحرقه وطحنه ثم ذراه في الهواء."
وما ذكره أمام هو غلط فاحش نقلا عن العهد القديم فهارون(ص) طبقا للقرآن رفض حكاية العجل ونصحهم بعدم صناعته وعبادتهم ,وفيه قال تعالى:
"ولقد قال لهم هارون من قبل إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعونى وأطيعوا أمرى"
وأما من صنع العجل وجمع مادته الخام فهو السامرى طبقا للقرآن كما قال تعالى:
"قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى "
وحكاية أن القوم في مصر كانوا يعبدون العجل وهو المشهور في خرافاتنا بعجل أبيس ينافى أن العبادة في مصر في عصر فرعون كان عبادة فرعون كما قال الله على لسانه:
"ما علمت لكم من إله غيرى"
وقال :
"أنا ربكم الأعلى"
وقالل لموسى(ص):
"ائن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين"
ومن ثم فما يتحدث عنه إمام هو تاريخ مزور لمخالفته نصوص القرآن وهو ما أكمله نقلا عن العهد القديم بأنهم عادوا لعبادة العجل في عصر يربعام فقال :
"وفي عهد يربعام الأول [توفي عام 912 ق. م.) زعيم القبائل اليهودية الذي أنشأ مملكة إسرائيل عاد اليهود من جديد إلى عبادة العجل الذهبي."اهـ"
ونقل سعيد فودة عن كتاب إمام كلام لا علاقة له بالموضوع فقال :
"وذكر في الكتاب نفسه (1/ 272) أن البقرة رمز للأم العظيمة والخلق في أساطير العالم. وكانت البقرة مقدسة عند الآلهة حتحور في مصر القديمة، وكذلك عند الألهة إيزيس، وفي بعض الأساطير القديمة لعقت البقرة مسلح الأرض وخلقت الإنسان الأول. ولا تزال البقرة مقدسة في الهند.""
وبالطبع القوم عبدوا العجل وليس البقرة التى تسمى حتحور كما لا علاقة لليهود بالهندوسية
ونقل سعيد عن كتاب أخر ما يلى:
"قال مؤلف كتاب "صورة الله الوثنية والدموية في التوراة"ص63 وما بعدها:
"استهوى قلب الإنسان للقمر الإله، وانسحر له، وربط بينه بين قرني الثور للتشابه الشكلي بين الهلال والقرن، لم تتوقف تداعيات تصورات الإنسان عند هذا الحد من الاعتبار المقدس للقمر، ومن ثم الثور، حتى شمل البقرة الأم كلها بقدسية الهلال، واعتبرها رمز العطاء والخصوبة التي منها كل شيء، فهي العذراء الأم التي أنجبت زوجها الثور، وابنها العجل، فكانوا ثلاثة آلهة في كيان واحد قبل أن يتمخض عن الأم الكبرى، البقرة المقدسة، ومع انقلاب العبادة الأنثوية إلى عبادة الذكورة، أثناء انتقال السلطة للرجل، تجسد في الثور رمز القوة الإلهية ولعبادة الثور أهمية خاصة ومميزة في عبادات الإنسان القديم، ولا سيما في سورية فشاعت أساطير عبادات الثور المقدس وقدسية الثور في سورية ومصر، ومن تلك الأساطير أن الثور المقدس ولد من شعاع نور سماوي، حل في بقرة عذراء وأنجبت عجلا مقدسا له مثلث أبيض فوق جبهته، وهلال على جانبه الأيمن، وهو الإله الفرعوني آبيس.
وفي صلاة سورية من العهد السومري إلى أنانا –الأم العذراء- من عصر سركون الأول نقرأ:"أيتها البقرة الجموح أنت أعظم من كبير الآلهة آن."
ويبدو أن عبادة العجل لم تتحطم عندما ظهرت الأديان العبرية، فقد تجاوزتها ووجدت لها مسارب سهلة إلى نفوس العبريين، ظهرت خصائصها جلية في المقدسات العبرية.
