قراءة فى مقال اشتراط القرشية في الإمام
الكاتب هو مهنا بن راشد بن حمد السعدي من أهل العصر والمقال يدور حول وجود شرط فى اختيار حاكم المسلمين الذى يسمى الخليفة هو أن يكون من قبيلة قريش وهو شرط يخالف كتاب الله وقد استهل السعدى المقال ببيان اختلاف أهل المذاهب فى ذلك فبين أن السنة يوجبون كونه قرشيا والشيعة يوجبون كونه قرشيا من فرع واحد هو الفرع العلوى وبعضهم يخصونه بالفرع الحسينى وأما الإباضية والسعدى على مذهبهم فلا يشترطون كونه من قريش وفى هذا قال:
"1- المذهب الإباضي :
وقع الخلاف بين المذاهب الإسلامية في اشتراط القرشية في إمام المسلمين ، فذهب أهل السنة إلى اشتراط القرشية ، وأنه لا تجوز الإمامة إلا في قريش ، ويرون أن الإمامة ليست أصلا من أصول الدين ، وإنما هي عندهم من المصالح الدنيوية ، ويرون شرعية الخلافة الراشدة وكذلك شرعية الدولة الأموية والدولة العباسية ويعتبرونهما خلافتين راشدتين ؟!!!! قال عبد المجيد بن حمده وهو من أهل السنة : " وبالإضافة إلى اعتبار شرعية الخلافة الراشدة ، اعتبرت الخلافتان الأموية والعباسية – وهما سنيتان – خلافتين راشدتين " إهـ ( أنظر : محمد ناصر ، منهج الدعوة عند الإباضية ، ص200- عبد المجيد بن حميدة ، المدارس الكلامية بإفريقية ، ص62 ) .
وذهب الشيعة الإمامية إلى حصر الإمامة في أهل البيت علي وذريته ، وقال بعضهم بتعيين الله لهم ، وقال بعض آخر بعصمتهم ، وذهب أحمد الكاتب إلى أن هذه النظرية لم تكن نظرية أهل البيت أنفسهم ولا نظرية الشيعة في القرن الأول الهجري ، بل كانوا يؤمنون بمبدأ الشورى وحق الأمة في اختيار ولاتها ، ولكن ذهبوا إلى حصر الإمامة في أهل البيت كردة فعل على بني أمية الذين حصروا الخلافة فيهم وذريتهم وألغوا نظام الشورى ( أنظر : سيف بن ناصر الخروصي ، الإرشاد في شرح مهمات الاعتقاد ، 2/194- أحمد الكاتب ، تطور الفكر السياسي الشيعي ، ص13 ، 19 ، 51 –عبد المجيد بن حميدة ، المدارس الكلامية بإفريقية ، ص244 ) .
ولست هنا بصدد مناقشة ما ذهب إليه أهل السنة والشيعة ، فذلك مبسوط في الكتب ، ومناقشة مذاهبهم يطول ، وعسى أن أجد فرصة أخرى لمناقشة أقوالهم وما استدلوا به وتوضيح أوجه الضعف فيها ، وإنما أنا راغب في هذا الموضوع أن أبين موقف المذهب الإباضي من هذه القضية الخطيرة ، وهي اشتراط الإمامة في قريش ، وعند الشيعة في أهل البيت ، فإن لهذه النظرية نتائج خطيرة على الأمة ، وهذا ما حدث بالفعل عندما تولى الحكم بنو أمية وبنو العباس ، فعاثوا في الأرض فسادا وعطلوا الحدود وانتهكوا الحرمات ، وحجتهم " الإمامة في قريش " ، وأنهم ظل الله في أرضه ، وأن الله استخلفهم في ذلك ، وأن على المسلمين السمع والطاعة ، فراحوا ينشرون ويروجون لعقيدة الجبر في أوساط المسلمين ليثبتوا الحكم لهم ولذرياتهم ، وقد امتلأت خطبهم وكلماتهم بهذه العقيدة السقيمة ، فمن ذلك ما يقوله معاوية : " الأرض لله ، وأنا خليفة الله فما أخذت فلي وما تركته للناس فبالفضل مني ... إنه لملك آتانا الله إياه " ( أنساب الأشراف ، 4/117 ) ، وقال يزيد بن معاوية : " إن معاوية بن أبي سفيان كان عبدا من عبيد الله أكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له ... وقد قلدنا الله عزوجل ما كان إليه " ( الإمامة والسياسة ، 1/204 ) ."
