نقد كتاب المسلم يرث الکافر دون العکس
الكتاب تأليف جعفر السبحاني وهو يدور حول مسألة من المسائل التى اتفق فيها الشيعة والسنة وهى وراثة المسلم للكافر وليس العكس والغريب أن الفريقين اتفقا فى المسألة على مخالفة كتاب الله وهو ما سنبدأ به النقد وهو :
فرق الله بين المعاهدين أى الذين واثقهم أى عاهدهم المسلمون والحربيين فى الميراث كالتالى :
المعاهد يرث دية قريبه القتيل وفى هذا قال تعالى :
"وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله"
المحارب وهو العدو المعتدى لا يرث شىء من دية قريبه المسلم كما قال تعالى :
" فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة"
وهذه نصوص قطعية بالإضافة إلى أن نصوص الميراث لم تحدد دين الورثة وإنما قالت مثلا:
" يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"
فلم تحدد دين الورثة إسلام أو دين من أديان الكفر
وحتى قوله تعالى :
"وأولوا الأرحام بعضهم أولياء بعض فى كتاب الله"
فأولو الأرحام ليسوا كلهم مسلمين خاصة فى ذلك العصر حيث كان بعض الأقارب مسلمين وبعضهم كفار
والآية دية القتل الخطأ هى:
"وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله"
استهل السبحانى الكتابة بالقول أن الهدف من الكتاب هو التقريب بين السنة والشيعة فقال:
"بما أن الحقيقة بنت البحث فقد حاولنا في هذه الدراسات المتسلسلة أن نطرحها علي طاولة البحث، عسي أن تکون وسيلة لتوحيد الکلمة وتقريب الخطي في هذا الحقل، فالخلاف فيها ليس خلافا في جوهر الدين وأصوله حتي يستوجب العداء والبغضاء، وإنما هو خلاف فيما روي عنه (ص)، وهو أمر يسير في مقابل المسائل الکثيرة المتفق عليها بين المذاهب الإسلامية"
بعد ذلك حدثنا عما سماه موانع وموجبات الورث فى الفقه فقال:
"المسلم يرث الکافر دون العکس:
إن للإرث في الفقه الإسلامي موجبات و موانع أما الموجبات له فسببان: النسب والسبب وقد قيل: الإرث في الشرع بأمرين وجب بالنسب الثابت شرعا وسبب وأما الموانع فهي: الکفر، والقتل، والرق، فنهمل الکلام في المانعين الأخيرين، ونرکز علي المانع الأول ضمن مسألتين: الأولي: توريث الکافر من المسلم لا يرث الکافر المسلم مطلقا، إجماعا محققا بين المسلمين، مع تضافر الروايات عليه قال المفيد في «المقنعة»: ولا يرث کافر مسلما علي حال وقال الطوسي في «المبسوط»: والکافر لا يرث المسلم بلا خلاف وقال ابن قدامة: أجمع أهل العلم علي أن الکافر لا يرث المسلم وبما ان هذه المسألة مما لم يختلف فيها اثنان، وهي مورد اتفاق بين الفريقين"
كما قلت اجتمع الفريقان على مخالفة كتاب الله وهو إجماع كفر إن أصر عليه القوم عندما يردون نصوص قطعية فى كتاب الله
ثم كلمنا السبحانى عن توريث المسلم من الكافر فقال:
"نکتفي بهذا المقدار ونرکز البحث علي المسألة الثانية الثانية: توريث المسلم من الکافر :
هذه المسألة اختلفت فيها کلمات الفقهاء، فالإمامية ولفيف من غيرهم علي أنه يرث الکافر، ولکن الأکثرية من غيرهم علي المنع وتحقيق الکلام في هذه المسألة التي أصبحت مثار بحث وجدل واسع بين المذهبين، يتم ببيان أمور:
استعراض کلمات الفقهاء :
-قال الشيخ الطوسي: ذهبت الإمامية قاطبة تبعا لأئمة أهل البيت ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان من الصحابة، ومسروق وسعيد و عبد الله بن معقل و محمد بن الحنفية وإسحاق بن راهويه من التابعين إلي أن المسلم يرث الکافر
-وقال جمهور الصحابة والفقهاء علي أنه لا يرث المسلم الکافر وقال ابن قدامة: قال جمهور الصحابة والفقهاء: لا يرث المسلم الکافر يروي هذا عن أبي بکر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله، وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري و عطاء و طاووس والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالک والشافعي وعامة الفقهاء، وعليه العمل وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية، أنهم ورثوا المسلم من الکافر ولم يورثوا الکافر من المسلم وحکي ذلک عن محمد بن الحنفية، وعلي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، و مسروق، وعبد الله بن معقل، والشعبي، والنخعي، ويحيي بن يعمر، وإسحاق; وليس بموثوق به عنهم، فإن أحمد قال: ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الکافر وجدير بالذکر انهم ينسبون عدم الإرث إلي علي وعلي بن الحسين المعروف بزين العابدين مع أن روايات أئمة أهل البيت متضافرة علي خلافه کما سيوافيک"
قطعا وراثة المسلم لقريبه الكافر داخل دولة المسلمين واجب لكون المال فى دولة المسلمين وكما يرث الكافر المسلم يرث المسلم الكافروأما فى دولة العهد فهذا نص يوضع فى المعاهدة فإن يرض به المعاهدون عوقبوا بألا يرث المعاهدون أقاربهم المسلمون فى دولة المسلمين كما قال تعالى فى رد مهر المسلمة التى كانت كافرة وهاجرت لدولة المسلمين ورد مهر الكافرة التى كانت مسلمة وهربت لدولة المعاهدين :
""يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وأتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا أتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر وسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم"
فرد المهر من هنا يستوجب رد المهر من هناك وكذلك الورث فإن ورثوا من هنا يرثون من هناك وإن يرث المسلمون من الكفار كان العقاب عدم توريثهم من المسلمين كنوع من العقاب المتبادل كما قال تعالى :
"وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا"
ثم حدثنا السبحانى عن وجوب العمل بكتاب الله الذى لا يعمل به الفريقان فى المسألة ألأولى فقال:
"الکتاب حجة قطعية:
الکتاب حجة قطعية لا يعدل عنه إلا بدليل قطعي إن الکتاب حجة قطعية سندا ودلالة في غير المجملات والمبهمات والمتشابهات ولا ترفع اليد عن مثله إلا بدليل قطعي آخر، فإن کون الکتاب حجة ليس ککون خبر الواحد حجة، بل هو من الحجج القطعية الذي لا يعادله شيء إلا نفس کلام المعصوم، لا الحاکي عنه الذي يحتمل أن يکون کلام المعصوم أو موضوعا علي لسانه، و قد سماه النبي (ص) في حديث الثقلين بالثقل الأکبر، ومعه کيف يمکن رفع اليد عن ظواهر القرآن بخبر الواحد وإن کان ثقة؟! ولذلک قلنا في الأصول: إن رفع اليد عن إطلاق الکتاب وعمومه بمجرد ورود خبر ثقة مشکل جدا، إلا إذا احتف الخبر بقرينة توجب اطمئنان الإنسان بصدوره من المعصوم يجعله بمثابة تسکن النفس إليه، ولأجل ذلک لم تجوز طائفة من الأصوليين تخصيص القرآن بخبر الواحد قال الشيخ الطوسي بعد نقل الآراء في تخصيص الکتاب وتقييده بخبر الواحد : والذي أذهب إليه انه لا يجوز تخصيص الکتاب بها بأخبار الآحاد علي کل حال، سواء خص أم لم يخص، بدليل متصل أو منفصل، والذي يدل علي ذلک أن عموم القرآن يوجب العلم، وخبر الواحد يوجب غلبة الظن، ولا يجوز أن يترک العلم بالظن علي حال، فوجب بذلک أن لا يخص العموم به وأيده المحقق الحلي فقال: لا نسلم أن خبر الواحد دليل علي الإطلاق، لأن الدلالة علي العمل به، هي الإجماع علي استعماله فيما لا يوجد عليه دلالة فإذا وجدت الدلالة القطعية سقط وجوب العمل وحاصل کلامهما وجود الشک في سعة دليل حجية خبر الواحد، وانه هل يعم ما إذا کان في المورد دليل قطعي مثل الکتاب؟! إن کثيرا من الأصوليين وإن کانوا يتعاملون مع الکتاب العزيز معاملة سائر الحجج، أعني: السنة الحاکية، لکن الکتاب أعظم شأنا من أن يکون عدلا لأمثالها بل هو حجة قطعية، فعموم القرآن واطلاقاته حجة علي المجتهد إلا إذا وقف علي حجة أخري تسکن النفس إليها ويطمئن بها المجتهد، فعند ذلک يقيد عموم القرآن واطلاقاته به إذا عرفت ذلک فلندخل في صلب الموضوع ونقدم أدلة القائلين بالإرث علي أدلة نفاته"
وبعد هذه المقدمة فى وجوب العمل بكتاب الله بين ما سماه بأدلة القائلين بإرث المسلم من الکافر فقال:
أدلة القائلين بإرث المسلم من الکافر:
استدل القائلون بأن المسلم يرث الکافر مطلقا، کتابيا کان أو وثنيا بوجوه:
-اطلاقات الکتاب العزيز إن مقتضي اطلاقات الکتاب وعموماته، هو التوارث في الحالتين، من دون فرق بين إرث الکافر، المسلم وبالعکس، قال سبحانه: (يوصيکم الله في أولادکم للذکر مثل حظ الأنثيين فإن کن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترک وإن کانت واحدة فلها النصف) و قال سبحانه: (ولکم نصف ما ترک أزواجکم إن لم يکن لهن ولد فإن کان لهن ولد فلکم الربع مما ترکن من بعد وصية يوصين بها أو دين ..) وقال سبحانه: (يستفتونک قل الله يفتيکم في الکلالة إن امرؤا هلک ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترک ..) غير أن الدليل القطعي وهو اتفاق المسلمين قام علي إخراج إرث الکافر من المسلم من تحت هذه الاطلاقات والعمومات وأما إرث المسلم من الکافر فخروجه رهن دليل قطعي تسکن إليه النفس حتي يعد عديلا للقرآن في الحجية ويخص الکتاب أو يقيد بهذا الدليل، فلابد من دراسة الروايات التي استدل بها علي عدم توريث المسلم من الکافر، وانه هل هي بهذه المثابة أو لا؟ "
نلاحظ هنا الظلم البين فى الحكم فالكتاب يدل على وراثة كلا الطرفين للأخر ومع هذا يتركون اللفظ الواضح للعمل بالروايات أو بالرأى ممثلا فى إجماع ضال على عدم وراثة الكافر للمسلم فإذا كانوا لا يفقهون معنى الظلم فما هو الظلم غير ما قالوا ؟ ثم حدثنا عن رأى الشيعة فى الورث فقال:
"إجماع الإمامية علي الإرث :
اتفقت الإمامية علي أن المسلم يرث الکافر مطلقا، و لم يختلف فيه اثنان منهم، وقد مرت الإشارة إلي إجماع الطائفة في کلام الشيخ الطوسي، ولنذکر غيرها، حتي يتضح اتفاقهم في المسألة:
1-قال المفيد ويرث أهل الإسلام بالنسب والسبب أهل الکفر والإسلام، ولا يرث کافر مسلما علي کل حال فإن ترک اليهودي، أو النصراني، أو المجوسي، ابنا مسلما وابنا علي ملته، فميراثه عند آل محمد لابنه المسلم دون الکافر; ولو ترک أخا مسلما وابنا کافرا، حجب الأخ المسلم الابن في الميراث وکان أحق به من الابن الکافر، وجري الابن الکافر مجري الميت في حياة أبيه، أو القاتل الممنوع بجنايته من الميراث
2-وقال السيد المرتضي في «الانتصار»: و مما انفردت به الإمامية عن أقوال باقي الفقهاء في هذه الأزمان القريبة وإن کان لها موافق في متقدم الزمان: القول بأن المسلم يرث الکافر وإن لم يرث الکافر، المسلم وقد روي الفقهاء في کتبهم موافقة الإمامية علي هذا المذهب عن سيدنا علي بن الحسين ومحمد بن الحنفية وعن مسروق وعبد الله بن معقل المزني وسعيد بن المسيب ويحيي بن يعمر ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان
3-وقال الطوسي: والکافر لا يرث المسلم بلا خلاف، والمسلم يرث الکافر عندنا، حربيا کان أو ذميا، أو کافر أصل، أو مرتدا عن الإسلام 4وقال ابن زهرة: إن الکافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فانه يرث الکافر عندنا وإن بعد نسبه ويدل علي ذلک الإجماع الماضي ذکره، وظاهر آيات الميراث، لأنه إنما يخرج من ظاهرها ما أخرجه دليل قاطع
5-وقال ابن إدريس: قد بينا فيما مضي ان الکافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فانه يرث الکافر عندنا وإن بعد نسبه ويحجب من قرب عن الميراث بلا خلاف بيننا
6-وقال الکيدري المسلم يرث الکافر، وإن بعد نسبه، أما بالعکس فلا، کما مضي
7-وقال المحقق الحلي: ويرث المسلم الکافر، أصليا ومرتدا، ولو مات کافر وله ورثة کفار، ووارث مسلم، کان ميراثه للمسلم
8- قال الشهيد الثاني معلقا علي کلام المحقق «ويرث المسلم الکافر» : هذا موضع وفاق بين الأصحاب إلي غير ذلک من الکلمات التي يجدها الباحث في مظانها، ولا حاجة إلي نقلها تفصيلا وهذا النوع من الإجماع الموسوم بالإجماع المحصل حجة بنفسه حسب أصول المخالفين، وکاشف عن رأي المعصوم علي أصولنا، وهو حجة قطعية لا يعدل عنها إلي غيرها الروايات المتضافرة عن أئمة أهل البيت قد تضافرت الروايات علي أن المسلم يرث الکافر ولا عکس، وقد جمعها الشيخ الحر العاملي في کتاب الفرائض الباب الأول من أبواب موانع الإرث، وهي تناهز عشر روايات، وإليک استعراضها:
1أخرج الصدوق بسند صحيح عن أبي ولاد، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: «المسلم يرث امرأته الذمية، وهي لا ترثه» ومورد الرواية هو إرث المسلم زوجته، ولکن المورد غير مخصص خصوصا بقرينة ما يأتي من المطلقات والعمومات
2-أخرج الصدوق عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله قال: «المسلم يحجب الکافر ويرثه، والکافر لا يحجب المسلم ولا يرثه» وعلي ذلک فلو کان للکافر ابن کافر، وأخ مسلم يحجب الأخ إرث الابن الکافر; والکلام في المقام في إرث المسلم، الکافر، و کونه وراء ذلک حاجبا عن إرث الکافر مسألة ثانية، ولا ملازمة عقلا بين المسألتين، إذ يمکن الفصل بين المسألتين عقلا، بأن يکون وارثا، لا حاجبا نعم دلت الروايات علي کونه حاجبا أيضا، فيحجب إرث الکافر من الکافر، سواء کان الحاجب متحدا مع الممنوع في الطبقة أو متأخرا عنه، فالولد المسلم يحجب الولد الکافر، کما أن الأخ المسلم يحجب إرث الولد الکافر
3- أخرج الشيخ بسند معتبر عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله قال: «لا يرث الکافر المسلم، وللمسلم أن يرث الکافر، إلا أن يکون المسلم قد أوصي للکافر بشيء»
4أخرج الشيخ عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر في النصراني يموت و له ابن مسلم، أيرثه؟ قال: «نعم، إن الله عز وجل لم يزدنا بالإسلام إلا عزا، فنحن نرثهم وهم لا يرثوننا»
5- ما أخرجه الصدوق بسند موثق عن سماعة، عن أبي عبد الله قال: سألته عن المسلم هل يرث المشرک؟ قال : «نعم، فأما المشرک فلا يرث المسلم»
6-أخرج الفقيه بسند معتبر عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر ، قال: سمعته، يقول: «لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين، ويرث المسلمون اليهود والنصاري»
7أخرج الشيخ في «التهذيب» عن أبي العباس (البقباق) قال: سمعت أبا عبد الله يقول: «لا يتوارث أهل ملتين (يرث هذا هذا، ويرث هذا هذا) إلا أن المسلم يرث الکافر والکافر لا يرث المسلم»
8- أخرج الکليني بسند صحيح عن جميل وهشام، عن أبي عبد الله انه قال: فيما روي الناس عن النبي (ص) أنه قال: «لا يتوارث أهل ملتين، قال: نرثهم ولا يرثونا، إن الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة»وفي رواية الشيخ الطوسي: «إن الإسلام لم يزده إلا عزا في حقه» ثم إن الرواية السابعة والثامنة تفسران ما رواه الجمهور عن النبي (ص) من أنه لا يتوارث أهل ملتين کما سيوافيک بيانه، وحاصل التفسير: إن نفي التوارث کما يحصل بعدم إرث کل الآخر، يتحقق أيضا بعدم إرث الکافر المسلم دون المسلم، الکافروبذلک أيضا يفسر بعض الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت بنفس اللفظ النبوي أو قريب منه، نظير الروايات التالية:
9-أخرج الشيخ بسند معتبر عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله قال: سألته يتوارث أهل ملتين؟ قال: «لا»
10ونظيره ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسي بن جعفر ، قال: سألته عن نصراني يموت ابنه وهو مسلم، فهل يرث، فقال: «لا يرث أهل ملة»وفي المصدر: لا يرث أهل ملة ملة وهو محمول علي عدم التوارث من الطرفين فلا ينافي إرث المسلم الکافر إلي هنا تمت دراسة ما دل علي إرث المسلم الکافر، وهي متضافرة تفيد الاطمئنان بالصدور الروايات المعارضة ثم إن هناک روايات ربما يتراءي التعارض بينها وبين ما سبق، لا تعارضا مطلقا، بل تعارضا نسبيا، وهي القول بإرث المسلم الکافر إلا في مورد الزوج والزوجة أو خصوص الزوجة ومقتضي صناعة الفقه تخصيص المطلقات السابقة بهذه الروايات المتعارضة، إلا أنها فاقدة للحجية فيطرح تخصيصها بها"
بعد أن ذكر السبحانى الرواية التى تحرم توارث الفريقين من بعض قام فى الصفحات التالية بإيراد روايات تدل على توارث الفريقين وكأن التعارض أمر عادى لا يجعل الدين مختلا بل ويجعل الناس يهربون منه لتناقضه وعدم عدالته بين الناس فقال:
"وإليک ما يعارضها بظاهره:
1ما رواه الصدوق مرسلا، قال: قال أبو عبد الله في الرجل النصراني تکون عنده المرأة النصرانية فتسلم أو يسلم ثم يموت أحدهما؟ قال: «ليس بينهما ميراث»
2رواية عبد الملک بن عمير القبطي، عن أمير المؤمنين أنه قال للنصراني الذي أسلمت زوجته: «بضعها في يدک، ولا ميراث بينکما» 3رواية عبد الرحمن البصري، قال: قال أبو عبد الله : «قضي أمير المؤمنين في نصراني، اختارت زوجته الإسلام ودار الهجرة: أنها في دار الإسلام لا تخرج منها، و أن بضعها في يد زوجها النصراني، وأنها لا ترثه ولا يرثها»