فكان لعبادة الثور في سورية أن حمل آثاره العبريون، ليس أثناء ما سمي بالسبي البابلي وحسب، بل منذ أن نزح إبراهيم الخليل من أور الكلدانيين، ومن ثم زواج ابنه إسحق وحفيده إسرائيل من أبناء جلدتهم في آرام سورية، كل هذا وغيره الكثير كان له أن حملوا بوجدانهم الجماعي مفاهيم عبادة هذا الثور إلى كنعان، حيث وجدا هناك الجو المناسب لهذه العبادة المنتشرة هناك، ومن ثم وجدوا لهذه العبادة التربة الخصبة في مصر أيضا، وذلك أثناء إقامتهم أربعمائة سنة هناك، لأن عبادة الثور كانت منتشرة في مصر أيضا، كما أشارت إلى هذا أسطورة العجل آبيس، وهذا ما حمل هارون لصناعة العجل الذهبي وعبادته أثناء خروجهم من مصر. "اهـ
وقد انتقد سعيد فودة الكتاب الذى نقل عنه فقال :
"هذا خلاصة ما ذكره هذا المؤلف، مع ملاحظة أن هذا المؤلف أودع في كتابه العديد من الأمور الباطلة والتفسيرات المردودة وأساء الأدب كثيرا مع الأنبياء."
كما انتقد ما جاء في الكتابين اللذين نقل عنهما عن صناعة هارون(ص) للعجل فقال :
"ولا يخفى أن ما نسبه إلى هارون من صناعة العجل إنما هو بناء على ما ورد في التوراة المحرفة التي أسندت صناعة العجل وصياغته إلى هارون عليه السلام ونحن نعلم مما ذكر في القرآن وفيه مطلق الحق أن السامري هو من عمل لهم العجل لا هارون، وإن تم نسبة ذلك في توراتهم على عادتهم في الحط من الأنبياء إلى هارون عليه السلام."
والفقرات المنقولة التى نقلها سعيد كدليل على صحة استنتاجه وهو أن عبادة العجل ليست متأصلة فقط في اليهود وإنما في العائلة الإبراهيمية بدليل أنه لم يعلق على هذه الجزئية في الكتاب الثانى بالذات
وعاد يعيد للحديث عن اهمية العجل في قلوب اليهود فقال :
"ولكن المهم هنا ليس من صنع العجل بقدر ما هي أهمية العجل في قلوب اليهود.
وعلينا أن نلاحظ الآيات التي ذكرناها أولا بقدر بالغ من التمعن والتفكر.
فتأمل كيف قال رب العزة واصفا اليهود "وأشربوا في قلوبهم العجل"، مما يفيد تمكن عبادة العجل في اليهود. ويذكر المؤرخون مرة أخرى أنهم عبدوا العجل لما خربت مملكة داود وسليمان عليهما السلام، وانقسم اليهود إلى مملكتين، فعبد العجل في المملكة الشمالية!!!
وانظروا إلى اليهود كيف تمكنت فيهم عبادة آلهة الشعوب الأخرى مع ما بعث إليهم من أنبياء، فهذا يدل قطعا لا على أصالتهم الفكرية كما يزعمون دائما، بل على تقليدهم لتلك الشعوب.
وقد حصل هذا معهم دائما في كل أطوار تاريخهم، فقد تأثروا بالفرس والبابليين لما اختلطوا بهم، وتأثروا باليونان والرومان لما وقعوا تحت سلطتهم."
والكلام الذى ذكره فودة عن تكرار عبادة اليهود للعجل عبر عصورهم هو خطأ فأخبار العهد القديم لا قيمة لها ولا يوجد عليها أى دليل في القرآن خاصة ما يسمى بعصور الملوك والقضاة
والأغرب أن كتب التاريخ والآثار لم تبين أى وجود لممالك إسرائيل ويهوذا المزعومة ولا لملوكهم ذكر فيها
وقد طالب سعيد فودة الباحثين ان يجمعوا الحكايات والروايات في موضوع العجل فقال :
"وهذا الأمر يستحق أن يستفرغ أحد الباحثين جهده ليبحث في ما يمكن أن يكون له من دلائل، ويجلب لنا هنا ما يتعلق بهذا الأمر من روايات وأخبار من مختلف المجالات والاتجاهات.
وما يهمنا هنا هو دقة القرآن في وصف اليهود تاريخيا، وصدقه في حكاية الوقائع التاريخية.
ولا نريد هنا إلا أن نلفت أنظاركم إلى هذا الأمر لعله يكون دافعا لبعض الإخوة ليكتبوا بعض المعلومات ويفيدوا غيرهم في هذا المجال."
وبالقطع هذا الطلب لن يفيد المسلمين بأى شىء في الموضوع لأن القرآن ذكر القصة ولم يقل أنها تكررت فيما بعد أو حتى كانت موجودة من قبل
المؤلف سعيد فودة وهو يدور حول محاولة تفسير اشراب اليهود العجل في قلوبهم وسبب ذلك وقد دخل سعيد إلى الموضوع على الفور من خلال ذكر آيات القرآن التى ذكر فيها الكلام عن العجل فقال :
"أما بعد،
فقد قال الله تعالى
{واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين} الأعراف148
{فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي} طه88
{وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} البقرة51
{وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} البقرة54
{ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون} البقرة92
{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} البقرة93
{يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا} النساء153
{إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} الأعراف152"
وبعد أن نقل تلم الآيات تعرض لمعنى وأشربوا في قلوبهم فنقل من بطون الكتب التالى:
"شيء من أقوال المفسرين:
نقل الطبري:"عن قتادة: (وأشربوا في قلوبهم العجل)، قال: أشربوا حبه، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم.