والكلام عن فساد الكثير من الخلفاء هو ضرب من الوهم فى الاستدلال على فساد ما اختاروا ففساد الخلفاء ليس هو الموضوع وإنما الموضوع كما ذكر فى عنوان المقال هل الخليفة قريشى أم لا ؟
ثم حدثنا السعدى عن وجهة نظر الإباضية فى الموضوع فقال:
"ولكن ما وجهة نظر المذهب الإباضي من اشتراط القرشية في الخلافة ؟
ذهب أئمة المذهب الإباضي إلى عدم اشتراط القرشية في إمام المسلمين ، بل يرون أن جميع المسلمين سواسية لنيل هذا المنصب سواء كان قرشيا أو غير قرشي بشرط توفر الشروط المطلوبة توفرها في الإمام المتمثلة في التقوى والعلم والقوة .
والإباضية حينما رفضوا مبدأ القرشية مقياسا للتفاضل بين المسلمين ، وجعلوا التقوى والورع والإلتزام بالشريعة الإسلامية هو مقياس التفاضل بين المسلمين ، إنما يسيرون في ذلك وفق تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة التي جاءت للقضاء على العصبيات القبلية والفروقات الطبقية ، وجعلت أساس التفاضل هو التقوى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } (الحجرات: من الآية13) ، " الناس سواسية " ، وما اشتراط القرشية في الإمام إلا عصبية قبلية مقيته حاربها الله تعالى ورسوله ، فالإباضية حينما رفضوا القرشية شرطا في الإمام لم يبتدعوا ذلك من عندهم ، بل استقوا ذلك من تعاليم الدين الحنيف ، قال الشيخ ناصر السابعي : " ... فإن منطلق المحكمة في ذلك - أي رفض القرشية شرطا للإمامة - هو مبدأ الشورى الذي جاءت رسالة السماء العالمية لتؤكد حق كل فرد في تحديد مصير الأمة من خلال ممارسة هذا المبدأ العظيم ، ومبدأ " الناس سواسية " الذي أعلنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فكانوا يرون أن الخلافة حق لكل مسلم مادام كفؤا لا فرق في ذلك بين قرشي وغير قرشي " إهـ ( الشيخ ناصر السابعي ، الخوارج والحقيقة الغائبة ، ص162 )
والمحكمة هم الرعيل الأول للإباضية كما هو معلوم .
قال محمد ناصر : " واختيار الإمام عن طريق الانتخاب الحر هو المبدأ الإسلامي الأصيل ، ورفض مبدأ القرشية في الحكم توافق كامل مع منهج القرآن العظيم وسنة نبيه الكريم ، فإن الإسلام لم يضع للحاكم مقياسا سوى التقوى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات: من الآية13) ، والرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أمته وهو يودعهم بأن أساس التفاضل أن لا فضل لعربي على أعجمي أو لأعجمي على عربي إلا بالتقوى ، وبهذا أكد الإسلام على ضرورة وضع التقوى على قمة الشروط عند انتخاب الحاكم المسلم " إهـ (محمد ناصر ، منهج الدعوة عند الإباضية ، ص198-199 ) .
فإذا توفرت هذه الشروط في شخص من قريش بويع بالإمامة ، ليس لأنه من قريش ولكن لكونه جديرا بهذا المنصب ، وإن وجد شخص آخر غير قرشي توافرت فيه الشروط المطلوبة بويع بالإمامة ، حتى وإن وجد من المسلمين من هم من قريش ، إلا أنهم لم تتوفر فيهم الشروط المطلوبة لمنصب الإمامة ، وإن تساوى شخصان في توفر شروط الإمامة بهما ، وأحدهما قرشي والآخر غير قرشي ، قدم القرشي قال محمود الأندلسي : " فالإمامة إذا لا تكون على أساس النسب والقرابة وإنما المقاييس الصحيحة هي التقوى والعلم والمنعة والقوة ، فإذا توفرت هذه الجوانب في قرشي فهو أولى بها من غيره وإلا فلا عبرة بالقرشية .. قال عليه السلام : " لن يزال هذا الأمر في قريش ما لم يحدثوا أحداثا ثم يزيحه الله عنهم ويلحاهم كما يلحي القضيب " رواه الإمام الربيع " إهـ ( الشيخ مهني التيواجاني وغيره ، هذه مبادئنا ، ص148 ) .