4رواية عبد الرحمن بن أعين قال: قال أبو جعفر : «لا نزداد بالاسلام إلا عزا، فنحن نرثهم ولا يرثونا، هذا ميراث أبي طالب في أيدينا، فلا نراه إلا في الولد والوالد، ولا نراه في الزوج والمرأة» "
الروايات الثلاثة لا تفيد ما ذهب إليه السبحانى من توارث الفريقين وإنما هى كالروايات الأولى تفيد عدم التوارث والرابعة هى الوحيدة التى تفيد وراثة المسلم للكافر دون العكس وقد انتقد السبحانى تلك الروايات الشيعية بوجود عيوب فى أسانيدها فقال:
" وهذه الروايات لا يعتمد عليها في مقابل ما تضافر أما الأولي فهي مرسلة الصدوق في «المقنع» وليست مسندة إلي المعصوم وأما الثانية فهي مضافا إلي کونها مرسلة لما في سندها من قوله: عن أمي الصيرفي أو بينه و بينه رجل، عن عبد الملک بن عمير القبطي فإن عبد الملک لم يوثق وأما الثالثة فسندها وإن کان موثقا ومقتضي الجمع الصناعي هو تخصيص ما دل علي إرث المسلم الکافر بهذه الرواية و تکون النتيجة: إرث المسلم الکافر، إلا الزوجة المسلمة فإنها لا ترث الزوج الکافر ولکن العمل بهذه الرواية في مقابل ما تضافر وتواتر عنهم غير صحيح، مضافا إلي أن مقتضي التعليل الوارد في رواية عبد الرحمن بن أعين عن أبي عبد الله : «لا يتوارث أهل ملتين، نحن نرثهم ولا يرثونا، إن الله عز وجل لم يزدنا بالإسلام إلا عزا» هو عدم الفرق بين الزوجة وغيرها، لأن التعليل آب عن التخصيص وأما الرواية الرابعة فيرد عليها أمران: الأول: أن ظاهر الرواية هو عدم إيمان أبي طالب، وهذا مما اتفق أئمة أهل البيت علي خلافه الثاني: أن إخراج الزوجة والزوج خلاف مقتضي التعليل الوارد في نفس هذه الرواية أضف إلي ذلک إعراض المشهور عن هذه الروايات الأربع ومخالفتها لصحيح أبي ولاد (الرواية الأولي) علي نحو التباين فخرجنا بالنتيجة التالية: أن الرأي السائد عند أتباع أئمة أهل البيت هو إرث المسلم الکافر، من دون فرق في المسلم بين کونه زوجا أو زوجة وأما هذه الروايات الأربع، فهي بين ضعيفة کمرسلة الصدوق و رواية عبد الملک بن عمير، أو مخالفة للتعليل الآبي عن التخصيص، کالرواية الثالثة، أو مخدوش في المضمون لاشتماله علي کفر أبي طالب، مضافا إلي أن إخراج الزوج والزوجة خلاف التعليل الوارد فيها وخلاف صحيحة أبي ولاد إلي هنا تمت دراسة الروايات المروية عن أئمة أهل البيت "
وبعد أن أورد السبحانى روايات الشيعة وكلها ليست فيها واحدة عن النبى(ص)ذكر رواية السنة فى المسألة فقال:
" الرابع: الآثار المروية في السنن :
ثم إن هناک آثارا مروية عن الصحابة تؤيد موقف الإمامية في المسألة، وإليک بعض ما وقفنا عليه: 1
أخرج أبو داود عن عبد الله بن بريدة، ان أخوين اختصما إلي يحيي بن يعمر، يهودي ومسلم فورث المسلم منهما، وقال: حدثني أبو الأسود ان رجلا حدثه، ان معاذا حدثه، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: الإسلام يزيد ولا ينقص، فورث المسلم"
2أخرج أبو داود عن عبد الله بن بريدة، عن يحيي بن يعمر، عن أبي الأسود الدؤلي ان معاذا أتي بميراث يهودي وارثه مسلم، بمعناه عن النبي (ص)
3أخرج الدارمي عن مسروق قال: کان معاوية يورث المسلم من الکافر ولا يورث الکافر من المسلم، قال: قال مسروق: وما حدث في الإسلام قضاء أحب إلي منه، قيل لأبي محمد تقول بهذا، قال: لا
قال السيد المرتضي بعد نقل قضاء معاذ: ونظائر هذا الخبر موجودة کثيرة في رواياتهم وعلي کل تقدير ففي الکتاب مع ما تضافر من الروايات عن أئمة أهل البيت وفي هذه الآثار کفاية لمن رام الحق، ولکن لا يتم الإفتاء إلا بدراسة دليل المخالف فانتظر"
ذكر هنا روايات عن السنة ليس فيها واحدة عن النبى(ص)والغريب ان عند السنة وقد تكون عند الشيعة أن عقيل الكافر عند الورث ورث أبو طالب ولم يرثه على ولا جعفر المسلمين ولا أدرى كيف فات هذا ألأمر على السبحانى والشيعة
ثم حدثنا السبحانى فقال :
" الخامس: حرمان المسلم خلاف الامتنان إن من درس موارد الحرمان في الإرث يقف علي أنه إما للإرغام، أو لضعة الوارث والأول کما في القاتل فلا يرث المقتول، وذلک لأنه حاول بقتله أن يرثه معجلا، فانعکس الأمر وصار محروما بتاتا و الثاني کما في الرق حيث لا يرث الحر لضعة مرتبته ودرجته فعلي ضوء ما ذکرنا يجب أن يرث الکافر المسلم دون العکس، وإلا يلزم أن يکون حرمان المسلم إرث الکافر إرغاما له، وهو کما تري وإن شئت قلت: إن التشريع الإسلامي قائم علي الترغيب والترهيب، ففي الموضع الذي يکون المورث کافرا والوارث علي وشک اعتناق الإسلام، فلو قيل له أنت لو أسلمت يکون جزاء إسلامک هو حرمانک من عطايا والدک وأمک التي يترکها لک، فهو يرجع إلي الوراء ويتعجب من هذا التشريع الذي يرهب مکان الترغيب، ويبعد بدل التقريب إلي الإسلام ويعده علي طرف النقيض من الترغيب إلي هنا تم ما دل علي إرث المسلم الکافر فحان حين البحث في أدلة نفاة الإرث وهي علي قسمين: 1الأحاديث الواردة في الموضوع2الآثار المنقولة عن الصحابة فإليک دراسة کل واحد علي حدة"
وما قاله السبحانى عن منع ورث العبيد من الأحرار نوع أخر من الظلم فى الميراث ثم حدثنا عن الروايات التى تمنع توارث المسلمين والكفرة من بعضهم عند أهل السنة فقال:
"أدلة القائلين بعدم التوريث:
استدل القائلون بعدم توريث المسلم من الکافر بأحاديث وآثار، نشير إلي الجميع1حديث عمرو بن شعيب أخرج أبوداود بسنده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (ص): «لا يتوارث أهل ملتين شتي» وأخرج الدارقطني بسنده عن عمرو بن شعيب، قال: أخبرني أبي، عن جدي عبد الله بن عمرو، ان رسول الله (ص) قام
1 - سنن أبي داود3/ 126، برقم2911(30) يوم فتح مکة، قال: «لا يتوارث أهل ملتين» وأخرجه البيهقي بنفس السند، قال: لا يتوارث أهل ملتين شتيوفي لفظ آخر: ولا يتوارثون أهل ملتين ورواه أيضا ابن ماجة في سننه ونقله الدارمي عن عمر مرسلا عن النبي، وعن أبي بکر و عمر موقوفا أن رسول الله و أبا بکر وعمر قالوا: لا يتوارث أهل دينين ونقل عن عمر قال: لا يتوارث أهل ملتين ولکن الاستدلال غير تام دلالة وسندا أما الدلالة فقد أشير إليه في غير واحد من روايات أئمة أهل البيت وحاصله: ان الحديث بصدد نفي التوارث لا الإرث من کل جانب ويصدق نفي التوارث بعدم توريث الکافر من المسلم دون العکس، فلو قيل: ما تضارب زيد وعمرو، کفي في صدقه عدم الضرب من جانب واحد، فيقال: لم يکن هنا تضارب بل ضرب من جانب واحد، فالنبي(ص) بصدد نفي التوارث وهو لا ينافي الإرث من جانب واحد، وهذه الروايات وإن مرت الإشارة إليها لکن نأت بواحد منها أخرج الکليني عن جميل وهشام، عن أبي عبد الله انه قال: فيما روي الناس عن النبي (ص) انه قال: لا يتوارث أهل ملتين، قال: «نرثهم ولا يرثونا، ان الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة» هذا کله حول دلالة الرواية، وأما السند فقد تفرد بروايته عمرو بن شعيب و أبوه وجده عن رسول الله (ص)، أفيمکن ترک الکتاب بالخبر الذي تفرد به هؤلاء؟! علي أن عمرو بن شعيب مطعون به، فقد ترجم له ابن حجر في «التهذيب» ترجمة ضافية علي نحو يسلب سکون النفس إلي روايته، حيث قال: قال علي بن المديني عن يحيي بن سعيد: حديثه عندنا واه وقال علي عن ابن عيينة: حديثه عند الناس فيه شيء وقال أبو عمرو بن العلا: کان يعاب علي قتادة وعمرو بن شعيب انهما کانا لا يسمعان شيئا إلا حدثا به وقال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: له أشياء مناکير، وإنما يکتب حديثه يعتبر به فأما أن يکون حجة فلا إلي أن قال: و قال إسحاق بن منصور عن يحيي بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فهو کتاب، ومن هنا جاء ضعفه فمن قرأ ترجمته المفصلة في هذا الکتاب وأقوال العلماء المتضاربة في حقه، يقف علي أنه لا يمکن تقييد الکتاب وتخصيصه بروايته