وعن الربيع، وعن أبي العالية قال: أشربوا حب العجل في قلوبهم."
وقال النسفي:" واشربوا فى قلوبهم العجل أى تداخلهم حبه والحرص على عبادته كما يتداخل الصبغ الثوب وقوله فى قلوبهم بيان لمكان الإشراب والمضاف وهو الحب محذوف بكفرهم سبب كفرهم واعتقادهم التشبيه قل بئسما يأمركم به إيمانكم بالتوراة لأنه ليس فى التوراة عبادة العجل وإضافة الأمر إلى إيمانهم تهكم وكذا إضافة الايمان اليهم إن كنتم مؤمنين تشكيك في إيمانهم وقدح في صحة دعواهم له"اهـ.
وقال البيضاوي:" {وأشربوا في قلوبهم العجل} تداخلهم حبه ورسخ في قلوبهم صورته، لفرط شغفهم به، كما يتداخل الصبغ الثوب، والشراب أعماق البدن. وفي قلوبهم: بيان لمكان الإشراب كقوله تعالى: {إنما يأكلون في بطونهم نارا} {بكفرهم} بسبب كفرهم وذلك لأنهم كانوا مجسمة، أو حلولية ولم يروا جسما أعجب منه، فتمكن في قلوبهم ما سول لهم السامري {قل بئسما يأمركم به إيمانكم} أي بالتوراة، والمخصوص بالذم محذوف نحو هذا الأمر، أو ما يعمه وغيره من قبائحهم المعدودة في الآيات الثلاث إلزاما عليهم {إن كنتم مؤمنين} تقرير للقدح. في دعواهم الإيمان بالتوراة، وتقديره إن كنتم مؤمنين بها لم يأمركم بهذه القبائح ولا يرخص لكم فيها إيمانكم بها، أو إن كنتم مؤمنين بها فبئسما يأمركم به إيمانكم بها، لأن المؤمن ينبغي أن لا يتعاطى إلا ما يقتضيه إيمانه، لكن الإيمان بها لا يأمر به، فإذا لستم بمؤمنين."اهـ"
وما ذكر هنا في تعريف الاشراب هو تعريف للجملة بألفاظها نفسها وهو ليس شرح أو أو تفسير والجملة "وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم"تعنى وأحبوا فى أنفسهم العجل بظلمهم وهذا يبين لنا أن القوم قد أحبوا فى نفوسهم عبادة العجل نتيجة كفرهم أى تكذيبهم بميثاق الله
وحاول سعيد أن يعلل أى يفسر سبب تعلق اليهود بالعجل فقال :
"محاولة تعليل ذلك التعلق بين اليهود والعجل
سنحاول هنا أن نعرف لم خصص الله تعالى ذكر العجل وعلاقة اليهود به، هل لهذه العلاقة أصول تاريخية، ودلائل عقيدية، تمكننا من أن نفهم حقيقة اليهود، وتبين لنا كيف نتعامل معهم في هذا الزمان بناء على إرشاد القرآن والتأمل في آياته غير مغفلين للوقائع التاريخية وسواها.
قال إمام عبد الفتاح إمام في كتابه "معجم ديانات وأساطير العالم" (2/ 46) تحت عنوان العجل الذهبي:"عجل من ذهب عبده اليهود عند سفح جبل سيناء، بعد خروجهم من مصر، ورد في سفر الخروج ثاني أسفار التوراة، أن اليهود لما رأوا موسى قد أبطأ في النزول من الجبل، اجتمعوا على هارون وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا، لأن هذا الرجل موسى الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه" [خروج 32:1 - 2]. ولم يتخل اليهود قط عن عبادة العجل الذهبي، لأن عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر، وظلوا زمنا طويلا يتخذون هذا الحيوان آكل العشب رمزا لآلهتهم.
أما هارون فقد قال لهم:"انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبناتكم وآتوني بها، فنزع الشعب كل أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلا مسبوكا. [خروج 32: 3 - 4].
وعندما هبط موسى من الجبل ورأى العجل غضب غضبا شديدا، وأحرقه وطحنه ثم ذراه في الهواء."