إذا فالقرشية ليست المعتمد في الإمامة ، وليست الإمامة حكرا في قريش ، بل هي حق لكل مسلم إذا توفرت فيه الشروط المطلوبة للإمامة ، ولا يلجأ للقرشية إلا عند تساوي مرشحان لمنصب الإمام في الصفات وكان أحدهما قرشيا والآخر غير قرشي ، قدم القرشي ، فالقرشية وسيلة للتفاضل عند تساوي المرشحان في الصفات لا غير "
ما ذكره السعدى عن نصوص الإباضيين فى الموضوع متناقض فالكتاب الحديثى المعتمد عندهم وهو مسند الربيع بن حبيب ذكر حديث قرشية الخلافة وهو ما يعنى وجوب أن يكون الخليفة قرشيا وهو قولهم:
" قال عليه السلام : " لن يزال هذا الأمر في قريش ما لم يحدثوا أحداثا ثم يزيحه الله عنهم ويلحاهم كما يلحي القضيب " رواه الإمام الربيع"
وأما ما ذكره من آراء الفقهاء فيخالف ذكر الربيع بن حبيب للحديث فى مسنده
وقطعا معظم ما وقع من خلافات مذهبية سببه هو :
أن القوم يتركون كتاب الله اليقينى القطعى إلى روايات معظمها لم يقله النبى(ص)ولا أحد متيقن من قوله للبقية الصغيرة الصحيحة لكون الروايات كما يقول أهل الحديث أحاديث آحاد لا يمكن التيقن أو عدم التيقن من نسبتها للنبى(ص)
نصوص القرآن فى مسألة الحكام واضحة وهى :
1-قوله تعالى فى سورة الشورى:
"وأمرهم شورى بينهم "
فالحكام ومن يختارونهم هم مسلمون جميعا من أى قبيلة ومن أى مكان ومن أى لغة ومن أى لون
2-قوله تعالى فى سورة الحديد:
"لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا"
هذه الآية تقصر اختيار الحكام أى أصحاب المناصب فى أول الدولة الإسلامية على المجاهدين قبل فتح مكة ومن ثم فالمهاجرين وهم من قريش وغيرها من القبائل والشعوب المختلفة ومنهم أبى ذر الغفارى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وسلمان الفارسى والأنصار وهم أهل المدينة هم من يستحقون تولى المناصب فى عهد النبى(ص) وبعدهولا يحق للمجاهدين بعد الفتح تولى تلك المناصب إلا بعد موت هؤلاء المجاهدين قبل الفتح ومن هنا لا وجود للدولة الأموية ولا لغيرها ممن جاء بعدها فى كتب التاريخ الكاذبة التى تبين أن المسلمين كفروا وولوا أحد ممن اسلم بعد الفتح الخلافة وهو لم يجاهد مع النبى (ص) أو سكتوا على توليه الخلافة بقوة السلاح والخديعة
3-قوله تعالى فى سورة البقرة:
"وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم"
بين أن شرط منصب الملك وهو الحاكم هو كثرة العلم وصحة الجسم وليس كثرة المال" ولم يؤت سعة من المال" ولا الانتماء لعائلة معينة " ونحن أحق بالملك منه"
الكاتب هو مهنا بن راشد بن حمد السعدي من أهل العصر والمقال يدور حول وجود شرط فى اختيار حاكم المسلمين الذى يسمى الخليفة هو أن يكون من قبيلة قريش وهو شرط يخالف كتاب الله وقد استهل السعدى المقال ببيان اختلاف أهل المذاهب فى ذلك فبين أن السنة يوجبون كونه قرشيا والشيعة يوجبون كونه قرشيا من فرع واحد هو الفرع العلوى وبعضهم يخصونه بالفرع الحسينى وأما الإباضية والسعدى على مذهبهم فلا يشترطون كونه من قريش وفى هذا قال:
"1- المذهب الإباضي :
وقع الخلاف بين المذاهب الإسلامية في اشتراط القرشية في إمام المسلمين ، فذهب أهل السنة إلى اشتراط القرشية ، وأنه لا تجوز الإمامة إلا في قريش ، ويرون أن الإمامة ليست أصلا من أصول الدين ، وإنما هي عندهم من المصالح الدنيوية ، ويرون شرعية الخلافة الراشدة وكذلك شرعية الدولة الأموية والدولة العباسية ويعتبرونهما خلافتين راشدتين ؟!!!! قال عبد المجيد بن حمده وهو من أهل السنة : " وبالإضافة إلى اعتبار شرعية الخلافة الراشدة ، اعتبرت الخلافتان الأموية والعباسية – وهما سنيتان – خلافتين راشدتين " إهـ ( أنظر : محمد ناصر ، منهج الدعوة عند الإباضية ، ص200- عبد المجيد بن حميدة ، المدارس الكلامية بإفريقية ، ص62 ) .