1 - تهذيب التهذيب:8/ 48برقم80(33) 2حديث أسامة أخرج البخاري عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد ان النبي (ص) قال: لا يرث المسلم الکافر، ولا الکافر المسلم أخرج مالک عن عمرو بن عثمان بن عفان، عن أسامة بن زيد، ان رسول الله (ص) قال: لا يرث المسلم الکافر أخرج مسلم بنفس هذا السند ان النبي (ص) قال: لا يرث المسلم الکافر ولا يرث الکافر المسلم وأخرجه البيهقي في سننه ، إلي غير ذلک من المصادر يلاحظ علي الاستدلال: أولا: أنه خبر واحد تفرد بنقله أسامة بن زيد کما تفرد بنقله من نقل عنه، وطبيعة المسألة تقتضي أن يقوم بنقلها غير واحد من الصحابة والتابعين لا سيما في العهد النبوي ومن بعده حيث إن شرائح کبيرة من المجتمع کانت تبتلي بتلک الظاهرة، فتفرد أسامة بسماع الحکم دون غيره يورث الشک بالرواية وثانيا: أن ابن شهاب في سند البخاري ينقل عن علي بن الحسين، وهو عن عمرو بن عثمان، عن أسامة ان رسول الله (ص) قال: «لا يرث المسلم الکافر ولا الکافر المسلم» ، مع أن أئمة أهل البيت م ومنهم علي بن الحسين کانوا يروون و يفتون علي خلاف ذلک، فقد اشتهر أن آل محمد متفردون بهذا الرأي وثالثا: أن الدارمي نقل الحديث عن علي بن الحسين، عن أسامة بحذف عمرو بن عثمان من السند وقد نقل المرتضي في «الانتصار» أن الزهري نقله عن عمرو بن عثمان ولم يذکر علي بن الحسين، فالاختلاف في السند يوجب الطعن في الرواية ورابعا: أن أحمد بن حنبل ينقل عن مالک، عن الزهري، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد عن النبي (ص): «لا يرث المسلم الکافر» الظاهر في عدم سماعه من النبي (ص)، مباشرة خلافا لما رواه البخاري الظاهر في ذلک وهذا أيضا اختلاف واضطراب في الرواية، يحط من الاعتماد عليها
3حديث عامر الشعبي عن عامر الشعبي ان رسول الله (ص) وأبا بکر وعمر قالوا: لا يتوارث أهل دينين ولکن الرواية مرسلة، لأن الشعبي ولد بالکوفة سنة 19ه و قيل: سنة 21ه، ورأي الإمام عليا و صلي خلفه، فکيف ينقل عن النبي (ص)؟! والمعروف أن الشعبي کان من الموالين لبني أمية أعداء أهل البيت فکيف يمکن الاعتماد علي روايته؟! 4الاستدلال بالآثار المروية عن الصحابة وقد استدل بالروايات الموقوفة علي الصحابة من دون أن تسند إلي النبي (ص) وهي کثيرة: 1أخرج الدارمي عن عامر الشعبي، عن عمر قال: لا يتوارث أهل ملتين 2عن عامر ان المغيرة بنت الحارث توفيت باليمن وهي يهودية، فرکب الأشعث بن قيس وکانت عمته إلي عمر في ميراثها، فقال عمر: ليس ذلک لک، يرثها أقرب الناس منها من أهل دينها، لا يتوارث ملتان 3عن ابن سيرين، قال عمر بن الخطاب: لا يتوارث ملتان شتي ولا يحجب من لا يرث يلاحظ علي الاستدلال بهذه الآثار: أنها موقوفات لم تسند إلي النبي (ص) فهي حجة علي أصحابها علي أن قوله: «لا يتوارث أهل ملتين» أو قوله: «لا يتوارث ملتان شتي» لا يصلح دليلا علي عدم توريث المسلم من الکافر، لما عرفت من أنه يهدف إلي نفي التوارث، و يکفي في صدقه عدم توريث الکافر من المسلم نعم فهم الخليفة وأضرابه، نفي الإرث من کل جانب، ففهمهم حجة علي أنفسهم دون غيرهم ولذلک يمکن أن يقال: ان الحرمان من کلا الطرفين کان سنة للخليفة لمصلحة رآها، وليس ذلک ببعيد، فإن له نظيرا غير هذا المورد أخرج مالک في موطئه عن الثقة عنده انه سمع سعيد بن المسيب يقول: أبي عمر بن الخطاب أن يورث أحدا من الأعاجم، إلا أحدا ولد في العرب قال مالک: وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو ووضعته في أرض العرب، فهو ولدها يرثها إن ماتت و ترثه إن مات وبذلک يعلم أن ما نسب إلي سعيد بن المسيب انه قال: مضت السنة أن لا يرث المسلم الکافر فلعل مراده من السنة هو سنة الخلفاء لا سنة الرسول، وإلا لنسبها إليه (ص)وأما ما رواه البيهقي في سننه عن مالک، عن يحيي بن سعيد، عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب قال: لا نرث أهل الملل ولا يرثونا فهو مخدوش، لأن المعروف ان سعيد بن المسيب ممن يقول بالإرث، وقد نقله عنه غير واحد من الفقهاء وفي الحاوي: وحکي عن معاذ بن جبل ومعاوية ان المسلم يرث الکافر ولا يرث الکافر المسلم، وبه قال محمد بن الحنفية وسعيد بن المسيب ومسروق والنخعي والشعبي وإسحاق بن راهويه ونقله أيضا النووي في شرح صحيح مسلم "
وعاب السبحانى على تلك الروايات وجود عيوب فى سندها والغريب أنه عاب على بقيتها أنه لا يوجد فيها رواية عن النبى(ص) وهو عيب لم يقل مثله فى روايات الشيعة التى ليس فيها رواية واحدة عن النبى(ص) ولا حتى عن على كصحابى
وقد بين السبحانى نتيجة بحثه فقال :
إلي هنا تمت دراسة أدلة المانعين، وهي علي أقسام: 1غير تامة دلالة، أعني: ما يرکز علي نفي التوارث بين المسألتين الذي يصدق بنفي الإرث من جانب الکافر فقط2
تامة سندا ودلالة، مثلما أخرجه البخاري، لکنه خبر واحد لا يقاوم الکتاب
3غير تامة سندا کرواية عمرو بن شعيب، وقد عرفت ضعفها4
آثار موقوفة ليست حجة إلا علي أصحابه ابقي للمانعين دليل آخر وحاصله: ان الإرث من آثار الولاية، ولا ولاية بين الکافر والمسلم
انقطاع الولاية بين الکافر والمسلم استدل القائل بنفي التوريث مطلقا بوجه آخر، وهو انه سبحانه قال: (والذين کفروا بعضهم أولياء بعض) فإن الآية بصدد بيان نفي الولاية من الکفار والمسلمين، فإن کان المراد به الإرث فهو إشارة إلي أنه لا يرث المسلم الکافر، وإن کان المراد به مطلق الولاية ففي الإرث الولاية لأحدهما علي الآخر وقال ابن حجر: إن التوارث يتعلق بالولاية، ولا ولاية بين المسلم والکافر، لقوله تعالي: (لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بعضهم أولياء بعض) يلاحظ عليه بأمرين: أولا: بأن الإرث من آثار الولاية في العتق وضمان الجريرة، فميراث المعتق للمعتق لأجل الولاء، وهکذا الأمر في ضمان الجريرة وأما الوراثة في غير هذين الموردين فلم يعلم أنه من آثار الولاية، بل من آثار النسب والسبب والذي يدل علي ذلک ان التوارث أمر عقلائي لا يختص بأصحاب الشرائع، بل يعم قاطبة البشر، والملاک عند الجميع هو العلقة التکوينية بين أصحاب النسب أو الاعتبارية في السبب ووجود الولاية بين الوالد والولد أو غيرهما وإن کان أمرا ثابتا مع العلقة التکوينية، لکن ليس کل مقرون بها يکون موضوعا للوراثة والذي يوضح ذلک ان الفقهاء يذکرون عند بيان أسباب الإرث، السبب والنسب مقابل الولاء أسباب ميراث الوري ثلاثة * کل يفيد ربه الوراثة وهي نکاح وولاء ونسب * ما بعدهن من مواريث سبب وثانيا: أن کون الولاية هي السبب للميراث يخالف ما عليه الحنفية و من تبعهم من أن المسلم، يرث المرتد مع انقطاع الولاية بين المسلم والمرتد قال النووي في شرح المهذب: قال أبو حنيفة والثوري: ما اکتسبه قبل الردة ورث عنه، وما اکتسب بعد الردة يکون فيها وقال النووي في شرح صحيح مسلم: أما المسلم فلا يرث المرتد عند الشافعي ومالک وربيعة وابن أبي ليلي وغيرهم، بل يکون ماله فيئا للمسلمين وقال أبو حنيفة والکوفيون والأوزاعي وإسحاق: يرثه ورثته من المسلمين، وروي ذلک عن علي و ابن مسعود وجماعة من السلف وقال في الشرح الکبير عن أحمد ما يدل علي أن ميراث المرتد لورثته من المسلمين، يروي ذلک عن أبي بکر الصديق و علي وابن مسعود (رض)، وبه قال سعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء والشعبي والحکم والأوزاعي والثوري وابن شبرمة وأهل العراق وإسحاق ومن غريب القول: إن المسلم لا يرث الکافر ولکن الکافر يرث عتيقه المسلم، وهو منقول عن أحمد کما في الموسوعة الفقهية ونکتفي بهذا المقدار من البحث، ولعل فيه غني وکفاية لمن ألقي السمع وهو شهيد، وأما الکلام في الفروع الأخري، أعني: 1حجب المسلم الکافر2إذا أسلم الکافر قبل القسمة وبعدها3اشتراط عدم حجب المسلم الکافر في عقد الذمة فنحيل الکلام فيها إلي مجال آخر، فإن هذه الفروع اختلفت فيها کلمة الفريقين بخلاف الفرع الأول، فجماهير أهل السنة علي المنع والإمامية علي الجواز، وقد دام هذا الخلاف إلي يومنا هذا، ولعل الله يحدث بعد ذلک أمرا"
مما سبق نجد أن كل أراء فقهاء الشيعة والسنة اتفقت فى مسألة واحد واختلفوا فيما بينهم كل فريق فى المسألة الثانية حيث انقسم الشيعة لفرق فى المسألة الثانية وكذلك السنة وكما قلت فى أول الكتاب الفريقان تركوا العمل بكتاب الله فى المسألتين إلى العمل بروايات كلها حسب ما ذكر السبحانى لا يوجد فيها سوى رواية واحدة عن النبى(ص) عند السنة وهى معلولة بعمرو بن شعيب بينما روايات الفريقين ليس فيها رواية عن النبى (ص)
الكتاب تأليف جعفر السبحاني وهو يدور حول مسألة من المسائل التى اتفق فيها الشيعة والسنة وهى وراثة المسلم للكافر وليس العكس والغريب أن الفريقين اتفقا فى المسألة على مخالفة كتاب الله وهو ما سنبدأ به النقد وهو :
فرق الله بين المعاهدين أى الذين واثقهم أى عاهدهم المسلمون والحربيين فى الميراث كالتالى :