وما ذكره أمام هو غلط فاحش نقلا عن العهد القديم فهارون(ص) طبقا للقرآن رفض حكاية العجل ونصحهم بعدم صناعته وعبادتهم ,وفيه قال تعالى:
"ولقد قال لهم هارون من قبل إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعونى وأطيعوا أمرى"
وأما من صنع العجل وجمع مادته الخام فهو السامرى طبقا للقرآن كما قال تعالى:
"قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى "
وحكاية أن القوم في مصر كانوا يعبدون العجل وهو المشهور في خرافاتنا بعجل أبيس ينافى أن العبادة في مصر في عصر فرعون كان عبادة فرعون كما قال الله على لسانه:
"ما علمت لكم من إله غيرى"
وقال :
"أنا ربكم الأعلى"
وقالل لموسى(ص):
"ائن اتخذت إلها غيرى لأجعلنك من المسجونين"
ومن ثم فما يتحدث عنه إمام هو تاريخ مزور لمخالفته نصوص القرآن وهو ما أكمله نقلا عن العهد القديم بأنهم عادوا لعبادة العجل في عصر يربعام فقال :
"وفي عهد يربعام الأول [توفي عام 912 ق. م.) زعيم القبائل اليهودية الذي أنشأ مملكة إسرائيل عاد اليهود من جديد إلى عبادة العجل الذهبي."اهـ"
ونقل سعيد فودة عن كتاب إمام كلام لا علاقة له بالموضوع فقال :
"وذكر في الكتاب نفسه (1/ 272) أن البقرة رمز للأم العظيمة والخلق في أساطير العالم. وكانت البقرة مقدسة عند الآلهة حتحور في مصر القديمة، وكذلك عند الألهة إيزيس، وفي بعض الأساطير القديمة لعقت البقرة مسلح الأرض وخلقت الإنسان الأول. ولا تزال البقرة مقدسة في الهند.""
وبالطبع القوم عبدوا العجل وليس البقرة التى تسمى حتحور كما لا علاقة لليهود بالهندوسية
ونقل سعيد عن كتاب أخر ما يلى:
"قال مؤلف كتاب "صورة الله الوثنية والدموية في التوراة"ص63 وما بعدها:
"استهوى قلب الإنسان للقمر الإله، وانسحر له، وربط بينه بين قرني الثور للتشابه الشكلي بين الهلال والقرن، لم تتوقف تداعيات تصورات الإنسان عند هذا الحد من الاعتبار المقدس للقمر، ومن ثم الثور، حتى شمل البقرة الأم كلها بقدسية الهلال، واعتبرها رمز العطاء والخصوبة التي منها كل شيء، فهي العذراء الأم التي أنجبت زوجها الثور، وابنها العجل، فكانوا ثلاثة آلهة في كيان واحد قبل أن يتمخض عن الأم الكبرى، البقرة المقدسة، ومع انقلاب العبادة الأنثوية إلى عبادة الذكورة، أثناء انتقال السلطة للرجل، تجسد في الثور رمز القوة الإلهية ولعبادة الثور أهمية خاصة ومميزة في عبادات الإنسان القديم، ولا سيما في سورية فشاعت أساطير عبادات الثور المقدس وقدسية الثور في سورية ومصر، ومن تلك الأساطير أن الثور المقدس ولد من شعاع نور سماوي، حل في بقرة عذراء وأنجبت عجلا مقدسا له مثلث أبيض فوق جبهته، وهلال على جانبه الأيمن، وهو الإله الفرعوني آبيس.
وفي صلاة سورية من العهد السومري إلى أنانا –الأم العذراء- من عصر سركون الأول نقرأ:"أيتها البقرة الجموح أنت أعظم من كبير الآلهة آن."
ويبدو أن عبادة العجل لم تتحطم عندما ظهرت الأديان العبرية، فقد تجاوزتها ووجدت لها مسارب سهلة إلى نفوس العبريين، ظهرت خصائصها جلية في المقدسات العبرية.
فكان لعبادة الثور في سورية أن حمل آثاره العبريون، ليس أثناء ما سمي بالسبي البابلي وحسب، بل منذ أن نزح إبراهيم الخليل من أور الكلدانيين، ومن ثم زواج ابنه إسحق وحفيده إسرائيل من أبناء جلدتهم في آرام سورية، كل هذا وغيره الكثير كان له أن حملوا بوجدانهم الجماعي مفاهيم عبادة هذا الثور إلى كنعان، حيث وجدا هناك الجو المناسب لهذه العبادة المنتشرة هناك، ومن ثم وجدوا لهذه العبادة التربة الخصبة في مصر أيضا، وذلك أثناء إقامتهم أربعمائة سنة هناك، لأن عبادة الثور كانت منتشرة في مصر أيضا، كما أشارت إلى هذا أسطورة العجل آبيس، وهذا ما حمل هارون لصناعة العجل الذهبي وعبادته أثناء خروجهم من مصر. "اهـ
وقد انتقد سعيد فودة الكتاب الذى نقل عنه فقال :
"هذا خلاصة ما ذكره هذا المؤلف، مع ملاحظة أن هذا المؤلف أودع في كتابه العديد من الأمور الباطلة والتفسيرات المردودة وأساء الأدب كثيرا مع الأنبياء."