وذهب الشيعة الإمامية إلى حصر الإمامة في أهل البيت علي وذريته ، وقال بعضهم بتعيين الله لهم ، وقال بعض آخر بعصمتهم ، وذهب أحمد الكاتب إلى أن هذه النظرية لم تكن نظرية أهل البيت أنفسهم ولا نظرية الشيعة في القرن الأول الهجري ، بل كانوا يؤمنون بمبدأ الشورى وحق الأمة في اختيار ولاتها ، ولكن ذهبوا إلى حصر الإمامة في أهل البيت كردة فعل على بني أمية الذين حصروا الخلافة فيهم وذريتهم وألغوا نظام الشورى ( أنظر : سيف بن ناصر الخروصي ، الإرشاد في شرح مهمات الاعتقاد ، 2/194- أحمد الكاتب ، تطور الفكر السياسي الشيعي ، ص13 ، 19 ، 51 –عبد المجيد بن حميدة ، المدارس الكلامية بإفريقية ، ص244 ) .
ولست هنا بصدد مناقشة ما ذهب إليه أهل السنة والشيعة ، فذلك مبسوط في الكتب ، ومناقشة مذاهبهم يطول ، وعسى أن أجد فرصة أخرى لمناقشة أقوالهم وما استدلوا به وتوضيح أوجه الضعف فيها ، وإنما أنا راغب في هذا الموضوع أن أبين موقف المذهب الإباضي من هذه القضية الخطيرة ، وهي اشتراط الإمامة في قريش ، وعند الشيعة في أهل البيت ، فإن لهذه النظرية نتائج خطيرة على الأمة ، وهذا ما حدث بالفعل عندما تولى الحكم بنو أمية وبنو العباس ، فعاثوا في الأرض فسادا وعطلوا الحدود وانتهكوا الحرمات ، وحجتهم " الإمامة في قريش " ، وأنهم ظل الله في أرضه ، وأن الله استخلفهم في ذلك ، وأن على المسلمين السمع والطاعة ، فراحوا ينشرون ويروجون لعقيدة الجبر في أوساط المسلمين ليثبتوا الحكم لهم ولذرياتهم ، وقد امتلأت خطبهم وكلماتهم بهذه العقيدة السقيمة ، فمن ذلك ما يقوله معاوية : " الأرض لله ، وأنا خليفة الله فما أخذت فلي وما تركته للناس فبالفضل مني ... إنه لملك آتانا الله إياه " ( أنساب الأشراف ، 4/117 ) ، وقال يزيد بن معاوية : " إن معاوية بن أبي سفيان كان عبدا من عبيد الله أكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له ... وقد قلدنا الله عزوجل ما كان إليه " ( الإمامة والسياسة ، 1/204 ) ."