المعاهد يرث دية قريبه القتيل وفى هذا قال تعالى :
"وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله"
المحارب وهو العدو المعتدى لا يرث شىء من دية قريبه المسلم كما قال تعالى :
" فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة"
وهذه نصوص قطعية بالإضافة إلى أن نصوص الميراث لم تحدد دين الورثة وإنما قالت مثلا:
" يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"
فلم تحدد دين الورثة إسلام أو دين من أديان الكفر
وحتى قوله تعالى :
"وأولوا الأرحام بعضهم أولياء بعض فى كتاب الله"
فأولو الأرحام ليسوا كلهم مسلمين خاصة فى ذلك العصر حيث كان بعض الأقارب مسلمين وبعضهم كفار
والآية دية القتل الخطأ هى:
"وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله"
استهل السبحانى الكتابة بالقول أن الهدف من الكتاب هو التقريب بين السنة والشيعة فقال:
"بما أن الحقيقة بنت البحث فقد حاولنا في هذه الدراسات المتسلسلة أن نطرحها علي طاولة البحث، عسي أن تکون وسيلة لتوحيد الکلمة وتقريب الخطي في هذا الحقل، فالخلاف فيها ليس خلافا في جوهر الدين وأصوله حتي يستوجب العداء والبغضاء، وإنما هو خلاف فيما روي عنه (ص)، وهو أمر يسير في مقابل المسائل الکثيرة المتفق عليها بين المذاهب الإسلامية"
بعد ذلك حدثنا عما سماه موانع وموجبات الورث فى الفقه فقال:
"المسلم يرث الکافر دون العکس:
إن للإرث في الفقه الإسلامي موجبات و موانع أما الموجبات له فسببان: النسب والسبب وقد قيل: الإرث في الشرع بأمرين وجب بالنسب الثابت شرعا وسبب وأما الموانع فهي: الکفر، والقتل، والرق، فنهمل الکلام في المانعين الأخيرين، ونرکز علي المانع الأول ضمن مسألتين: الأولي: توريث الکافر من المسلم لا يرث الکافر المسلم مطلقا، إجماعا محققا بين المسلمين، مع تضافر الروايات عليه قال المفيد في «المقنعة»: ولا يرث کافر مسلما علي حال وقال الطوسي في «المبسوط»: والکافر لا يرث المسلم بلا خلاف وقال ابن قدامة: أجمع أهل العلم علي أن الکافر لا يرث المسلم وبما ان هذه المسألة مما لم يختلف فيها اثنان، وهي مورد اتفاق بين الفريقين"
كما قلت اجتمع الفريقان على مخالفة كتاب الله وهو إجماع كفر إن أصر عليه القوم عندما يردون نصوص قطعية فى كتاب الله
ثم كلمنا السبحانى عن توريث المسلم من الكافر فقال:
"نکتفي بهذا المقدار ونرکز البحث علي المسألة الثانية الثانية: توريث المسلم من الکافر :
هذه المسألة اختلفت فيها کلمات الفقهاء، فالإمامية ولفيف من غيرهم علي أنه يرث الکافر، ولکن الأکثرية من غيرهم علي المنع وتحقيق الکلام في هذه المسألة التي أصبحت مثار بحث وجدل واسع بين المذهبين، يتم ببيان أمور:
استعراض کلمات الفقهاء :
-قال الشيخ الطوسي: ذهبت الإمامية قاطبة تبعا لأئمة أهل البيت ومعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان من الصحابة، ومسروق وسعيد و عبد الله بن معقل و محمد بن الحنفية وإسحاق بن راهويه من التابعين إلي أن المسلم يرث الکافر
-وقال جمهور الصحابة والفقهاء علي أنه لا يرث المسلم الکافر وقال ابن قدامة: قال جمهور الصحابة والفقهاء: لا يرث المسلم الکافر يروي هذا عن أبي بکر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله، وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري و عطاء و طاووس والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالک والشافعي وعامة الفقهاء، وعليه العمل وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية، أنهم ورثوا المسلم من الکافر ولم يورثوا الکافر من المسلم وحکي ذلک عن محمد بن الحنفية، وعلي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، و مسروق، وعبد الله بن معقل، والشعبي، والنخعي، ويحيي بن يعمر، وإسحاق; وليس بموثوق به عنهم، فإن أحمد قال: ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الکافر وجدير بالذکر انهم ينسبون عدم الإرث إلي علي وعلي بن الحسين المعروف بزين العابدين مع أن روايات أئمة أهل البيت متضافرة علي خلافه کما سيوافيک"
قطعا وراثة المسلم لقريبه الكافر داخل دولة المسلمين واجب لكون المال فى دولة المسلمين وكما يرث الكافر المسلم يرث المسلم الكافروأما فى دولة العهد فهذا نص يوضع فى المعاهدة فإن يرض به المعاهدون عوقبوا بألا يرث المعاهدون أقاربهم المسلمون فى دولة المسلمين كما قال تعالى فى رد مهر المسلمة التى كانت كافرة وهاجرت لدولة المسلمين ورد مهر الكافرة التى كانت مسلمة وهربت لدولة المعاهدين :
""يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وأتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا أتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر وسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم"
فرد المهر من هنا يستوجب رد المهر من هناك وكذلك الورث فإن ورثوا من هنا يرثون من هناك وإن يرث المسلمون من الكفار كان العقاب عدم توريثهم من المسلمين كنوع من العقاب المتبادل كما قال تعالى :
"وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فأتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا"
ثم حدثنا السبحانى عن وجوب العمل بكتاب الله الذى لا يعمل به الفريقان فى المسألة ألأولى فقال:
"الکتاب حجة قطعية:
الکتاب حجة قطعية لا يعدل عنه إلا بدليل قطعي إن الکتاب حجة قطعية سندا ودلالة في غير المجملات والمبهمات والمتشابهات ولا ترفع اليد عن مثله إلا بدليل قطعي آخر، فإن کون الکتاب حجة ليس ککون خبر الواحد حجة، بل هو من الحجج القطعية الذي لا يعادله شيء إلا نفس کلام المعصوم، لا الحاکي عنه الذي يحتمل أن يکون کلام المعصوم أو موضوعا علي لسانه، و قد سماه النبي (ص) في حديث الثقلين بالثقل الأکبر، ومعه کيف يمکن رفع اليد عن ظواهر القرآن بخبر الواحد وإن کان ثقة؟! ولذلک قلنا في الأصول: إن رفع اليد عن إطلاق الکتاب وعمومه بمجرد ورود خبر ثقة مشکل جدا، إلا إذا احتف الخبر بقرينة توجب اطمئنان الإنسان بصدوره من المعصوم يجعله بمثابة تسکن النفس إليه، ولأجل ذلک لم تجوز طائفة من الأصوليين تخصيص القرآن بخبر الواحد قال الشيخ الطوسي بعد نقل الآراء في تخصيص الکتاب وتقييده بخبر الواحد : والذي أذهب إليه انه لا يجوز تخصيص الکتاب بها بأخبار الآحاد علي کل حال، سواء خص أم لم يخص، بدليل متصل أو منفصل، والذي يدل علي ذلک أن عموم القرآن يوجب العلم، وخبر الواحد يوجب غلبة الظن، ولا يجوز أن يترک العلم بالظن علي حال، فوجب بذلک أن لا يخص العموم به وأيده المحقق الحلي فقال: لا نسلم أن خبر الواحد دليل علي الإطلاق، لأن الدلالة علي العمل به، هي الإجماع علي استعماله فيما لا يوجد عليه دلالة فإذا وجدت الدلالة القطعية سقط وجوب العمل وحاصل کلامهما وجود الشک في سعة دليل حجية خبر الواحد، وانه هل يعم ما إذا کان في المورد دليل قطعي مثل الکتاب؟! إن کثيرا من الأصوليين وإن کانوا يتعاملون مع الکتاب العزيز معاملة سائر الحجج، أعني: السنة الحاکية، لکن الکتاب أعظم شأنا من أن يکون عدلا لأمثالها بل هو حجة قطعية، فعموم القرآن واطلاقاته حجة علي المجتهد إلا إذا وقف علي حجة أخري تسکن النفس إليها ويطمئن بها المجتهد، فعند ذلک يقيد عموم القرآن واطلاقاته به إذا عرفت ذلک فلندخل في صلب الموضوع ونقدم أدلة القائلين بالإرث علي أدلة نفاته"
وبعد هذه المقدمة فى وجوب العمل بكتاب الله بين ما سماه بأدلة القائلين بإرث المسلم من الکافر فقال:
أدلة القائلين بإرث المسلم من الکافر:
استدل القائلون بأن المسلم يرث الکافر مطلقا، کتابيا کان أو وثنيا بوجوه:
-اطلاقات الکتاب العزيز إن مقتضي اطلاقات الکتاب وعموماته، هو التوارث في الحالتين، من دون فرق بين إرث الکافر، المسلم وبالعکس، قال سبحانه: (يوصيکم الله في أولادکم للذکر مثل حظ الأنثيين فإن کن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترک وإن کانت واحدة فلها النصف) و قال سبحانه: (ولکم نصف ما ترک أزواجکم إن لم يکن لهن ولد فإن کان لهن ولد فلکم الربع مما ترکن من بعد وصية يوصين بها أو دين ..) وقال سبحانه: (يستفتونک قل الله يفتيکم في الکلالة إن امرؤا هلک ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترک ..) غير أن الدليل القطعي وهو اتفاق المسلمين قام علي إخراج إرث الکافر من المسلم من تحت هذه الاطلاقات والعمومات وأما إرث المسلم من الکافر فخروجه رهن دليل قطعي تسکن إليه النفس حتي يعد عديلا للقرآن في الحجية ويخص الکتاب أو يقيد بهذا الدليل، فلابد من دراسة الروايات التي استدل بها علي عدم توريث المسلم من الکافر، وانه هل هي بهذه المثابة أو لا؟ "