كما انتقد ما جاء في الكتابين اللذين نقل عنهما عن صناعة هارون(ص) للعجل فقال :
"ولا يخفى أن ما نسبه إلى هارون من صناعة العجل إنما هو بناء على ما ورد في التوراة المحرفة التي أسندت صناعة العجل وصياغته إلى هارون عليه السلام ونحن نعلم مما ذكر في القرآن وفيه مطلق الحق أن السامري هو من عمل لهم العجل لا هارون، وإن تم نسبة ذلك في توراتهم على عادتهم في الحط من الأنبياء إلى هارون عليه السلام."
والفقرات المنقولة التى نقلها سعيد كدليل على صحة استنتاجه وهو أن عبادة العجل ليست متأصلة فقط في اليهود وإنما في العائلة الإبراهيمية بدليل أنه لم يعلق على هذه الجزئية في الكتاب الثانى بالذات
وعاد يعيد للحديث عن اهمية العجل في قلوب اليهود فقال :
"ولكن المهم هنا ليس من صنع العجل بقدر ما هي أهمية العجل في قلوب اليهود.
وعلينا أن نلاحظ الآيات التي ذكرناها أولا بقدر بالغ من التمعن والتفكر.
فتأمل كيف قال رب العزة واصفا اليهود "وأشربوا في قلوبهم العجل"، مما يفيد تمكن عبادة العجل في اليهود. ويذكر المؤرخون مرة أخرى أنهم عبدوا العجل لما خربت مملكة داود وسليمان عليهما السلام، وانقسم اليهود إلى مملكتين، فعبد العجل في المملكة الشمالية!!!
وانظروا إلى اليهود كيف تمكنت فيهم عبادة آلهة الشعوب الأخرى مع ما بعث إليهم من أنبياء، فهذا يدل قطعا لا على أصالتهم الفكرية كما يزعمون دائما، بل على تقليدهم لتلك الشعوب.
وقد حصل هذا معهم دائما في كل أطوار تاريخهم، فقد تأثروا بالفرس والبابليين لما اختلطوا بهم، وتأثروا باليونان والرومان لما وقعوا تحت سلطتهم."
والكلام الذى ذكره فودة عن تكرار عبادة اليهود للعجل عبر عصورهم هو خطأ فأخبار العهد القديم لا قيمة لها ولا يوجد عليها أى دليل في القرآن خاصة ما يسمى بعصور الملوك والقضاة
والأغرب أن كتب التاريخ والآثار لم تبين أى وجود لممالك إسرائيل ويهوذا المزعومة ولا لملوكهم ذكر فيها
وقد طالب سعيد فودة الباحثين ان يجمعوا الحكايات والروايات في موضوع العجل فقال :
"وهذا الأمر يستحق أن يستفرغ أحد الباحثين جهده ليبحث في ما يمكن أن يكون له من دلائل، ويجلب لنا هنا ما يتعلق بهذا الأمر من روايات وأخبار من مختلف المجالات والاتجاهات.
وما يهمنا هنا هو دقة القرآن في وصف اليهود تاريخيا، وصدقه في حكاية الوقائع التاريخية.
ولا نريد هنا إلا أن نلفت أنظاركم إلى هذا الأمر لعله يكون دافعا لبعض الإخوة ليكتبوا بعض المعلومات ويفيدوا غيرهم في هذا المجال."
وبالقطع هذا الطلب لن يفيد المسلمين بأى شىء في الموضوع لأن القرآن ذكر القصة ولم يقل أنها تكررت فيما بعد أو حتى كانت موجودة من قبل
أمس في 9:43 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:11 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 9:36 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الإثنين نوفمبر 18, 2024 9:33 pm من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:39 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
السبت نوفمبر 16, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب زواج موسى ولماذا تزوج داود وسليمان كل هؤلاء النسوة؟
الجمعة نوفمبر 15, 2024 9:18 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟
الخميس نوفمبر 14, 2024 9:31 pm من طرف رضا البطاوى
» نقد كتاب إبطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 8:56 pm من طرف رضا البطاوى