والكلام عن فساد الكثير من الخلفاء هو ضرب من الوهم فى الاستدلال على فساد ما اختاروا ففساد الخلفاء ليس هو الموضوع وإنما الموضوع كما ذكر فى عنوان المقال هل الخليفة قريشى أم لا ؟
ثم حدثنا السعدى عن وجهة نظر الإباضية فى الموضوع فقال:
"ولكن ما وجهة نظر المذهب الإباضي من اشتراط القرشية في الخلافة ؟
ذهب أئمة المذهب الإباضي إلى عدم اشتراط القرشية في إمام المسلمين ، بل يرون أن جميع المسلمين سواسية لنيل هذا المنصب سواء كان قرشيا أو غير قرشي بشرط توفر الشروط المطلوبة توفرها في الإمام المتمثلة في التقوى والعلم والقوة .
والإباضية حينما رفضوا مبدأ القرشية مقياسا للتفاضل بين المسلمين ، وجعلوا التقوى والورع والإلتزام بالشريعة الإسلامية هو مقياس التفاضل بين المسلمين ، إنما يسيرون في ذلك وفق تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة التي جاءت للقضاء على العصبيات القبلية والفروقات الطبقية ، وجعلت أساس التفاضل هو التقوى { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } (الحجرات: من الآية13) ، " الناس سواسية " ، وما اشتراط القرشية في الإمام إلا عصبية قبلية مقيته حاربها الله تعالى ورسوله ، فالإباضية حينما رفضوا القرشية شرطا في الإمام لم يبتدعوا ذلك من عندهم ، بل استقوا ذلك من تعاليم الدين الحنيف ، قال الشيخ ناصر السابعي : " ... فإن منطلق المحكمة في ذلك - أي رفض القرشية شرطا للإمامة - هو مبدأ الشورى الذي جاءت رسالة السماء العالمية لتؤكد حق كل فرد في تحديد مصير الأمة من خلال ممارسة هذا المبدأ العظيم ، ومبدأ " الناس سواسية " الذي أعلنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فكانوا يرون أن الخلافة حق لكل مسلم مادام كفؤا لا فرق في ذلك بين قرشي وغير قرشي " إهـ ( الشيخ ناصر السابعي ، الخوارج والحقيقة الغائبة ، ص162 )
والمحكمة هم الرعيل الأول للإباضية كما هو معلوم .
قال محمد ناصر : " واختيار الإمام عن طريق الانتخاب الحر هو المبدأ الإسلامي الأصيل ، ورفض مبدأ القرشية في الحكم توافق كامل مع منهج القرآن العظيم وسنة نبيه الكريم ، فإن الإسلام لم يضع للحاكم مقياسا سوى التقوى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ( الحجرات: من الآية13) ، والرسول صلى الله عليه وسلم أوصى أمته وهو يودعهم بأن أساس التفاضل أن لا فضل لعربي على أعجمي أو لأعجمي على عربي إلا بالتقوى ، وبهذا أكد الإسلام على ضرورة وضع التقوى على قمة الشروط عند انتخاب الحاكم المسلم " إهـ (محمد ناصر ، منهج الدعوة عند الإباضية ، ص198-199 ) .
فإذا توفرت هذه الشروط في شخص من قريش بويع بالإمامة ، ليس لأنه من قريش ولكن لكونه جديرا بهذا المنصب ، وإن وجد شخص آخر غير قرشي توافرت فيه الشروط المطلوبة بويع بالإمامة ، حتى وإن وجد من المسلمين من هم من قريش ، إلا أنهم لم تتوفر فيهم الشروط المطلوبة لمنصب الإمامة ، وإن تساوى شخصان في توفر شروط الإمامة بهما ، وأحدهما قرشي والآخر غير قرشي ، قدم القرشي قال محمود الأندلسي : " فالإمامة إذا لا تكون على أساس النسب والقرابة وإنما المقاييس الصحيحة هي التقوى والعلم والمنعة والقوة ، فإذا توفرت هذه الجوانب في قرشي فهو أولى بها من غيره وإلا فلا عبرة بالقرشية .. قال عليه السلام : " لن يزال هذا الأمر في قريش ما لم يحدثوا أحداثا ثم يزيحه الله عنهم ويلحاهم كما يلحي القضيب " رواه الإمام الربيع " إهـ ( الشيخ مهني التيواجاني وغيره ، هذه مبادئنا ، ص148 ) .