نلاحظ هنا الظلم البين فى الحكم فالكتاب يدل على وراثة كلا الطرفين للأخر ومع هذا يتركون اللفظ الواضح للعمل بالروايات أو بالرأى ممثلا فى إجماع ضال على عدم وراثة الكافر للمسلم فإذا كانوا لا يفقهون معنى الظلم فما هو الظلم غير ما قالوا ؟ ثم حدثنا عن رأى الشيعة فى الورث فقال:
"إجماع الإمامية علي الإرث :
اتفقت الإمامية علي أن المسلم يرث الکافر مطلقا، و لم يختلف فيه اثنان منهم، وقد مرت الإشارة إلي إجماع الطائفة في کلام الشيخ الطوسي، ولنذکر غيرها، حتي يتضح اتفاقهم في المسألة:
1-قال المفيد ويرث أهل الإسلام بالنسب والسبب أهل الکفر والإسلام، ولا يرث کافر مسلما علي کل حال فإن ترک اليهودي، أو النصراني، أو المجوسي، ابنا مسلما وابنا علي ملته، فميراثه عند آل محمد لابنه المسلم دون الکافر; ولو ترک أخا مسلما وابنا کافرا، حجب الأخ المسلم الابن في الميراث وکان أحق به من الابن الکافر، وجري الابن الکافر مجري الميت في حياة أبيه، أو القاتل الممنوع بجنايته من الميراث
2-وقال السيد المرتضي في «الانتصار»: و مما انفردت به الإمامية عن أقوال باقي الفقهاء في هذه الأزمان القريبة وإن کان لها موافق في متقدم الزمان: القول بأن المسلم يرث الکافر وإن لم يرث الکافر، المسلم وقد روي الفقهاء في کتبهم موافقة الإمامية علي هذا المذهب عن سيدنا علي بن الحسين ومحمد بن الحنفية وعن مسروق وعبد الله بن معقل المزني وسعيد بن المسيب ويحيي بن يعمر ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان
3-وقال الطوسي: والکافر لا يرث المسلم بلا خلاف، والمسلم يرث الکافر عندنا، حربيا کان أو ذميا، أو کافر أصل، أو مرتدا عن الإسلام 4وقال ابن زهرة: إن الکافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فانه يرث الکافر عندنا وإن بعد نسبه ويدل علي ذلک الإجماع الماضي ذکره، وظاهر آيات الميراث، لأنه إنما يخرج من ظاهرها ما أخرجه دليل قاطع
5-وقال ابن إدريس: قد بينا فيما مضي ان الکافر لا يرث المسلم، فأما المسلم فانه يرث الکافر عندنا وإن بعد نسبه ويحجب من قرب عن الميراث بلا خلاف بيننا
6-وقال الکيدري المسلم يرث الکافر، وإن بعد نسبه، أما بالعکس فلا، کما مضي
7-وقال المحقق الحلي: ويرث المسلم الکافر، أصليا ومرتدا، ولو مات کافر وله ورثة کفار، ووارث مسلم، کان ميراثه للمسلم
8- قال الشهيد الثاني معلقا علي کلام المحقق «ويرث المسلم الکافر» : هذا موضع وفاق بين الأصحاب إلي غير ذلک من الکلمات التي يجدها الباحث في مظانها، ولا حاجة إلي نقلها تفصيلا وهذا النوع من الإجماع الموسوم بالإجماع المحصل حجة بنفسه حسب أصول المخالفين، وکاشف عن رأي المعصوم علي أصولنا، وهو حجة قطعية لا يعدل عنها إلي غيرها الروايات المتضافرة عن أئمة أهل البيت قد تضافرت الروايات علي أن المسلم يرث الکافر ولا عکس، وقد جمعها الشيخ الحر العاملي في کتاب الفرائض الباب الأول من أبواب موانع الإرث، وهي تناهز عشر روايات، وإليک استعراضها:
1أخرج الصدوق بسند صحيح عن أبي ولاد، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: «المسلم يرث امرأته الذمية، وهي لا ترثه» ومورد الرواية هو إرث المسلم زوجته، ولکن المورد غير مخصص خصوصا بقرينة ما يأتي من المطلقات والعمومات
2-أخرج الصدوق عن الحسن بن صالح، عن أبي عبد الله قال: «المسلم يحجب الکافر ويرثه، والکافر لا يحجب المسلم ولا يرثه» وعلي ذلک فلو کان للکافر ابن کافر، وأخ مسلم يحجب الأخ إرث الابن الکافر; والکلام في المقام في إرث المسلم، الکافر، و کونه وراء ذلک حاجبا عن إرث الکافر مسألة ثانية، ولا ملازمة عقلا بين المسألتين، إذ يمکن الفصل بين المسألتين عقلا، بأن يکون وارثا، لا حاجبا نعم دلت الروايات علي کونه حاجبا أيضا، فيحجب إرث الکافر من الکافر، سواء کان الحاجب متحدا مع الممنوع في الطبقة أو متأخرا عنه، فالولد المسلم يحجب الولد الکافر، کما أن الأخ المسلم يحجب إرث الولد الکافر
3- أخرج الشيخ بسند معتبر عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله قال: «لا يرث الکافر المسلم، وللمسلم أن يرث الکافر، إلا أن يکون المسلم قد أوصي للکافر بشيء»
4أخرج الشيخ عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر في النصراني يموت و له ابن مسلم، أيرثه؟ قال: «نعم، إن الله عز وجل لم يزدنا بالإسلام إلا عزا، فنحن نرثهم وهم لا يرثوننا»
5- ما أخرجه الصدوق بسند موثق عن سماعة، عن أبي عبد الله قال: سألته عن المسلم هل يرث المشرک؟ قال : «نعم، فأما المشرک فلا يرث المسلم»
6-أخرج الفقيه بسند معتبر عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر ، قال: سمعته، يقول: «لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين، ويرث المسلمون اليهود والنصاري»
7أخرج الشيخ في «التهذيب» عن أبي العباس (البقباق) قال: سمعت أبا عبد الله يقول: «لا يتوارث أهل ملتين (يرث هذا هذا، ويرث هذا هذا) إلا أن المسلم يرث الکافر والکافر لا يرث المسلم»
8- أخرج الکليني بسند صحيح عن جميل وهشام، عن أبي عبد الله انه قال: فيما روي الناس عن النبي (ص) أنه قال: «لا يتوارث أهل ملتين، قال: نرثهم ولا يرثونا، إن الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة»وفي رواية الشيخ الطوسي: «إن الإسلام لم يزده إلا عزا في حقه» ثم إن الرواية السابعة والثامنة تفسران ما رواه الجمهور عن النبي (ص) من أنه لا يتوارث أهل ملتين کما سيوافيک بيانه، وحاصل التفسير: إن نفي التوارث کما يحصل بعدم إرث کل الآخر، يتحقق أيضا بعدم إرث الکافر المسلم دون المسلم، الکافروبذلک أيضا يفسر بعض الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت بنفس اللفظ النبوي أو قريب منه، نظير الروايات التالية:
9-أخرج الشيخ بسند معتبر عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله قال: سألته يتوارث أهل ملتين؟ قال: «لا»
10ونظيره ما رواه علي بن جعفر ، عن أخيه موسي بن جعفر ، قال: سألته عن نصراني يموت ابنه وهو مسلم، فهل يرث، فقال: «لا يرث أهل ملة»وفي المصدر: لا يرث أهل ملة ملة وهو محمول علي عدم التوارث من الطرفين فلا ينافي إرث المسلم الکافر إلي هنا تمت دراسة ما دل علي إرث المسلم الکافر، وهي متضافرة تفيد الاطمئنان بالصدور الروايات المعارضة ثم إن هناک روايات ربما يتراءي التعارض بينها وبين ما سبق، لا تعارضا مطلقا، بل تعارضا نسبيا، وهي القول بإرث المسلم الکافر إلا في مورد الزوج والزوجة أو خصوص الزوجة ومقتضي صناعة الفقه تخصيص المطلقات السابقة بهذه الروايات المتعارضة، إلا أنها فاقدة للحجية فيطرح تخصيصها بها"
بعد أن ذكر السبحانى الرواية التى تحرم توارث الفريقين من بعض قام فى الصفحات التالية بإيراد روايات تدل على توارث الفريقين وكأن التعارض أمر عادى لا يجعل الدين مختلا بل ويجعل الناس يهربون منه لتناقضه وعدم عدالته بين الناس فقال:
"وإليک ما يعارضها بظاهره:
1ما رواه الصدوق مرسلا، قال: قال أبو عبد الله في الرجل النصراني تکون عنده المرأة النصرانية فتسلم أو يسلم ثم يموت أحدهما؟ قال: «ليس بينهما ميراث»
2رواية عبد الملک بن عمير القبطي، عن أمير المؤمنين أنه قال للنصراني الذي أسلمت زوجته: «بضعها في يدک، ولا ميراث بينکما» 3رواية عبد الرحمن البصري، قال: قال أبو عبد الله : «قضي أمير المؤمنين في نصراني، اختارت زوجته الإسلام ودار الهجرة: أنها في دار الإسلام لا تخرج منها، و أن بضعها في يد زوجها النصراني، وأنها لا ترثه ولا يرثها»
4رواية عبد الرحمن بن أعين قال: قال أبو جعفر : «لا نزداد بالاسلام إلا عزا، فنحن نرثهم ولا يرثونا، هذا ميراث أبي طالب في أيدينا، فلا نراه إلا في الولد والوالد، ولا نراه في الزوج والمرأة» "
الروايات الثلاثة لا تفيد ما ذهب إليه السبحانى من توارث الفريقين وإنما هى كالروايات الأولى تفيد عدم التوارث والرابعة هى الوحيدة التى تفيد وراثة المسلم للكافر دون العكس وقد انتقد السبحانى تلك الروايات الشيعية بوجود عيوب فى أسانيدها فقال:
" وهذه الروايات لا يعتمد عليها في مقابل ما تضافر أما الأولي فهي مرسلة الصدوق في «المقنع» وليست مسندة إلي المعصوم وأما الثانية فهي مضافا إلي کونها مرسلة لما في سندها من قوله: عن أمي الصيرفي أو بينه و بينه رجل، عن عبد الملک بن عمير القبطي فإن عبد الملک لم يوثق وأما الثالثة فسندها وإن کان موثقا ومقتضي الجمع الصناعي هو تخصيص ما دل علي إرث المسلم الکافر بهذه الرواية و تکون النتيجة: إرث المسلم الکافر، إلا الزوجة المسلمة فإنها لا ترث الزوج الکافر ولکن العمل بهذه الرواية في مقابل ما تضافر وتواتر عنهم غير صحيح، مضافا إلي أن مقتضي التعليل الوارد في رواية عبد الرحمن بن أعين عن أبي عبد الله : «لا يتوارث أهل ملتين، نحن نرثهم ولا يرثونا، إن الله عز وجل لم يزدنا بالإسلام إلا عزا» هو عدم الفرق بين الزوجة وغيرها، لأن التعليل آب عن التخصيص وأما الرواية الرابعة فيرد عليها أمران: الأول: أن ظاهر الرواية هو عدم إيمان أبي طالب، وهذا مما اتفق أئمة أهل البيت علي خلافه الثاني: أن إخراج الزوجة والزوج خلاف مقتضي التعليل الوارد في نفس هذه الرواية أضف إلي ذلک إعراض المشهور عن هذه الروايات الأربع ومخالفتها لصحيح أبي ولاد (الرواية الأولي) علي نحو التباين فخرجنا بالنتيجة التالية: أن الرأي السائد عند أتباع أئمة أهل البيت هو إرث المسلم الکافر، من دون فرق في المسلم بين کونه زوجا أو زوجة وأما هذه الروايات الأربع، فهي بين ضعيفة کمرسلة الصدوق و رواية عبد الملک بن عمير، أو مخالفة للتعليل الآبي عن التخصيص، کالرواية الثالثة، أو مخدوش في المضمون لاشتماله علي کفر أبي طالب، مضافا إلي أن إخراج الزوج والزوجة خلاف التعليل الوارد فيها وخلاف صحيحة أبي ولاد إلي هنا تمت دراسة الروايات المروية عن أئمة أهل البيت "
وبعد أن أورد السبحانى روايات الشيعة وكلها ليست فيها واحدة عن النبى(ص)ذكر رواية السنة فى المسألة فقال:
" الرابع: الآثار المروية في السنن :
ثم إن هناک آثارا مروية عن الصحابة تؤيد موقف الإمامية في المسألة، وإليک بعض ما وقفنا عليه: 1
أخرج أبو داود عن عبد الله بن بريدة، ان أخوين اختصما إلي يحيي بن يعمر، يهودي ومسلم فورث المسلم منهما، وقال: حدثني أبو الأسود ان رجلا حدثه، ان معاذا حدثه، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: الإسلام يزيد ولا ينقص، فورث المسلم"
2أخرج أبو داود عن عبد الله بن بريدة، عن يحيي بن يعمر، عن أبي الأسود الدؤلي ان معاذا أتي بميراث يهودي وارثه مسلم، بمعناه عن النبي (ص)
3أخرج الدارمي عن مسروق قال: کان معاوية يورث المسلم من الکافر ولا يورث الکافر من المسلم، قال: قال مسروق: وما حدث في الإسلام قضاء أحب إلي منه، قيل لأبي محمد تقول بهذا، قال: لا
قال السيد المرتضي بعد نقل قضاء معاذ: ونظائر هذا الخبر موجودة کثيرة في رواياتهم وعلي کل تقدير ففي الکتاب مع ما تضافر من الروايات عن أئمة أهل البيت وفي هذه الآثار کفاية لمن رام الحق، ولکن لا يتم الإفتاء إلا بدراسة دليل المخالف فانتظر"
ذكر هنا روايات عن السنة ليس فيها واحدة عن النبى(ص)والغريب ان عند السنة وقد تكون عند الشيعة أن عقيل الكافر عند الورث ورث أبو طالب ولم يرثه على ولا جعفر المسلمين ولا أدرى كيف فات هذا ألأمر على السبحانى والشيعة
ثم حدثنا السبحانى فقال :
" الخامس: حرمان المسلم خلاف الامتنان إن من درس موارد الحرمان في الإرث يقف علي أنه إما للإرغام، أو لضعة الوارث والأول کما في القاتل فلا يرث المقتول، وذلک لأنه حاول بقتله أن يرثه معجلا، فانعکس الأمر وصار محروما بتاتا و الثاني کما في الرق حيث لا يرث الحر لضعة مرتبته ودرجته فعلي ضوء ما ذکرنا يجب أن يرث الکافر المسلم دون العکس، وإلا يلزم أن يکون حرمان المسلم إرث الکافر إرغاما له، وهو کما تري وإن شئت قلت: إن التشريع الإسلامي قائم علي الترغيب والترهيب، ففي الموضع الذي يکون المورث کافرا والوارث علي وشک اعتناق الإسلام، فلو قيل له أنت لو أسلمت يکون جزاء إسلامک هو حرمانک من عطايا والدک وأمک التي يترکها لک، فهو يرجع إلي الوراء ويتعجب من هذا التشريع الذي يرهب مکان الترغيب، ويبعد بدل التقريب إلي الإسلام ويعده علي طرف النقيض من الترغيب إلي هنا تم ما دل علي إرث المسلم الکافر فحان حين البحث في أدلة نفاة الإرث وهي علي قسمين: 1الأحاديث الواردة في الموضوع2الآثار المنقولة عن الصحابة فإليک دراسة کل واحد علي حدة"
وما قاله السبحانى عن منع ورث العبيد من الأحرار نوع أخر من الظلم فى الميراث ثم حدثنا عن الروايات التى تمنع توارث المسلمين والكفرة من بعضهم عند أهل السنة فقال:
"أدلة القائلين بعدم التوريث:
استدل القائلون بعدم توريث المسلم من الکافر بأحاديث وآثار، نشير إلي الجميع1حديث عمرو بن شعيب أخرج أبوداود بسنده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله (ص): «لا يتوارث أهل ملتين شتي» وأخرج الدارقطني بسنده عن عمرو بن شعيب، قال: أخبرني أبي، عن جدي عبد الله بن عمرو، ان رسول الله (ص) قام
1 - سنن أبي داود3/ 126، برقم2911(30) يوم فتح مکة، قال: «لا يتوارث أهل ملتين» وأخرجه البيهقي بنفس السند، قال: لا يتوارث أهل ملتين شتيوفي لفظ آخر: ولا يتوارثون أهل ملتين ورواه أيضا ابن ماجة في سننه ونقله الدارمي عن عمر مرسلا عن النبي، وعن أبي بکر و عمر موقوفا أن رسول الله و أبا بکر وعمر قالوا: لا يتوارث أهل دينين ونقل عن عمر قال: لا يتوارث أهل ملتين ولکن الاستدلال غير تام دلالة وسندا أما الدلالة فقد أشير إليه في غير واحد من روايات أئمة أهل البيت وحاصله: ان الحديث بصدد نفي التوارث لا الإرث من کل جانب ويصدق نفي التوارث بعدم توريث الکافر من المسلم دون العکس، فلو قيل: ما تضارب زيد وعمرو، کفي في صدقه عدم الضرب من جانب واحد، فيقال: لم يکن هنا تضارب بل ضرب من جانب واحد، فالنبي(ص) بصدد نفي التوارث وهو لا ينافي الإرث من جانب واحد، وهذه الروايات وإن مرت الإشارة إليها لکن نأت بواحد منها أخرج الکليني عن جميل وهشام، عن أبي عبد الله انه قال: فيما روي الناس عن النبي (ص) انه قال: لا يتوارث أهل ملتين، قال: «نرثهم ولا يرثونا، ان الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة» هذا کله حول دلالة الرواية، وأما السند فقد تفرد بروايته عمرو بن شعيب و أبوه وجده عن رسول الله (ص)، أفيمکن ترک الکتاب بالخبر الذي تفرد به هؤلاء؟! علي أن عمرو بن شعيب مطعون به، فقد ترجم له ابن حجر في «التهذيب» ترجمة ضافية علي نحو يسلب سکون النفس إلي روايته، حيث قال: قال علي بن المديني عن يحيي بن سعيد: حديثه عندنا واه وقال علي عن ابن عيينة: حديثه عند الناس فيه شيء وقال أبو عمرو بن العلا: کان يعاب علي قتادة وعمرو بن شعيب انهما کانا لا يسمعان شيئا إلا حدثا به وقال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: له أشياء مناکير، وإنما يکتب حديثه يعتبر به فأما أن يکون حجة فلا إلي أن قال: و قال إسحاق بن منصور عن يحيي بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فهو کتاب، ومن هنا جاء ضعفه فمن قرأ ترجمته المفصلة في هذا الکتاب وأقوال العلماء المتضاربة في حقه، يقف علي أنه لا يمکن تقييد الکتاب وتخصيصه بروايته
1 - تهذيب التهذيب:8/ 48برقم80(33) 2حديث أسامة أخرج البخاري عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد ان النبي (ص) قال: لا يرث المسلم الکافر، ولا الکافر المسلم أخرج مالک عن عمرو بن عثمان بن عفان، عن أسامة بن زيد، ان رسول الله (ص) قال: لا يرث المسلم الکافر أخرج مسلم بنفس هذا السند ان النبي (ص) قال: لا يرث المسلم الکافر ولا يرث الکافر المسلم وأخرجه البيهقي في سننه ، إلي غير ذلک من المصادر يلاحظ علي الاستدلال: أولا: أنه خبر واحد تفرد بنقله أسامة بن زيد کما تفرد بنقله من نقل عنه، وطبيعة المسألة تقتضي أن يقوم بنقلها غير واحد من الصحابة والتابعين لا سيما في العهد النبوي ومن بعده حيث إن شرائح کبيرة من المجتمع کانت تبتلي بتلک الظاهرة، فتفرد أسامة بسماع الحکم دون غيره يورث الشک بالرواية وثانيا: أن ابن شهاب في سند البخاري ينقل عن علي بن الحسين، وهو عن عمرو بن عثمان، عن أسامة ان رسول الله (ص) قال: «لا يرث المسلم الکافر ولا الکافر المسلم» ، مع أن أئمة أهل البيت م ومنهم علي بن الحسين کانوا يروون و يفتون علي خلاف ذلک، فقد اشتهر أن آل محمد متفردون بهذا الرأي وثالثا: أن الدارمي نقل الحديث عن علي بن الحسين، عن أسامة بحذف عمرو بن عثمان من السند وقد نقل المرتضي في «الانتصار» أن الزهري نقله عن عمرو بن عثمان ولم يذکر علي بن الحسين، فالاختلاف في السند يوجب الطعن في الرواية ورابعا: أن أحمد بن حنبل ينقل عن مالک، عن الزهري، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد عن النبي (ص): «لا يرث المسلم الکافر» الظاهر في عدم سماعه من النبي (ص)، مباشرة خلافا لما رواه البخاري الظاهر في ذلک وهذا أيضا اختلاف واضطراب في الرواية، يحط من الاعتماد عليها