إذا فالقرشية ليست المعتمد في الإمامة ، وليست الإمامة حكرا في قريش ، بل هي حق لكل مسلم إذا توفرت فيه الشروط المطلوبة للإمامة ، ولا يلجأ للقرشية إلا عند تساوي مرشحان لمنصب الإمام في الصفات وكان أحدهما قرشيا والآخر غير قرشي ، قدم القرشي ، فالقرشية وسيلة للتفاضل عند تساوي المرشحان في الصفات لا غير "
ما ذكره السعدى عن نصوص الإباضيين فى الموضوع متناقض فالكتاب الحديثى المعتمد عندهم وهو مسند الربيع بن حبيب ذكر حديث قرشية الخلافة وهو ما يعنى وجوب أن يكون الخليفة قرشيا وهو قولهم:
" قال عليه السلام : " لن يزال هذا الأمر في قريش ما لم يحدثوا أحداثا ثم يزيحه الله عنهم ويلحاهم كما يلحي القضيب " رواه الإمام الربيع"
وأما ما ذكره من آراء الفقهاء فيخالف ذكر الربيع بن حبيب للحديث فى مسنده
وقطعا معظم ما وقع من خلافات مذهبية سببه هو :
أن القوم يتركون كتاب الله اليقينى القطعى إلى روايات معظمها لم يقله النبى(ص)ولا أحد متيقن من قوله للبقية الصغيرة الصحيحة لكون الروايات كما يقول أهل الحديث أحاديث آحاد لا يمكن التيقن أو عدم التيقن من نسبتها للنبى(ص)
نصوص القرآن فى مسألة الحكام واضحة وهى :
1-قوله تعالى فى سورة الشورى:
"وأمرهم شورى بينهم "
فالحكام ومن يختارونهم هم مسلمون جميعا من أى قبيلة ومن أى مكان ومن أى لغة ومن أى لون
2-قوله تعالى فى سورة الحديد:
"لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا"
هذه الآية تقصر اختيار الحكام أى أصحاب المناصب فى أول الدولة الإسلامية على المجاهدين قبل فتح مكة ومن ثم فالمهاجرين وهم من قريش وغيرها من القبائل والشعوب المختلفة ومنهم أبى ذر الغفارى وبلال الحبشى وصهيب الرومى وسلمان الفارسى والأنصار وهم أهل المدينة هم من يستحقون تولى المناصب فى عهد النبى(ص) وبعدهولا يحق للمجاهدين بعد الفتح تولى تلك المناصب إلا بعد موت هؤلاء المجاهدين قبل الفتح ومن هنا لا وجود للدولة الأموية ولا لغيرها ممن جاء بعدها فى كتب التاريخ الكاذبة التى تبين أن المسلمين كفروا وولوا أحد ممن اسلم بعد الفتح الخلافة وهو لم يجاهد مع النبى (ص) أو سكتوا على توليه الخلافة بقوة السلاح والخديعة
3-قوله تعالى فى سورة البقرة:
"وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم"
بين أن شرط منصب الملك وهو الحاكم هو كثرة العلم وصحة الجسم وليس كثرة المال" ولم يؤت سعة من المال" ولا الانتماء لعائلة معينة " ونحن أحق بالملك منه"
أمس في 9:43 pm من طرف رضا البطاوى
» قراءة فى قصة طفولية المسيح عيسى(ص)
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:11 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى بحث خطأ في فهم مراد الفضيل بن عياض بخصوص ترك العمل لأجل الناس
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 9:36 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى قصة هاروت وماروت
الإثنين نوفمبر 18, 2024 9:33 pm من طرف رضا البطاوى
» أكذوبة سرقة قصة إنقاذ إبراهيم من نار نمرود
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:39 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال السرقة المزعومة لسورة مريم
السبت نوفمبر 16, 2024 9:51 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات فى كتاب زواج موسى ولماذا تزوج داود وسليمان كل هؤلاء النسوة؟
الجمعة نوفمبر 15, 2024 9:18 pm من طرف رضا البطاوى
» نظرات في مقال كيف يقوم المخ بالحكم الأخلاقى على الأشياء؟
الخميس نوفمبر 14, 2024 9:31 pm من طرف رضا البطاوى
» نقد كتاب إبطال ما استدلّ به لإمامة أبي بكر
الأربعاء نوفمبر 13, 2024 8:56 pm من طرف رضا البطاوى