3حديث عامر الشعبي عن عامر الشعبي ان رسول الله (ص) وأبا بکر وعمر قالوا: لا يتوارث أهل دينين ولکن الرواية مرسلة، لأن الشعبي ولد بالکوفة سنة 19ه و قيل: سنة 21ه، ورأي الإمام عليا و صلي خلفه، فکيف ينقل عن النبي (ص)؟! والمعروف أن الشعبي کان من الموالين لبني أمية أعداء أهل البيت فکيف يمکن الاعتماد علي روايته؟! 4الاستدلال بالآثار المروية عن الصحابة وقد استدل بالروايات الموقوفة علي الصحابة من دون أن تسند إلي النبي (ص) وهي کثيرة: 1أخرج الدارمي عن عامر الشعبي، عن عمر قال: لا يتوارث أهل ملتين 2عن عامر ان المغيرة بنت الحارث توفيت باليمن وهي يهودية، فرکب الأشعث بن قيس وکانت عمته إلي عمر في ميراثها، فقال عمر: ليس ذلک لک، يرثها أقرب الناس منها من أهل دينها، لا يتوارث ملتان 3عن ابن سيرين، قال عمر بن الخطاب: لا يتوارث ملتان شتي ولا يحجب من لا يرث يلاحظ علي الاستدلال بهذه الآثار: أنها موقوفات لم تسند إلي النبي (ص) فهي حجة علي أصحابها علي أن قوله: «لا يتوارث أهل ملتين» أو قوله: «لا يتوارث ملتان شتي» لا يصلح دليلا علي عدم توريث المسلم من الکافر، لما عرفت من أنه يهدف إلي نفي التوارث، و يکفي في صدقه عدم توريث الکافر من المسلم نعم فهم الخليفة وأضرابه، نفي الإرث من کل جانب، ففهمهم حجة علي أنفسهم دون غيرهم ولذلک يمکن أن يقال: ان الحرمان من کلا الطرفين کان سنة للخليفة لمصلحة رآها، وليس ذلک ببعيد، فإن له نظيرا غير هذا المورد أخرج مالک في موطئه عن الثقة عنده انه سمع سعيد بن المسيب يقول: أبي عمر بن الخطاب أن يورث أحدا من الأعاجم، إلا أحدا ولد في العرب قال مالک: وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو ووضعته في أرض العرب، فهو ولدها يرثها إن ماتت و ترثه إن مات وبذلک يعلم أن ما نسب إلي سعيد بن المسيب انه قال: مضت السنة أن لا يرث المسلم الکافر فلعل مراده من السنة هو سنة الخلفاء لا سنة الرسول، وإلا لنسبها إليه (ص)وأما ما رواه البيهقي في سننه عن مالک، عن يحيي بن سعيد، عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب قال: لا نرث أهل الملل ولا يرثونا فهو مخدوش، لأن المعروف ان سعيد بن المسيب ممن يقول بالإرث، وقد نقله عنه غير واحد من الفقهاء وفي الحاوي: وحکي عن معاذ بن جبل ومعاوية ان المسلم يرث الکافر ولا يرث الکافر المسلم، وبه قال محمد بن الحنفية وسعيد بن المسيب ومسروق والنخعي والشعبي وإسحاق بن راهويه ونقله أيضا النووي في شرح صحيح مسلم "
وعاب السبحانى على تلك الروايات وجود عيوب فى سندها والغريب أنه عاب على بقيتها أنه لا يوجد فيها رواية عن النبى(ص) وهو عيب لم يقل مثله فى روايات الشيعة التى ليس فيها رواية واحدة عن النبى(ص) ولا حتى عن على كصحابى
وقد بين السبحانى نتيجة بحثه فقال :
إلي هنا تمت دراسة أدلة المانعين، وهي علي أقسام: 1غير تامة دلالة، أعني: ما يرکز علي نفي التوارث بين المسألتين الذي يصدق بنفي الإرث من جانب الکافر فقط2
تامة سندا ودلالة، مثلما أخرجه البخاري، لکنه خبر واحد لا يقاوم الکتاب
3غير تامة سندا کرواية عمرو بن شعيب، وقد عرفت ضعفها4
آثار موقوفة ليست حجة إلا علي أصحابه ابقي للمانعين دليل آخر وحاصله: ان الإرث من آثار الولاية، ولا ولاية بين الکافر والمسلم
انقطاع الولاية بين الکافر والمسلم استدل القائل بنفي التوريث مطلقا بوجه آخر، وهو انه سبحانه قال: (والذين کفروا بعضهم أولياء بعض) فإن الآية بصدد بيان نفي الولاية من الکفار والمسلمين، فإن کان المراد به الإرث فهو إشارة إلي أنه لا يرث المسلم الکافر، وإن کان المراد به مطلق الولاية ففي الإرث الولاية لأحدهما علي الآخر وقال ابن حجر: إن التوارث يتعلق بالولاية، ولا ولاية بين المسلم والکافر، لقوله تعالي: (لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء بعضهم أولياء بعض) يلاحظ عليه بأمرين: أولا: بأن الإرث من آثار الولاية في العتق وضمان الجريرة، فميراث المعتق للمعتق لأجل الولاء، وهکذا الأمر في ضمان الجريرة وأما الوراثة في غير هذين الموردين فلم يعلم أنه من آثار الولاية، بل من آثار النسب والسبب والذي يدل علي ذلک ان التوارث أمر عقلائي لا يختص بأصحاب الشرائع، بل يعم قاطبة البشر، والملاک عند الجميع هو العلقة التکوينية بين أصحاب النسب أو الاعتبارية في السبب ووجود الولاية بين الوالد والولد أو غيرهما وإن کان أمرا ثابتا مع العلقة التکوينية، لکن ليس کل مقرون بها يکون موضوعا للوراثة والذي يوضح ذلک ان الفقهاء يذکرون عند بيان أسباب الإرث، السبب والنسب مقابل الولاء أسباب ميراث الوري ثلاثة * کل يفيد ربه الوراثة وهي نکاح وولاء ونسب * ما بعدهن من مواريث سبب وثانيا: أن کون الولاية هي السبب للميراث يخالف ما عليه الحنفية و من تبعهم من أن المسلم، يرث المرتد مع انقطاع الولاية بين المسلم والمرتد قال النووي في شرح المهذب: قال أبو حنيفة والثوري: ما اکتسبه قبل الردة ورث عنه، وما اکتسب بعد الردة يکون فيها وقال النووي في شرح صحيح مسلم: أما المسلم فلا يرث المرتد عند الشافعي ومالک وربيعة وابن أبي ليلي وغيرهم، بل يکون ماله فيئا للمسلمين وقال أبو حنيفة والکوفيون والأوزاعي وإسحاق: يرثه ورثته من المسلمين، وروي ذلک عن علي و ابن مسعود وجماعة من السلف وقال في الشرح الکبير عن أحمد ما يدل علي أن ميراث المرتد لورثته من المسلمين، يروي ذلک عن أبي بکر الصديق و علي وابن مسعود (رض)، وبه قال سعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز وعطاء والشعبي والحکم والأوزاعي والثوري وابن شبرمة وأهل العراق وإسحاق ومن غريب القول: إن المسلم لا يرث الکافر ولکن الکافر يرث عتيقه المسلم، وهو منقول عن أحمد کما في الموسوعة الفقهية ونکتفي بهذا المقدار من البحث، ولعل فيه غني وکفاية لمن ألقي السمع وهو شهيد، وأما الکلام في الفروع الأخري، أعني: 1حجب المسلم الکافر2إذا أسلم الکافر قبل القسمة وبعدها3اشتراط عدم حجب المسلم الکافر في عقد الذمة فنحيل الکلام فيها إلي مجال آخر، فإن هذه الفروع اختلفت فيها کلمة الفريقين بخلاف الفرع الأول، فجماهير أهل السنة علي المنع والإمامية علي الجواز، وقد دام هذا الخلاف إلي يومنا هذا، ولعل الله يحدث بعد ذلک أمرا"
مما سبق نجد أن كل أراء فقهاء الشيعة والسنة اتفقت فى مسألة واحد واختلفوا فيما بينهم كل فريق فى المسألة الثانية حيث انقسم الشيعة لفرق فى المسألة الثانية وكذلك السنة وكما قلت فى أول الكتاب الفريقان تركوا العمل بكتاب الله فى المسألتين إلى العمل بروايات كلها حسب ما ذكر السبحانى لا يوجد فيها سوى رواية واحدة عن النبى(ص) عند السنة وهى معلولة بعمرو بن شعيب بينما روايات الفريقين ليس فيها رواية عن النبى (ص)
اليوم في 9:34 pm من طرف رضا البطاوى
» عمر الرسول (ص)
أمس في 9:43 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:11 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 9:36 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الإثنين نوفمبر 18, 2024 9:33 pm من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:39 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
السبت نوفمبر 16, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب زواج موسى ولماذا تزوج داود وسليمان كل هؤلاء النسوة؟
الجمعة نوفمبر 15, 2024 9:18 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟
الخميس نوفمبر 14, 2024 9:31 pm من طرف رضا البطاوى